(
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=26ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=26ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار ) .
اعلم أنه تعالى لما شرح أحوال الأشقياء وأحوال السعداء ، ذكر مثالا يبين الحال في حكم هذين القسمين ، وهو هذا المثل . وفيه مسائل :
المسألة الأولى : اعلم
nindex.php?page=treesubj&link=28902_32110_30495أنه تعالى ذكر شجرة موصوفة بصفات أربعة ثم شبه الكلمة الطيبة بها .
فالصفة الأولى لتلك الشجرة : كونها طيبة ، وذلك يحتمل أمورا :
أحدها : كونها طيبة المنظر والصورة والشكل .
وثانيها : كونها طيبة الرائحة .
وثالثها : كونها طيبة الثمرة يعني أن الفواكه المتولدة منها تكون لذيذة مستطابة .
ورابعها : كونها طيبة بحسب المنفعة يعني أنها كما يستلذ بأكلها فكذلك يعظم الانتفاع بها ، ويجب حمل قوله : شجرة طيبة ، على مجموع هذه الوجوه ؛ لأن اجتماعها يحصل كمال الطيب .
والصفة الثانية : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24أصلها ثابت ) أي راسخ باق آمن الانقلاع والانقطاع والزوال والفناء ؛ وذلك لأن الشيء الطيب إذا كان في معرض الانقراض والانقضاء ، فهو وإن كان يحصل الفرح بسبب وجدانه إلا أنه يعظم الحزن بسبب الخوف من زواله وانقضائه . أما إذا علم من حاله أنه باق دائم لا يزول ولا ينقضي فإنه يعظم الفرح بوجدانه ويكمل السرور بسبب الفوز به .
والصفة الثالثة : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24وفرعها في السماء ) وهذا الوصف يدل على كمال حال تلك الشجرة من وجهين :
الأول : أن ارتفاع الأغصان وقوتها في التصاعد يدل على ثبات الأصل ورسوخ العروق .
والثاني : أنها متى كانت متصاعدة مرتفعة كانت بعيدة عن عفونات الأرض وقاذورات الأبنية فكانت ثمراتها نقية طاهرة طيبة عن جميع الشوائب .
والصفة الرابعة : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ) والمراد : أن الشجرة المذكورة كانت موصوفة
[ ص: 93 ] بهذه الصفة ، وهي أن ثمرتها لا بد أن تكون حاضرة دائمة في كل الأوقات ، ولا تكون مثل الأشجار التي يكون ثمارها حاضرا في بعض الأوقات دون بعض ، فهذا شرح هذه الشجرة التي ذكرها الله تعالى في هذا الكتاب الكريم ، ومن المعلوم بالضرورة أن الرغبة في تحصيل مثل هذه الشجرة يجب أن تكون عظيمة ، وأن العاقل متى أمكنه تحصيلها وتملكها فإنه لا يجوز له أن يتغافل عنها وأن يتساهل في الفوز بها .
إذا عرفت هذا فنقول : معرفة الله تعالى والاستغراق في محبته وفي خدمته وطاعته ، تشبه هذه الشجرة في هذه الصفات الأربع .
أما الصفة الأولى : وهي كونها طيبة فهي حاصلة ، بل نقول : لا طيب ولا لذيذ في الحقيقة إلا هذه المعرفة ؛ وذلك لأن اللذة الحاصلة بتناول الفاكهة المعينة إنما حصلت لأن إدراك تلك الفاكهة أمر ملائم لمزاج البدن ، فلأجل حصول تلك الملاءمة والمناسبة حصلت تلك اللذة العظيمة ، وههنا الملائم لجوهر النفس النطقية والروح القدسية ليس إلا معرفة الله تعالى ومحبته والاستغراق في الابتهاج به ، فوجب أن تكون هذه المعرفة لذيذة جدا ، بل نقول : اللذة الحاصلة من إدراك الفاكهة يجب أن تكون أقل حالا من
nindex.php?page=treesubj&link=30387_29680_18467_30495اللذة الحاصلة بسبب إشراق جوهر النفس بمعرفة الله ، وبيان هذا التفاوت من وجوه :
الوجه الأول : أن المدركات المحسوسة إنما تصير مدركة بسبب أن سطح الحاس يلاقي سطح المحسوس فقط ، فأما أن يقال إن جوهر المحسوس نفذ في جوهر الحاس فليس الأمر كذلك ؛ لأن الأجسام يمتنع تداخلها . أما ههنا فمعرفة الله تعالى وذلك النور وذلك الإشراق صار ساريا في جوهر النفس متحدا به ، وكأن النفس عند حصول ذلك الإشراق تصير غير النفس التي كانت قبل حصول ذلك الإشراق ، فهذا فرق عظيم بين البابين .
والوجه الثاني : في الفرق أن في الالتذاذ بالفاكهة المدرك هو القوة الذائقة ، والمحسوس هو الطعم المخصوص ، وههنا المدرك هو جوهر النفس القدسية ، والمعلوم والمشعور به هو ذات الحق جل جلاله ، وصفات جلاله وإكرامه ، فوجب أن تكون نسبة إحدى اللذتين إلى الأخرى كنسبة أحد المدركين إلى الآخر .
الوجه الثالث : في الفرق أن اللذات الحاصلة بتناول الفاكهة الطيبة كلما حصلت زالت في الحال لأنها كيفية سريعة الاستحالة شديدة التغير . أما كمال الحق وجلاله فإنه ممتنع التغير والتبدل ، واستعداد جوهر النفس لقبول تلك السعادة أيضا ممتنع التغير ، فظهر الفرق العظيم من هذا الوجه .
واعلم أن الفرق بين النوعين يقرب أن يكون من وجوه غير متناهية فليكتف بهذه الوجوه الثلاثة تنبيها للعقل السليم على سائرها .
وأما الصفة الثانية وهي كون هذه الشجرة ثابتة الأصل ، فهذه الصفة في شجرة معرفة الله تعالى أقوى وأكمل ؛ وذلك لأن عروق هذه الشجرة راسخة في جوهر النفس القدسية ، وهذا الجوهر جوهر مجرد عن الكون والفساد بعيد عن التغير والفناء ، وأيضا مدد هذا الرسوخ إنما هو من تجلي جلال الله تعالى ، وهذا التجلي من لوازم كونه سبحانه في ذاته نور النور ومبدأ الظهور ، وذلك مما يمتنع عقلا زواله لأنه سبحانه واجب الوجود لذاته ، وواجب الوجود في جميع صفاته ، والتغير والفناء والتبدل والزوال والبخل والمنع محال في حقه ، فثبت أن الشجرة الموصوفة بكونها ثابتة الأصل ليست إلا هذه الشجرة .
الصفة الثالثة لهذه الشجرة : كونها بحيث يكون فرعها في السماء .
[ ص: 94 ] واعلم أن
nindex.php?page=treesubj&link=18467_30502_30495شجرة المعرفة لها أغصان صاعدة في هواء العالم الإلهي ، وأغصان صاعدة في هواء العالم الجسماني .
وأما النوع الأول : فهي أقسام كثيرة ويجمعها قوله عليه السلام : "
التعظيم لأمر الله " ويدخل فيه التأمل في دلائل معرفة الله تعالى في عالم الأرواح ، وفي عالم الأجسام ، وفي أحوال عالم الأفلاك والكواكب ، وفي أحوال العالم السفلي ، ويدخل فيه : محبة الله تعالى والشوق إلى الله تعالى والمواظبة على ذكر الله تعالى والاعتماد بالكلية على الله تعالى ، والانقطاع بالكلية عما سوى الله تعالى ، والاستقصاء في ذكر هذه الأقسام غير مطموع فيه لأنها أحوال غير متناهية .
وأما النوع الثاني : فهي أقسام كثيرة ويجمعها قوله عليه السلام : "
والشفقة على خلق الله " ويدخل فيه : الرحمة والرأفة والصفح والتجاوز عن الذنوب ، والسعي في إيصال الخير إليهم ، ودفع الشر عنهم ، ومقابلة الإساءة بالإحسان . وهذه الأقسام أيضا غير متناهية ، وهي فروع ثابتة من شجرة معرفة الله تعالى فإن الإنسان كلما كان أكثر توغلا في معرفة الله تعالى كانت هذه الأحوال عنده أكمل وأقوى وأفضل .
وأما الصفة الرابعة : فهي قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ) فهذه الشجرة أولى بهذه الصفة من الأشجار الجسمانية ؛ لأن شجرة المعرفة موجبة لهذه الأحوال ومؤثرة في حصولها ، والسبب لا ينفك عن المسبب فأثر رسوخ شجرة المعرفة في أرض القلب أن يكون نظره بالعبرة كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2فاعتبروا ياأولي الأبصار ) [ الحشر : 2 ] ، وأن يكون سماعه بالحكمة كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=18الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ) [ الزمر : 18 ] ونطقه بالصدق والصواب كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=135كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم ) [ النساء : 135 ] وقال عليه السلام : "
قولوا الحق ولو على أنفسكم " وهذا الإنسان كلما كان رسوخ شجرة المعرفة في أرض قلبه أقوى وأكمل ، كان ظهور هذه الآثار عنده أكثر ، وربما توغل في هذا الباب فيصير بحيث كلما لاحظ شيئا لاحظ الحق فيه ، وربما عظم ترقيه فيه فيصير لا يرى شيئا إلا وقد كان قد رأى الله تعالى قبله . فهذا هو المراد من قوله سبحانه وتعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ) وأيضا فما ذكرناه إشارة إلى الإلهامات النفسانية والملكات الروحانية التي تحصل في جواهر الأرواح ، ثم لا يزال يصعد منها في كل حين ولحظة ولمحة كلام طيب وعمل صالح وخضوع وخشوع وبكاء وتذلل ، كثمرة هذه الشجرة .
وأما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25بإذن ربها ) ففيه دقيقة عجيبة ؛ وذلك لأن عند حصول هذه الأحوال السنية والدرجات العالية قد يفرح الإنسان بها من حيث هي هي ، وقد يترقى فلا يفرح بها من حيث هي هي ، وإنما يفرح بها من حيث إنها من المولى ، وعند ذلك فيكون فرحه في الحقيقة بالمولى لا بهذه الأحوال ، ولذلك قال بعض المحققين : " من
nindex.php?page=treesubj&link=29554_30495آثر العرفان للعرفان فقد قال بالفاني ، ومن
nindex.php?page=treesubj&link=29554_30495آثر العرفان لا للعرفان ، بل للمعروف فقد خاض لجة الوصول ، فقد ظهر بهذا التقرير الذي شرحناه والبيان الذي فصلناه أن هذا المثال الذي ذكره الله تعالى في هذا الكتاب مثال هاد إلى عالم القدس ، وحضرة الجلال ، وسرادقات الكبرياء ، فنسأل الله تعالى مزيد الاهتداء والرحمة إنه سميع مجيب ، وذكر بعضهم في تقرير هذا المثال كلاما لا بأس به ، فقال : إنما مثل الله سبحانه وتعالى الإيمان بالشجرة ، لأن الشجرة لا تستحق أن تسمى شجرة ، إلا بثلاثة أشياء : عرق راسخ ،
[ ص: 95 ] وأصل قائم ، وأغصان عالية . كذلك الإيمان لا يتم إلا بثلاثة أشياء : معرفة في القلب ، وقول باللسان ، وعمل بالأبدان . والله أعلم .
المسألة الثانية : قال صاحب الكشاف : في نصب قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24كلمة طيبة ) وجهان :
الأول : أنه منصوب بمضمر والتقدير : جعل كلمة طيبة كشجرة طيبة ، وهو تفسير لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24ضرب الله مثلا ) .
الثاني : قال ويجوز أن ينتصب " مثلا " ، و " كلمة " بضرب ، أي ضرب كلمة طيبة مثلا بمعنى جعلها مثلا . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24كشجرة طيبة ) خبر مبتدأ محذوف ، والتقدير : هي كشجرة طيبة .
الثالث : قال صاحب " حل العقد " أظن أن الأوجه أن يجعل قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24كلمة ) عطف بيان ، والكاف في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24كشجرة ) في محل النصب بمعنى مثل شجرة طيبة .
المسألة الثالثة : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : الكلمة الطيبة هي قول لا إله إلا الله ، والشجرة الطيبة هي النخلة في قول الأكثرين . وقال صاحب " الكشاف " : إنها كل شجرة مثمرة طيبة الثمار كالنخلة وشجرة التين والعنب والرمان ، وأراد بشجرة طيبة الثمرة ، إلا أنه لم يذكرها لدلالة الكلام عليها .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24أصلها ) أي أصل هذه الشجرة الطيبة ثابت . (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24وفرعها ) أي أعلاها في السماء ، والمراد الهواء ؛ لأن كل ما سماك وعلاك فهو سماء . (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25تؤتي ) أي هذه الشجرة (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25أكلها ) أي ثمرها وما يؤكل منها (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25كل حين ) ، واختلفوا في تفسير هذا الحين ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : ستة أشهر ؛ لأن بين حملها إلى صرامها ستة أشهر . جاء رجل إلى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فقال : نذرت أن لا أكلم أخي حتى حين ، فقال : الحين ستة أشهر ، وتلا قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25تؤتي أكلها كل حين ) ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد وابن زيد : سنة لأن الشجرة من العام إلى العام تحمل الثمرة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب : شهران ؛ لأن مدة إطعام النخلة شهران . وقال
الزجاج : جميع من شاهدنا من أهل اللغة يذهبون إلى أن الحين اسم كالوقت يصلح لجميع الأزمان كلها طالت أم قصرت ، والمراد من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25تؤتي أكلها كل حين ) أنه ينتفع بها في كل وقت وفي كل ساعة ليلا أو نهارا أو شتاء أو صيفا . قالوا : والسبب فيه أن النخلة إذا تركوا عليها الثمر من السنة إلى السنة انتفعوا بها في جميع أوقات السنة .
وأقول : هؤلاء وإن أصابوا في البحث عن مفردات ألفاظ الآية ، إلا أنهم بعدوا عن إدراك المقصود ؛ لأنه تعالى وصف هذه الشجرة بالصفات المذكورة ، ولا حاجة بنا إلى أن تلك الشجرة هي النخلة أم غيرها ، فإنا نعلم بالضرورة أن الشجرة الموصوفة بالصفات الأربع المذكورة شجرة شريفة ينبغي لكل عاقل أن يسعى في تحصيلها وتملكها لنفسه سواء كان لها وجود في الدنيا أو لم يكن ؛ لأن هذه الصفة أمر مطلوب التحصيل ، واختلافهم في تفسير الحين أيضا من هذا الباب . والله أعلم بالأمور .
ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون ) والمعنى : أن
nindex.php?page=treesubj&link=32110_28902في ضرب الأمثال زيادة إفهام وتذكير وتصوير للمعاني ؛ وذلك لأن المعاني العقلية المحضة لا يقبلها الحس والخيال والوهم ، فإذا ذكر ما يساويها من المحسوسات ترك الحس والخيال والوهم تلك المنازعة وانطبق المعقول على المحسوس وحصل به الفهم التام والوصول إلى المطلوب .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=26وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=26وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ ) .
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا شَرَحَ أَحْوَالَ الْأَشْقِيَاءِ وَأَحْوَالَ السُّعَدَاءِ ، ذَكَرَ مِثَالًا يُبَيِّنُ الْحَالَ فِي حُكْمِ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ ، وَهُوَ هَذَا الْمَثَلُ . وَفِيهِ مَسَائِلُ :
المسألة الْأُولَى : اعْلَمْ
nindex.php?page=treesubj&link=28902_32110_30495أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ شَجَرَةً مَوْصُوفَةً بِصِفَاتٍ أَرْبَعَةٍ ثُمَّ شَبَّهَ الْكَلِمَةَ الطَّيِّبَةَ بِهَا .
فَالصِّفَةُ الْأُولَى لِتِلْكَ الشَّجَرَةِ : كَوْنُهَا طَيِّبَةً ، وَذَلِكَ يَحْتَمِلُ أُمُورًا :
أَحَدُهَا : كَوْنُهَا طَيِّبَةَ الْمَنْظَرِ وَالصُّورَةِ وَالشَّكْلِ .
وَثَانِيهَا : كَوْنُهَا طَيِّبَةَ الرَّائِحَةِ .
وَثَالِثُهَا : كَوْنُهَا طَيِّبَةَ الثَّمَرَةِ يَعْنِي أَنَّ الْفَوَاكِهَ الْمُتَوَلِّدَةَ مِنْهَا تَكُونُ لَذِيذَةً مُسْتَطَابَةً .
وَرَابِعُهَا : كَوْنُهَا طَيِّبَةً بِحَسَبِ الْمَنْفَعَةِ يَعْنِي أَنَّهَا كَمَا يُسْتَلَذُّ بِأَكْلِهَا فَكَذَلِكَ يَعْظُمُ الِانْتِفَاعُ بِهَا ، وَيَجِبُ حَمْلُ قَوْلِهِ : شَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ ، عَلَى مَجْمُوعِ هَذِهِ الْوُجُوهِ ؛ لِأَنَّ اجْتِمَاعَهَا يُحَصِّلُ كَمَالَ الطِّيبِ .
وَالصِّفَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24أَصْلُهَا ثَابِتٌ ) أَيْ رَاسِخٌ بَاقٍ آمِنُ الِانْقِلَاعِ وَالِانْقِطَاعِ وَالزَّوَالِ وَالْفَنَاءِ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الشَّيْءَ الطَّيِّبَ إِذَا كَانَ فِي مَعْرِضِ الِانْقِرَاضِ وَالِانْقِضَاءِ ، فَهُوَ وَإِنْ كَانَ يَحْصُلُ الْفَرَحُ بِسَبَبِ وِجْدَانِهِ إِلَّا أَنَّهُ يَعْظُمُ الْحُزْنُ بِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنْ زَوَالِهِ وَانْقِضَائِهِ . أَمَّا إِذَا عُلِمَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ بَاقٍ دَائِمٌ لَا يَزُولُ وَلَا يَنْقَضِي فَإِنَّهُ يَعْظُمُ الْفَرَحُ بِوِجْدَانِهِ وَيَكْمُلُ السُّرُورُ بِسَبَبِ الْفَوْزِ بِهِ .
وَالصِّفَةُ الثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ) وَهَذَا الْوَصْفُ يَدُلُّ عَلَى كَمَالِ حَالِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ ارْتِفَاعَ الْأَغْصَانِ وَقُوَّتَهَا فِي التَّصَاعُدِ يَدُلُّ عَلَى ثَبَاتِ الْأَصْلِ وَرُسُوخِ الْعُرُوقِ .
وَالثَّانِي : أَنَّهَا مَتَّى كَانَتْ مُتَصَاعِدَةً مُرْتَفِعَةً كَانَتْ بَعِيدَةً عَنْ عُفُونَاتِ الْأَرْضِ وَقَاذُورَاتِ الْأَبْنِيَةِ فَكَانَتْ ثَمَرَاتُهَا نَقِيَّةً طَاهِرَةً طَيِّبَةً عَنْ جَمِيعِ الشَّوَائِبِ .
وَالصِّفَةُ الرَّابِعَةُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ) وَالْمُرَادُ : أَنَّ الشَّجَرَةَ الْمَذْكُورَةَ كَانَتْ مَوْصُوفَةً
[ ص: 93 ] بِهَذِهِ الصِّفَةِ ، وَهِيَ أَنَّ ثَمَرَتَهَا لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ حَاضِرَةً دَائِمَةً فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ ، وَلَا تَكُونُ مِثْلَ الْأَشْجَارِ الَّتِي يَكُونُ ثِمَارُهَا حَاضِرًا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ دُونَ بَعْضٍ ، فَهَذَا شَرْحُ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذَا الْكِتَابِ الْكَرِيمِ ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ الرَّغْبَةَ فِي تَحْصِيلِ مِثْلِ هَذِهِ الشَّجَرَةِ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ عَظِيمَةً ، وَأَنَّ الْعَاقِلَ مَتَى أَمْكَنَهُ تَحْصِيلُهَا وَتَمَلُّكُهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَغَافَلَ عَنْهَا وَأَنْ يَتَسَاهَلَ فِي الْفَوْزِ بِهَا .
إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ : مَعْرِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَالِاسْتِغْرَاقُ فِي مَحَبَّتِهِ وَفِي خِدْمَتِهِ وَطَاعَتِهِ ، تُشْبِهُ هَذِهِ الشَّجَرَةَ فِي هَذِهِ الصِّفَاتِ الْأَرْبَعِ .
أَمَّا الصِّفَةُ الْأُولَى : وَهِيَ كَوْنُهَا طَيِّبَةً فَهِيَ حَاصِلَةٌ ، بَلْ نَقُولُ : لَا طَيِّبَ وَلَا لَذِيذَ فِي الْحَقِيقَةِ إِلَّا هَذِهِ الْمَعْرِفَةُ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّذَّةَ الْحَاصِلَةَ بِتَنَاوُلِ الْفَاكِهَةِ الْمُعَيَّنَةِ إِنَّمَا حَصَلَتْ لِأَنَّ إِدْرَاكَ تِلْكَ الْفَاكِهَةِ أَمْرٌ مُلَائِمٌ لِمِزَاجِ الْبَدَنِ ، فَلِأَجْلِ حُصُولِ تِلْكَ الْمُلَاءَمَةِ وَالْمُنَاسَبَةِ حَصَلَتْ تِلْكَ اللَّذَّةُ الْعَظِيمَةُ ، وَهَهُنَا الْمُلَائِمُ لِجَوْهَرِ النَّفْسِ النُّطْقِيَّةِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِيَّةِ لَيْسَ إِلَّا مَعْرِفَةَ اللَّهِ تَعَالَى وَمَحَبَّتَهُ وَالِاسْتِغْرَاقَ فِي الِابْتِهَاجِ بِهِ ، فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمَعْرِفَةُ لَذِيذَةً جِدًّا ، بَلْ نَقُولُ : اللَّذَّةُ الْحَاصِلَةُ مِنْ إِدْرَاكِ الْفَاكِهَةِ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ أَقَلَّ حَالًا مِنَ
nindex.php?page=treesubj&link=30387_29680_18467_30495اللَّذَّةِ الْحَاصِلَةِ بِسَبَبِ إِشْرَاقِ جَوْهَرِ النَّفْسِ بِمَعْرِفَةِ اللَّهِ ، وَبَيَانُ هَذَا التَّفَاوُتِ مِنْ وُجُوهٍ :
الوجه الْأَوَّلُ : أَنَّ الْمُدْرَكَاتِ الْمَحْسُوسَةَ إِنَّمَا تَصِيرُ مُدْرَكَةً بِسَبَبِ أَنَّ سَطْحَ الْحَاسِّ يُلَاقِي سَطْحَ الْمَحْسُوسِ فَقَطْ ، فَأَمَّا أَنْ يُقَالَ إِنَّ جَوْهَرَ الْمَحْسُوسِ نَفَذَ فِي جَوْهَرِ الْحَاسِّ فَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْأَجْسَامَ يَمْتَنِعُ تَدَاخُلُهَا . أَمَّا هَهُنَا فَمَعْرِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَذَلِكَ النُّورُ وَذَلِكَ الْإِشْرَاقُ صَارَ سَارِيًا فِي جَوْهَرِ النَّفْسِ مُتَّحِدًا بِهِ ، وَكَأَنَّ النَّفْسَ عِنْدَ حُصُولِ ذَلِكَ الْإِشْرَاقِ تَصِيرُ غَيْرَ النَّفْسِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ حُصُولِ ذَلِكَ الْإِشْرَاقِ ، فَهَذَا فَرْقٌ عَظِيمٌ بَيْنَ الْبَابَيْنِ .
وَالوجه الثَّانِي : فِي الْفَرْقِ أَنَّ فِي الِالْتِذَاذِ بِالْفَاكِهَةِ الْمُدْرِكَ هُوَ الْقُوَّةُ الذَّائِقَةُ ، وَالْمَحْسُوسَ هُوَ الطَّعْمُ الْمَخْصُوصُ ، وَهَهُنَا الْمُدْرِكُ هُوَ جَوْهَرُ النَّفْسِ الْقُدُسِيَّةِ ، وَالْمَعْلُومُ وَالْمَشْعُورُ بِهِ هُوَ ذَاتُ الْحَقِّ جَلَّ جَلَالُهُ ، وَصِفَاتُ جَلَالِهِ وَإِكْرَامِهِ ، فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ نِسْبَةُ إِحْدَى اللَّذَّتَيْنِ إِلَى الْأُخْرَى كَنِسْبَةِ أَحَدِ الْمُدْرَكَيْنِ إِلَى الْآخَرِ .
الوجه الثَّالِثُ : فِي الْفَرْقِ أَنَّ اللَّذَّاتِ الْحَاصِلَةَ بِتَنَاوُلِ الْفَاكِهَةِ الطَّيِّبَةِ كُلَّمَا حَصَلَتْ زَالَتْ فِي الْحَالِ لِأَنَّهَا كَيْفِيَّةٌ سَرِيعَةُ الِاسْتِحَالَةِ شَدِيدَةُ التَّغَيُّرِ . أَمَّا كَمَالُ الْحَقِّ وَجَلَالُهُ فَإِنَّهُ مُمْتَنِعُ التَّغَيُّرِ وَالتَّبَدُّلِ ، وَاسْتِعْدَادُ جَوْهَرِ النَّفْسِ لِقَبُولِ تِلْكَ السَّعَادَةِ أَيْضًا مُمْتَنِعُ التَّغَيُّرِ ، فَظَهَرَ الْفَرْقُ الْعَظِيمُ مِنْ هَذَا الوجه .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ النَّوْعَيْنِ يَقْرُبُ أَنْ يَكُونَ مِنْ وُجُوهٍ غَيْرِ مُتَنَاهِيَةٍ فَلْيُكْتَفَ بِهَذِهِ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ تَنْبِيهًا لِلْعَقْلِ السَّلِيمِ عَلَى سَائِرِهَا .
وَأَمَّا الصِّفَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ كَوْنُ هَذِهِ الشَّجَرَةِ ثَابِتَةَ الْأَصْلِ ، فَهَذِهِ الصِّفَةُ فِي شَجَرَةِ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَقْوَى وَأَكْمَلُ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ عُرُوقَ هَذِهِ الشَّجَرَةِ رَاسِخَةٌ فِي جَوْهَرِ النَّفْسِ الْقُدُسِيَّةِ ، وَهَذَا الْجَوْهَرُ جَوْهَرٌ مُجَرَّدٌ عَنِ الْكَوْنِ وَالْفَسَادِ بَعِيدٌ عَنِ التَّغَيُّرِ وَالْفَنَاءِ ، وَأَيْضًا مَدَدُ هَذَا الرُّسُوخِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ تَجَلِّي جَلَالِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَهَذَا التَّجَلِّي مِنْ لَوَازِمِ كَوْنِهِ سُبْحَانَهُ فِي ذَاتِهِ نُورَ النُّورِ وَمَبْدَأَ الظُّهُورِ ، وَذَلِكَ مِمَّا يَمْتَنِعُ عَقْلًا زَوَالُهُ لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَاجِبُ الْوُجُودِ لِذَاتِهِ ، وَوَاجِبُ الْوُجُودِ فِي جَمِيعِ صِفَاتِهِ ، وَالتَّغَيُّرُ وَالْفَنَاءُ وَالتَّبَدُّلُ وَالزَّوَالُ وَالْبُخْلُ وَالْمَنْعُ مُحَالٌ فِي حَقِّهِ ، فَثَبَتَ أَنَّ الشَّجَرَةَ الْمَوْصُوفَةَ بِكَوْنِهَا ثَابِتَةَ الْأَصْلِ لَيْسَتْ إِلَّا هَذِهِ الشَّجَرَةَ .
الصِّفَةُ الثَّالِثَةُ لِهَذِهِ الشَّجَرَةِ : كَوْنُهَا بِحَيْثُ يَكُونُ فَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ .
[ ص: 94 ] وَاعْلَمْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=18467_30502_30495شَجَرَةَ الْمَعْرِفَةِ لَهَا أَغْصَانٌ صَاعِدَةٌ فِي هَوَاءِ الْعَالَمِ الْإِلَهِيِّ ، وَأَغْصَانٌ صَاعِدَةٌ فِي هَوَاءِ الْعَالَمِ الْجُسْمَانِيِّ .
وَأَمَّا النوع الْأَوَّلُ : فَهِيَ أَقْسَامٌ كَثِيرَةٌ وَيَجْمَعُهَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ : "
التَّعْظِيمُ لِأَمْرِ اللَّهِ " وَيَدْخُلُ فِيهِ التَّأَمُّلُ فِي دَلَائِلِ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي عَالَمِ الْأَرْوَاحِ ، وَفِي عَالَمِ الْأَجْسَامِ ، وَفِي أَحْوَالِ عَالَمِ الْأَفْلَاكِ وَالْكَوَاكِبِ ، وَفِي أَحْوَالِ الْعَالَمِ السُّفْلِيِّ ، وَيَدْخُلُ فِيهِ : مَحَبَّةُ اللَّهِ تَعَالَى وَالشَّوْقُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالْمُوَاظَبَةُ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَالِاعْتِمَادُ بِالْكُلِّيَّةِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَالِانْقِطَاعُ بِالْكُلِّيَّةِ عَمَّا سِوَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَالِاسْتِقْصَاءُ فِي ذِكْرِ هَذِهِ الْأَقْسَامِ غَيْرُ مَطْمُوعٍ فِيهِ لِأَنَّهَا أَحْوَالٌ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ .
وَأَمَّا النوع الثَّانِي : فَهِيَ أَقْسَامٌ كَثِيرَةٌ وَيَجْمَعُهَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ : "
وَالشَّفَقَةُ عَلَى خَلْقِ اللَّهِ " وَيَدْخُلُ فِيهِ : الرَّحْمَةُ وَالرَّأْفَةُ وَالصَّفْحُ وَالتَّجَاوُزُ عَنِ الذُّنُوبِ ، وَالسَّعْيُ فِي إِيصَالِ الْخَيْرِ إِلَيْهِمْ ، وَدَفْعِ الشَّرِّ عَنْهُمْ ، وَمُقَابَلَةُ الْإِسَاءَةِ بِالْإِحْسَانِ . وَهَذِهِ الْأَقْسَامُ أَيْضًا غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ ، وَهِيَ فُرُوعٌ ثَابِتَةٌ مِنْ شَجَرَةِ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كُلَّمَا كَانَ أَكْثَرَ تَوَغُّلًا فِي مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى كَانَتْ هَذِهِ الْأَحْوَالُ عِنْدَهُ أَكْمَلَ وَأَقْوَى وَأَفْضَلَ .
وَأَمَّا الصِّفَةُ الرَّابِعَةُ : فَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ) فَهَذِهِ الشَّجَرَةُ أَوْلَى بِهَذِهِ الصِّفَةِ مِنَ الْأَشْجَارِ الْجُسْمَانِيَّةِ ؛ لِأَنَّ شَجَرَةَ الْمَعْرِفَةِ مُوجِبَةٌ لِهَذِهِ الْأَحْوَالِ وَمُؤَثِّرَةٌ فِي حُصُولِهَا ، وَالسَّبَبُ لَا يَنْفَكُّ عَنِ الْمُسَبَّبِ فَأَثَرُ رُسُوخِ شَجَرَةِ الْمَعْرِفَةِ فِي أَرْضِ الْقَلْبِ أَنْ يَكُونَ نَظَرُهُ بِالْعِبْرَةِ كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ ) [ الْحَشْرِ : 2 ] ، وَأَنْ يَكُونَ سَمَاعُهُ بِالْحِكْمَةِ كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=18الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ) [ الزُّمَرِ : 18 ] وَنُطْقُهُ بِالصِّدْقِ وَالصَّوَابِ كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=135كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ ) [ النِّسَاءِ : 135 ] وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : "
قُولُوا الْحَقَّ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ " وَهَذَا الْإِنْسَانُ كُلَّمَا كَانَ رُسُوخُ شَجَرَةِ الْمَعْرِفَةِ فِي أَرْضِ قَلْبِهِ أَقْوَى وَأَكْمَلَ ، كَانَ ظُهُورُ هَذِهِ الْآثَارِ عِنْدَهُ أَكْثَرَ ، وَرُبَّمَا تَوَغَّلَ فِي هَذَا الْبَابِ فَيَصِيرُ بِحَيْثُ كَلَّمَا لَاحَظَ شَيْئًا لَاحَظَ الْحَقَّ فِيهِ ، وَرُبَّمَا عَظُمَ تَرَقِّيهِ فِيهِ فَيَصِيرُ لَا يَرَى شَيْئًا إِلَّا وَقَدْ كَانَ قَدْ رَأَى اللَّهَ تَعَالَى قَبْلَهُ . فَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ) وَأَيْضًا فَمَا ذَكَرْنَاهُ إِشَارَةٌ إِلَى الْإِلْهَامَاتِ النَّفْسَانِيَّةِ وَالْمَلَكَاتِ الرُّوحَانِيَّةِ الَّتِي تَحْصُلُ فِي جَوَاهِرِ الْأَرْوَاحِ ، ثُمَّ لَا يَزَالُ يَصْعَدُ مِنْهَا فِي كُلِّ حِينٍ وَلَحْظَةٍ وَلَمْحَةٍ كَلَامٌ طَيِّبٌ وَعَمَلٌ صَالِحٌ وَخُضُوعٌ وَخُشُوعٌ وَبُكَاءٌ وَتَذَلُّلٌ ، كَثَمَرَةِ هَذِهِ الشَّجَرَةِ .
وَأما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25بِإِذْنِ رَبِّهَا ) فَفِيهِ دَقِيقَةٌ عَجِيبَةٌ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ عِنْدَ حُصُولِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ السَّنِيَّةِ وَالدَّرَجَاتِ الْعَالِيَةِ قَدْ يَفْرَحُ الْإِنْسَانُ بِهَا مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ ، وَقَدْ يَتَرَقَّى فَلَا يَفْرَحُ بِهَا مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ ، وَإِنَّمَا يَفْرَحُ بِهَا مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا مِنَ الْمَوْلَى ، وَعِنْدَ ذَلِكَ فَيَكُونُ فَرَحُهُ فِي الْحَقِيقَةِ بِالْمَوْلَى لَا بِهَذِهِ الْأَحْوَالِ ، وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ : " مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=29554_30495آثَرَ الْعِرْفَانَ لِلْعِرْفَانِ فَقَدْ قَالَ بِالْفَانِي ، وَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=29554_30495آثَرَ الْعِرْفَانَ لَا لِلْعِرْفَانِ ، بَلْ لِلْمَعْرُوفِ فَقَدْ خَاضَ لُجَّةَ الْوُصُولِ ، فَقَدْ ظَهَرَ بِهَذَا التَّقْرِيرِ الَّذِي شَرَحْنَاهُ وَالْبَيَانِ الَّذِي فَصَّلْنَاهُ أَنَّ هَذَا الْمِثَالَ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذَا الْكِتَابِ مِثَالٌ هَادٍ إِلَى عَالَمِ الْقُدُسِ ، وَحَضْرَةِ الْجَلَالِ ، وَسُرَادِقَاتِ الْكِبْرِيَاءِ ، فَنَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى مَزِيدَ الِاهْتِدَاءِ وَالرَّحْمَةِ إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ فِي تَقْرِيرِ هَذَا الْمِثَالِ كَلَامًا لَا بَأْسَ بِهِ ، فَقَالَ : إِنَّمَا مَثَّلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْإِيمَانَ بِالشَّجَرَةِ ، لِأَنَّ الشَّجَرَةَ لَا تَسْتَحِقُّ أَنْ تُسَمَّى شَجَرَةً ، إِلَّا بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ : عِرْقٌ رَاسِخٌ ،
[ ص: 95 ] وَأَصْلٌ قَائِمٌ ، وَأَغْصَانٌ عَالِيَةٌ . كَذَلِكَ الْإِيمَانُ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ : مَعْرِفَةٌ فِي الْقَلْبِ ، وَقَوْلٌ بِاللِّسَانِ ، وَعَمَلٌ بِالْأَبْدَانِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
المسألة الثَّانِيَةُ : قَالَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ : فِي نَصْبِ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24كَلِمَةً طَيِّبَةً ) وَجْهَانِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهُ مَنْصُوبٌ بِمُضْمَرٍ وَالتَّقْدِيرُ : جَعَلَ كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ ، وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا ) .
الثَّانِي : قَالَ وَيَجُوزُ أَنْ يَنْتَصِبَ " مَثَلًا " ، وَ " كَلِمَةً " بِضَرَبَ ، أَيْ ضَرَبَ كَلِمَةً طَيِّبَةً مَثَلًا بِمَعْنَى جَعَلَهَا مَثَلًا . وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ ) خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ، وَالتَّقْدِيرُ : هِيَ كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ .
الثَّالِثُ : قَالَ صَاحِبُ " حَلِّ الْعَقْدِ " أَظُنُّ أَنَّ الْأَوْجَهَ أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24كَلِمَةً ) عَطْفَ بَيَانٍ ، وَالْكَافُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24كَشَجَرَةٍ ) فِي مَحَلِّ النَّصْبِ بِمَعْنَى مِثْلَ شَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ .
المسألة الثَّالِثَةُ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ هِيَ قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَالشَّجَرَةُ الطَّيِّبَةُ هِيَ النَّخْلَةُ فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ . وَقَالَ صَاحِبُ " الْكَشَّافِ " : إِنَّهَا كُلُّ شَجَرَةٍ مُثْمِرَةٍ طَيِّبَةِ الثِّمَارِ كَالنَّخْلَةِ وَشَجَرَةِ التِّينِ وَالْعِنَبِ وَالرُّمَّانِ ، وَأَرَادَ بِشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ الثَّمَرَةَ ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهَا لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24أَصْلُهَا ) أَيْ أَصْلُ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الطَّيِّبَةِ ثَابِتٌ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24وَفَرْعُهَا ) أَيْ أَعْلَاهَا فِي السَّمَاءِ ، وَالْمُرَادُ الْهَوَاءُ ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا سَمَاكَ وَعَلَاكَ فَهُوَ سَمَاءٌ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25تُؤْتِي ) أَيْ هَذِهِ الشَّجَرَةُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25أُكُلَهَا ) أَيْ ثَمَرَهَا وَمَا يُؤْكَلُ مِنْهَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25كُلَّ حِينٍ ) ، وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحِينِ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : سِتَّةُ أَشْهُرٍ ؛ لِأَنَّ بَيْنَ حَمْلِهَا إِلَى صِرَامِهَا سِتَّةَ أَشْهُرٍ . جَاءَ رَجُلٌ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ : نَذَرْتُ أَنْ لَا أُكَلِّمَ أَخِي حَتَّى حِينٍ ، فَقَالَ : الْحِينُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ ، وَتَلَا قَوْلَهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ ) ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ وَابْنُ زَيْدٍ : سَنَةٌ لِأَنَّ الشَّجَرَةَ مِنَ الْعَامِ إِلَى الْعَامِ تَحْمِلُ الثَّمَرَةَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ : شَهْرَانِ ؛ لِأَنَّ مُدَّةَ إِطْعَامِ النَّخْلَةِ شَهْرَانِ . وَقَالَ
الزَّجَّاجُ : جَمِيعُ مَنْ شَاهَدْنَا مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ يَذْهَبُونَ إِلَى أَنَّ الْحِينَ اسْمٌ كَالْوَقْتِ يَصْلُحُ لِجَمِيعِ الْأَزْمَانِ كُلِّهَا طَالَتْ أَمْ قَصُرَتْ ، وَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ ) أَنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ وَفِي كُلِّ سَاعَةٍ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا أَوْ شِتَاءً أَوْ صَيْفًا . قَالُوا : وَالسَّبَبُ فِيهِ أَنَّ النَّخْلَةَ إِذَا تَرَكُوا عَلَيْهَا الثَّمَرَ مِنَ السَّنَةِ إِلَى السَّنَةِ انْتَفَعُوا بِهَا فِي جَمِيعِ أَوْقَاتِ السَّنَةِ .
وَأَقُولُ : هَؤُلَاءِ وَإِنْ أَصَابُوا فِي البحث عَنْ مُفْرَدَاتِ أَلْفَاظِ الْآيَةِ ، إِلَّا أَنَّهُمْ بَعُدُوا عَنْ إِدْرَاكِ الْمَقْصُودِ ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى وَصَفَ هَذِهِ الشَّجَرَةَ بِالصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ ، وَلَا حَاجَةَ بِنَا إِلَى أَنَّ تِلْكَ الشَّجَرَةَ هِيَ النَّخْلَةُ أَمْ غَيْرُهَا ، فَإِنَّا نَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ الشَّجَرَةَ الْمَوْصُوفَةَ بِالصِّفَاتِ الْأَرْبَعِ الْمَذْكُورَةِ شَجَرَةٌ شَرِيفَةٌ يَنْبَغِي لِكُلِّ عَاقِلٍ أَنْ يَسْعَى فِي تَحْصِيلِهَا وَتَمَلُّكِهَا لِنَفْسِهِ سَوَاءً كَانَ لَهَا وُجُودٌ فِي الدُّنْيَا أَوْ لَمْ يَكُنْ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّفَةَ أَمْرٌ مَطْلُوبُ التَّحْصِيلِ ، وَاخْتِلَافُهُمْ فِي تَفْسِيرِ الْحِينِ أَيْضًا مِنْ هَذَا الْبَابِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْأُمُورِ .
ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) وَالْمَعْنَى : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32110_28902فِي ضَرْبِ الْأَمْثَالِ زِيَادَةَ إِفْهَامٍ وَتَذْكِيرٍ وَتَصْوِيرٍ لِلْمَعَانِي ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعَانِيَ الْعَقْلِيَّةَ الْمَحْضَةَ لَا يَقْبَلُهَا الْحِسُّ وَالْخَيَالُ وَالْوَهْمُ ، فَإِذَا ذُكِرَ مَا يُسَاوِيهَا مِنَ الْمَحْسُوسَاتِ تَرَكَ الْحِسُّ وَالْخَيَالُ وَالْوَهْمُ تِلْكَ الْمُنَازَعَةَ وَانْطَبَقَ الْمَعْقُولُ عَلَى الْمَحْسُوسِ وَحَصَلَ بِهِ الْفَهْمُ التَّامُّ وَالْوُصُولُ إِلَى الْمَطْلُوبِ .