[ ص: 395 ] ( فصل ) : وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=29553الغلو في بعض المشايخ : إما في الشيخ
" عدي " ويونس القتي أو
الحلاج وغيرهم ; بل الغلو في
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبى طالب - رضي الله عنه - ونحوه بل الغلو في
المسيح عليه السلام ونحوه .
فكل من غلا في حي ; أو في رجل صالح كمثل
علي - رضي الله عنه - أو "
عدي " أو نحوه ; أو فيمن يعتقد فيه الصلاح ;
كالحلاج أو
الحاكم الذي كان
بمصر أو
يونس القتي ونحوهم وجعل فيه نوعا من الإلهية مثل أن
nindex.php?page=treesubj&link=29431_28685يقول : كل رزق لا يرزقنيه الشيخ فلان ما أريده أو
nindex.php?page=treesubj&link=28682_29431يقول إذا ذبح شاة : باسم سيدي ، أو يعبده بالسجود له أو لغيره أو يدعوه من دون الله تعالى ; مثل أن يقول : يا سيدي فلان اغفر لي أو ارحمني أو انصرني أو ارزقني أو أغثني أو أجرني أو توكلت عليك أو أنت حسبي ; أو أنا في حسبك ; أو نحو هذه الأقوال والأفعال ; التي هي من خصائص الربوبية التي لا تصلح إلا لله تعالى فكل هذا شرك وضلال يستتاب صاحبه فإن تاب وإلا قتل ، فإن الله إنما أرسل الرسل وأنزل الكتب لنعبد الله وحده لا شريك له ولا نجعل مع الله إلها آخر .
[ ص: 396 ] والذين كانوا يدعون مع الله آلهة أخرى - مثل : الشمس والقمر والكواكب
والعزير والمسيح والملائكة واللات والعزى ، ومناة الثالثة الأخرى ، ويغوث ويعوق ونسر أو غير ذلك - لم يكونوا يعتقدون أنها تخلق الخلائق ; أو أنها تنزل المطر أو أنها تنبت النبات وإنما كانوا يعبدون الأنبياء والملائكة والكواكب والجن والتماثيل المصورة لهؤلاء أو يعبدون قبورهم ويقولون : إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى .
ويقولون : هم شفعاؤنا عند الله ، فأرسل الله رسله تنهى أن يدعى أحد من دونه لا دعاء عبادة ; ولا دعاء استغاثة .
وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=56قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=57أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا } .
قال طائفة من
السلف : كان أقوام يدعون
المسيح وعزيرا والملائكة ; فقال الله لهم : هؤلاء الذين تدعونهم يتقربون إلي كما تتقربون ويرجون رحمتي كما ترجون رحمتي ويخافون عذابي كما تخافون عذابي ، وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=22قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير } {
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=23ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له } فأخبر سبحانه : أن ما يدعى من دون الله ليس له مثقال ذرة
[ ص: 397 ] في الملك ولا شرك في الملك وأنه ليس له من الخلق عون يستعين به وأنه لا تنفع الشفاعة عنده إلا بإذنه .
وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=26وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=43أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=44قل لله الشفاعة جميعا له ملك السماوات والأرض ثم إليه ترجعون } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=18ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض } الآية .
وعبادة الله وحده : هي
nindex.php?page=treesubj&link=29428أصل الدين وهو التوحيد الذي بعث الله به الرسل وأنزل به الكتب فقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=45واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=36ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=25وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون } .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحقق التوحيد ويعلمه أمته حتى {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595498قال له رجل : ما شاء الله وشئت .
فقال : أجعلتني لله ندا ؟ بل ما شاء الله وحده } وقال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30523لا تقولوا : ما شاء الله وشاء محمد ; ولكن ما شاء الله ثم شاء محمد } ونهى عن
nindex.php?page=treesubj&link=16377الحلف بغير الله فقال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595499من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت }
[ ص: 398 ] وقال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36247من حلف بغير الله فقد أشرك } وقال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30388لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا : عبد الله ورسوله } .
ولهذا اتفق العلماء على أنه ليس لأحد أن يحلف بمخلوق
كالكعبة ونحوها .
ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن السجود له ولما سجد بعض أصحابه نهاه عن ذلك وقال : {
لا يصلح السجود إلا لله } وقال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=29372لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها } وقال
nindex.php?page=showalam&ids=32لمعاذ بن جبل - رضي الله عنه - : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595501أرأيت لو مررت بقبري أكنت ساجدا له ؟ قال : لا .
قال : فلا تسجد لي } .
ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن
nindex.php?page=treesubj&link=28698اتخاذ القبور مساجد ; فقال في مرض موته : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595502لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما فعلوا } قالت
عائشة رضي الله عنها ولولا ذلك لأبرز قبره ; ولكن كره أن يتخذ مسجدا .
وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال قبل أن يموت بخمس : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595503إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ألا فلا تتخذوا بيتي عيدا ولا بيوتكم قبورا وصلوا علي حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني } ولهذا اتفق أئمة الإسلام على أنه لا يشرع
nindex.php?page=treesubj&link=28697بناء المسجد على القبور ، ولا تشرع
nindex.php?page=treesubj&link=28698الصلاة عند القبور ; بل كثير من العلماء يقول الصلاة عندها باطلة .
[ ص: 399 ] والسنة في زيارة قبور المسلمين نظير الصلاة عليهم قبل الدفن قال الله تعالى في كتابه عن المنافقين {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=84ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره } فكان دليل الخطاب أن المؤمنين يصلى عليهم ويقام على قبورهم .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595504السلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين .
وإنا إن شاء الله بكم لاحقون يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين .
نسأل الله لنا ولكم العافية .
اللهم لا تحرمنا أجرهم ; ولا تفتنا بعدهم ; واغفر لنا ولهم } .
وذلك أن من أكبر أسباب عبادة الأوثان كان
nindex.php?page=treesubj&link=28695التعظيم للقبور بالعبادة ونحوها ، قال الله تعالى في كتابه : {
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=23وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا } .
قال طائفة من
السلف : كانت هذه أسماء قوم صالحين ; فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم وعبدوها .
ولهذا اتفق العلماء على أن من سلم على النبي صلى الله عليه وسلم عند قبره أنه لا يتمسح بحجرته ولا يقبلها لأن التقبيل والاستلام إنما يكون لأركان بيت الله الحرام فلا يشبه بيت المخلوق ببيت الخالق .
وكذلك الطواف والصلاة والاجتماع للعبادات إنما تقصد في بيوت الله وهي المساجد التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه .
فلا تقصد بيوت المخلوقين فتتخذ عيدا كما قال صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595505لا تتخذوا بيتي عيدا } كل هذا لتحقيق
[ ص: 400 ] التوحيد الذي هو أصل الدين ورأسه الذي لا يقبل الله عملا إلا به ويغفر لصاحبه ولا يغفر لمن تركه وكما قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما } ولهذا كانت كلمة التوحيد أفضل الكلام ، وأعظمه
nindex.php?page=treesubj&link=28891فأعظم آية في القرآن آية الكرسي {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=255الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم } .
وقال صلى الله عليه وسلم ( {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595506من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة } .
والإله : الذي يألهه القلب عبادة له واستعانة ورجاء له وخشية وإجلالا وإكراما .
[ ص: 395 ] ( فَصْلٌ ) : وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=29553الْغُلُوُّ فِي بَعْضِ الْمَشَايِخِ : إمَّا فِي الشَّيْخِ
" عَدِيٍّ " وَيُونُسَ القتي أَوْ
الْحَلَّاجِ وَغَيْرِهِمْ ; بَلْ الْغُلُوُّ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيِّ بْنِ أَبَى طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَنَحْوِهِ بَلْ الْغُلُوُّ فِي
الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَنَحْوِهِ .
فَكُلُّ مَنْ غَلَا فِي حَيٍّ ; أَوْ فِي رَجُلٍ صَالِحٍ كَمِثْلِ
عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَوْ "
عَدِيٍّ " أَوْ نَحْوِهِ ; أَوْ فِيمَنْ يُعْتَقَدُ فِيهِ الصَّلَاحُ ;
كَالْحَلَّاجِ أَوْ
الْحَاكِمِ الَّذِي كَانَ
بِمِصْرِ أَوْ
يُونُسَ القتي وَنَحْوِهِمْ وَجَعَلَ فِيهِ نَوْعًا مِنْ الْإِلَهِيَّةِ مِثْلَ أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=29431_28685يَقُولَ : كُلُّ رِزْقٍ لَا يَرْزُقُنِيهِ الشَّيْخُ فُلَانٌ مَا أُرِيدُهُ أَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=28682_29431يَقُولَ إذَا ذَبَحَ شَاةً : بِاسْمِ سَيِّدِي ، أَوْ يَعْبُدُهُ بِالسُّجُودِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ أَوْ يَدْعُوهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى ; مِثْلَ أَنْ يَقُولَ : يَا سَيِّدِي فُلَانُ اغْفِرْ لِي أَوْ ارْحَمْنِي أَوْ اُنْصُرْنِي أَوْ اُرْزُقْنِي أَوْ أَغِثْنِي أَوْ أَجِرْنِي أَوْ تَوَكَّلْت عَلَيْك أَوْ أَنْتَ حَسْبِي ; أَوْ أَنَا فِي حَسْبِك ; أَوْ نَحْوَ هَذِهِ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ ; الَّتِي هِيَ مِنْ خَصَائِصِ الرُّبُوبِيَّةِ الَّتِي لَا تَصْلُحُ إلَّا لِلَّهِ تَعَالَى فَكُلُّ هَذَا شِرْكٌ وَضَلَالٌ يُسْتَتَابُ صَاحِبُهُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ ، فَإِنَّ اللَّهَ إنَّمَا أَرْسَلَ الرُّسُلَ وَأَنْزَلَ الْكُتُبَ لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَلَا نَجْعَلَ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ .
[ ص: 396 ] وَاَلَّذِينَ كَانُوا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى - مِثْلَ : الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْكَوَاكِبِ
وَالْعُزَيْرِ وَالْمَسِيحِ وَالْمَلَائِكَةِ واللات وَالْعُزَّى ، وَمَنَاةَ الثَّالِثَةِ الْأُخْرَى ، وَيَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ - لَمْ يَكُونُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّهَا تَخْلُقُ الْخَلَائِقَ ; أَوْ أَنَّهَا تُنْزِلُ الْمَطَرَ أَوْ أَنَّهَا تُنْبِتُ النَّبَاتَ وَإِنَّمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ الْأَنْبِيَاءَ وَالْمَلَائِكَةَ وَالْكَوَاكِبَ وَالْجِنَّ وَالتَّمَاثِيلَ الْمُصَوَّرَةَ لِهَؤُلَاءِ أَوْ يَعْبُدُونَ قُبُورَهُمْ وَيَقُولُونَ : إنَّمَا نَعْبُدُهُمْ لِيُقَرِّبُونَا إلَى اللَّهِ زُلْفَى .
وَيَقُولُونَ : هُمْ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ رُسُلَهُ تَنْهَى أَنْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ دُونِهِ لَا دُعَاءَ عِبَادَةٍ ; وَلَا دُعَاءَ اسْتِغَاثَةٍ .
وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=56قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=57أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا } .
قَالَ طَائِفَةٌ مِنْ
السَّلَفِ : كَانَ أَقْوَامٌ يَدْعُونَ
الْمَسِيحَ وَعُزَيْرًا وَالْمَلَائِكَةَ ; فَقَالَ اللَّهُ لَهُمْ : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تَدْعُونَهُمْ يَتَقَرَّبُونَ إلَيَّ كَمَا تَتَقَرَّبُونَ وَيَرْجُونَ رَحْمَتِي كَمَا تَرْجُونَ رَحْمَتِي وَيَخَافُونَ عَذَابِي كَمَا تَخَافُونَ عَذَابِي ، وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=22قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=23وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ : أَنَّ مَا يُدْعَى مِنْ دُونِ اللَّهِ لَيْسَ لَهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ
[ ص: 397 ] فِي الْمُلْكِ وَلَا شِرْكَ فِي الْمُلْكِ وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مِنْ الْخَلْقِ عَوْنٌ يَسْتَعِينُ بِهِ وَأَنَّهُ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إلَّا بِإِذْنِهِ .
وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=26وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=43أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=44قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إلَيْهِ تُرْجَعُونَ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=18وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ } الْآيَةَ .
وَعِبَادَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ : هِيَ
nindex.php?page=treesubj&link=29428أَصْلُ الدِّينِ وَهُوَ التَّوْحِيدُ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ الرُّسُلَ وَأَنْزَلَ بِهِ الْكُتُبَ فَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=45وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=36وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=25وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إلَّا نُوحِي إلَيْهِ أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ } .
وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَقِّقُ التَّوْحِيدَ وَيُعَلِّمُهُ أُمَّتَهُ حَتَّى {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595498قَالَ لَهُ رَجُلٌ : مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْت .
فَقَالَ : أَجَعَلْتِنِي لِلَّهِ نِدًّا ؟ بَلْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30523لَا تَقُولُوا : مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ ; وَلَكِنْ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ مُحَمَّدٌ } وَنَهَى عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=16377الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595499مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ }
[ ص: 398 ] وَقَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36247مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30388لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ إنَّمَا أَنَا عَبْدٌ فَقُولُوا : عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ } .
وَلِهَذَا اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَحْلِفَ بِمَخْلُوقِ
كَالْكَعْبَةِ وَنَحْوِهَا .
وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ السُّجُودِ لَهُ وَلَمَّا سَجَدَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ نَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ : {
لَا يَصْلُحُ السُّجُودُ إلَّا لِلَّهِ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=29372لَوْ كُنْت آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدِ لَأَمَرْت الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا } وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=32لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595501أَرَأَيْت لَوْ مَرَرْت بِقَبْرِي أَكُنْتَ سَاجِدًا لَهُ ؟ قَالَ : لَا .
قَالَ : فَلَا تَسْجُدْ لِي } .
وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28698اتِّخَاذِ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ ; فَقَالَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595502لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ يُحَذِّرُ مَا فَعَلُوا } قَالَتْ
عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأُبْرِزَ قَبْرُهُ ; وَلَكِنْ كَرِهَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا .
وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595503إنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا بَيْتِي عِيدًا وَلَا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا وَصَلُّوا عَلَيَّ حَيْثُمَا كُنْتُمْ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي } وَلِهَذَا اتَّفَقَ أَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ
nindex.php?page=treesubj&link=28697بِنَاءُ الْمَسْجِدِ عَلَى الْقُبُورِ ، وَلَا تُشْرَعُ
nindex.php?page=treesubj&link=28698الصَّلَاةُ عِنْدَ الْقُبُورِ ; بَلْ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ يَقُولُ الصَّلَاةُ عِنْدَهَا بَاطِلَةٌ .
[ ص: 399 ] وَالسُّنَّةُ فِي زِيَارَةِ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ نَظِيرُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ قَبْلَ الدَّفْنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ عَنْ الْمُنَافِقِينَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=84وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ } فَكَانَ دَلِيلُ الْخِطَابِ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَيُقَامُ عَلَى قُبُورِهِمْ .
وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ إذَا زَارُوا الْقُبُورَ أَنْ يَقُولُوا : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595504السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ دَارِ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ .
وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَمِنْكُمْ وَالْمُسْتَأْخِرِين .
نَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمْ الْعَافِيَةَ .
اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ ; وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ ; وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُمْ } .
وَذَلِكَ أَنَّ مِنْ أَكْبَرِ أَسْبَابِ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=28695التَّعْظِيمُ لِلْقُبُورِ بِالْعِبَادَةِ وَنَحْوِهَا ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=23وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا } .
قَالَ طَائِفَةٌ مِنْ
السَّلَفِ : كَانَتْ هَذِهِ أَسْمَاءَ قَوْمٍ صَالِحِينَ ; فَلَمَّا مَاتُوا عَكَفُوا عَلَى قُبُورِهِمْ ثُمَّ صَوَّرُوا تَمَاثِيلَهُمْ وَعَبَدُوهَا .
وَلِهَذَا اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ قَبْرِهِ أَنَّهُ لَا يَتَمَسَّحُ بِحُجْرَتِهِ وَلَا يُقَبِّلُهَا لِأَنَّ التَّقْبِيلَ وَالِاسْتِلَامَ إنَّمَا يَكُونُ لِأَرْكَانِ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ فَلَا يُشَبَّهُ بَيْتُ الْمَخْلُوقِ بِبَيْتِ الْخَالِقِ .
وَكَذَلِكَ الطَّوَافُ وَالصَّلَاةُ وَالِاجْتِمَاعُ لِلْعِبَادَاتِ إنَّمَا تُقْصَدُ فِي بُيُوتِ اللَّهِ وَهِيَ الْمَسَاجِدُ الَّتِي أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ .
فَلَا تُقْصَدُ بُيُوتُ الْمَخْلُوقِينَ فَتُتَّخَذُ عِيدًا كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595505لَا تَتَّخِذُوا بَيْتِي عِيدًا } كُلُّ هَذَا لِتَحْقِيقِ
[ ص: 400 ] التَّوْحِيدِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الدِّينِ وَرَأْسُهُ الَّذِي لَا يَقْبَلُ اللَّهُ عَمَلًا إلَّا بِهِ وَيَغْفِرُ لِصَاحِبِهِ وَلَا يَغْفِرُ لِمَنْ تَرَكَهُ وَكَمَا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إثْمًا عَظِيمًا } وَلِهَذَا كَانَتْ كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ أَفْضَلَ الْكَلَامِ ، وَأَعْظَمَهُ
nindex.php?page=treesubj&link=28891فَأَعْظَمُ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ آيَةُ الْكُرْسِيِّ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=255اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ } .
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595506مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ } .
وَالْإِلَهُ : الَّذِي يَأْلَهُهُ الْقَلْبُ عِبَادَةً لَهُ وَاسْتِعَانَةً وَرَجَاءً لَهُ وَخَشْيَةً وَإِجْلَالًا وَإِكْرَامًا .