القول في تأويل قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87nindex.php?page=treesubj&link=28992_31975وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ( 87 ) )
يقول تعالى ذكره : واذكر يا
محمد ذا النون ، يعني صاحب النون ، والنون : الحوت ، وإنما عنى بذي النون
يونس بن متى ، وقد ذكرنا قصته في سورة يونس بما أغنى عن ذكره في هذا الموضع ، وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87إذ ذهب مغاضبا ) يقول : حين ذهب مغاضبا .
واختلف أهل التأويل في
nindex.php?page=treesubj&link=31975_28965معنى ذهابه مغاضبا ، وعمن كان ذهابه ، وعلى من كان غضبه ، فقال بعضهم : كان ذهابه عن قومه وإياهم غاضب .
ذكر من قال ذلك : حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87وذا النون إذ ذهب مغاضبا ) يقول : غضب على قومه .
حدثت عن
الحسين ، قال : سمعت
أبا معاذ يقول : ثنا
عبيد ، قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87إذ ذهب مغاضبا ) أما غضبه فكان على قومه .
وقال آخرون : ذهب عن قومه مغاضبا لربه ، إذ كشف عنهم العذاب بعدما وعدهموه .
ذكر من قال ذلك : وذكر سبب مغاضبته ربه في قولهم :
حدثنا
ابن [ ص: 512 ] حميد ، قال : ثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق ، عن
يزيد بن زياد ، عن
عبد الله بن أبي سلمة ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس ، قال : بعثه الله ، يعني
يونس إلى أهل قريته ، فردوا عليه ما جاءهم به وامتنعوا منه ، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليه : إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا ، فاخرج من بين أظهرهم ، فأعلم قومه الذي وعده الله من عذابه إياهم ، فقالوا : ارمقوه ، فإن خرج من بين أظهركم فهو والله كائن ما وعدكم ، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبحها أدلج ورآه القوم ، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم ، وفرقوا بين كل دابة وولدها ، ثم عجوا إلى الله ، فاستقالوه ، فأقالهم ، وتنظر
يونس الخبر عن القرية وأهلها ، حتى مر به مار ، فقال : ما فعل أهل القرية ؟ فقال : فعلوا أن نبيهم خرج من بين أظهرهم ، عرفوا أنه صدقهم ما وعدهم من العذاب ، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض ، ثم فرقوا بين كل ذات ولد وولدها ، وعجوا إلى الله وتابوا إليه ، فقبل منهم ، وأخر عنهم العذاب ، قال : فقال
يونس عند ذلك وغضب : والله لا أرجع إليهم كذابا أبدا ، وعدتهم العذاب في يوم ثم رد عنهم ، ومضى على وجهه مغاضبا .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
محمد بن جعفر ، قال : ثنا
عوف ، عن
سعيد بن أبي الحسن ، قال : بلغني أن
يونس لما أصاب الذنب ، انطلق مغاضبا لربه ، واستزله الشيطان .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17313يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16878مجالد بن سعيد ، عن
الشعبي ، في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87إذ ذهب مغاضبا ) قال : مغاضبا لربه .
حدثنا
الحارث ، قال : ثنا
عبد العزيز ، قال : ثنا
سفيان ، عن
إسماعيل بن عبد الملك ، عن
سعيد بن جبير فذكر نحو حديث
ابن حميد ، عن
سلمة ، وزاد فيه : قال : فخرج
يونس ينظر العذاب ، فلم ير شيئا ، قال : جربوا علي كذبا ، فذهب مغاضبا لربه حتى أتى البحر .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
سلمة ، قال : ثنا
محمد بن إسحاق ، عن
ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه اليماني ، قال : سمعته يقول : إن
يونس بن [ ص: 513 ] متى كان عبدا صالحا ، وكان في خلقه ضيق ، فلما حملت عليه أثقال النبوة ، ولها أثقال لا يحملها إلا قليل ، تفسخ تحتها تفسخ الربع تحت الحمل ، فقذفها بين يديه ، وخرج هاربا منها ، يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=35فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=48فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت ) : أي لا تلق أمري كما ألقاه ، وهذا القول ، أعني قول من قال : ذهب عن قومه مغاضبا لربه ، أشبه بتأويل الآية ، وذلك لدلالة قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فظن أن لن نقدر عليه ) على ذلك ، على أن الذين وجهوا تأويل ذلك إلى أنه ذهب مغاضبا لقومه ، إنما زعموا أنهم فعلوا ذلك استنكارا منهم أن يغاضب نبي من الأنبياء ربه ، واستعظاما له ، وهم بقيلهم أنه ذهب مغاضبا لقومه قد دخلوا في أمر أعظم مما أنكروا ، وذلك أن الذين قالوا : ذهب مغاضبا لربه اختلفوا في سبب ذهابه كذلك ، فقال بعضهم : إنما فعل ما فعل من ذلك كراهة أن يكون بين قوم قد جربوا عليه الخلف فيما وعدهم ، واستحيا منهم ، ولم يعلم السبب الذي دفع به عنهم البلاء ، وقال بعض من قال هذا القول : كان من أخلاق قومه الذين فارقهم قتل من جربوا عليه الكذب ، عسى أن يقتلوه من أجل أنه وعدهم العذاب ، فلم ينزل بهم ما وعدهم من ذلك ، وقد ذكرنا الرواية بذلك في سورة يونس ، فكرهنا إعادته في هذا الموضع .
وقال آخرون : بل إنما غاضب ربه من أجل أنه أمر بالمصير إلى قوم لينذرهم بأسه ويدعوهم إليه ، فسأل ربه أن ينظره ، ليتأهب للشخوص إليهم ، فقيل له : الأمر أسرع من ذلك ، ولم ينظر حتى شاء أن ينظر إلى أن يأخذ نعلا ليلبسها ، فقيل له نحو القول الأول ، وكان رجلا في خلقه ضيق ، فقال : أعجلني ربي أن آخذ نعلا فذهب مغاضبا .
وممن ذكر هذا القول عنه :
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري حدثني بذلك
الحارث ، قال : ثنا
الحسن بن موسى ، عن
أبي هلال ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب ، عنه .
قال
أبو جعفر : وليس في واحد من هذين القولين من وصف نبي الله
يونس صلوات الله عليه شيء إلا وهو دون ما وصفه بما وصفه الذين قالوا : ذهب
[ ص: 514 ] مغاضبا لقومه ، لأن ذهابه عن قومه مغاضبا لهم وقد أمره الله تعالى بالمقام بين أظهرهم ليبلغهم رسالته ، ويحذرهم بأسه ، وعقوبته على تركهم الإيمان به ، والعمل بطاعته لا شك أن فيه ما فيه ، ولولا أنه قد كان صلى الله عليه وسلم أتى ما قاله الذين وصفوه بإتيان الخطيئة ، لم يكن الله تعالى ذكره ليعاقبه العقوبة التي ذكرها في كتابه ، ويصفه بالصفة التي وصفه بها ، فيقول لنبيه صلى الله عليه وسلم (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=48ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم ) ويقول (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=142فالتقمه الحوت وهو مليم فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون ) .
وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فظن أن لن نقدر عليه ) اختلف أهل التأويل في تأويله ، فقال بعضهم : معناه : فظن أن لن نعاقبه بالتضييق عليه من قولهم قدرت على فلان : إذا ضيقت عليه ، كما قال الله جل ثناؤه (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=7ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله ) .
ذكر من قال ذلك : حدثني
علي قال : ثنا
عبد الله بن صالح ، قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس ، قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فظن أن لن نقدر عليه ) يقول : ظن أن لن يأخذه العذاب الذي أصابه .
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فظن أن لن نقدر عليه ) يقول : ظن أن لن نقضي عليه عقوبة ولا بلاء فيما صنع بقومه في غضبه إذ غضب عليهم ، وفراره وعقوبته أخذ النون إياه .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى ، قال : ثنا
محمد بن جعفر ، عن
شعبة ، عن
الحكم ، عن
مجاهد ، أنه قال في هذه الآية (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فظن أن لن نقدر عليه ) قال : فظن أن لن نعاقبه بذنبه .
حدثني
موسى بن عبد الرحمن المسروقي ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15945زيد بن حباب ، قال : ثني
شعبة ، عن
مجاهد ، ولم يذكر فيه الحكم .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فظن أن لن نقدر عليه ) قال : يقول : ظن أن لن نعاقبه .
حدثنا
محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
[ ص: 515 ] قتادة والكلبي (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فظن أن لن نقدر عليه ) قالا ظن أن لن نقضي عليه العقوبة .
حدثت عن
الحسين ، قال : سمعت
أبا معاذ يقول : ثنا
عبيد ، قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فظن أن لن نقدر ) يقول : ظن أن الله لن يقضي عليه عقوبة ولا بلاء في غضبه الذي غضب على قومه ، وفراقه إياهم .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
جرير ، عن
منصور ، عن
ابن عباس ، في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فظن أن لن نقدر عليه ) قال : البلاء الذي أصابه .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : فظن أنه يعجز ربه فلا يقدر عليه .
ذكر من قال ذلك : حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
محمد بن جعفر ، قال : ثنا
عوف ، عن
سعيد بن أبي الحسن ، قال : بلغني أن
يونس لما أصاب الذنب ، انطلق مغاضبا لربه ، واستزله الشيطان ، حتى ظن أن لن نقدر عليه ، قال : وكان له سلف وعبادة وتسبيح ، فأبى الله أن يدعه للشيطان ، فأخذه فقذفه في بطن الحوت ، فمكث في بطن الحوت أربعين من بين ليلة ويوم ، فأمسك الله نفسه فلم يقتله هناك ، فتاب إلى ربه في بطن الحوت ، وراجع نفسه ، قال : فقال (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87سبحانك إني كنت من الظالمين ) قال : فاستخرجه الله من بطن الحوت برحمته ، بما كان سلف من العبادة والتسبيح ، فجعله من الصالحين ، قال عوف : وبلغني أنه قال في دعائه : وبنيت لك مسجدا في مكان لم يبنه أحد قبلي .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
هوذة ، قال : ثنا
عوف ، عن
الحسن (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فظن أن لن نقدر عليه ) وكان له سلف من عبادة وتسبيح ، فتداركه الله بها فلم يدعه للشيطان .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق ، عن
عبد الرحمن بن الحارث ، عن
إياس بن معاوية المدني ، أنه كان إذا ذكر عنده
يونس ، وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فظن أن لن نقدر عليه ) يقول
إياس : فلم فر ؟
وقال آخرون : بل ذلك بمعنى الاستفهام ، وإنما تأويله : أفظن أن لن نقدر عليه ؟
ذكر من قال ذلك : حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فظن أن لن نقدر عليه ) قال : هذا استفهام ، وفي قوله
[ ص: 516 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=5فما تغن النذر ) قال : استفهام أيضا .
قال
أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال في تأويل ذلك عندي بالصواب قول من قال : عنى به : فظن
يونس أن لن نحبسه ونضيق عليه ، عقوبة له على مغاضبته ربه .
وإنما قلنا ذلك أولى بتأويل الكلمة ، لأنه لا يجوز أن ينسب إلى الكفر وقد اختاره لنبوته ، ووصفه بأن ظن أن ربه يعجز عما أراد به ولا يقدر عليه ، ووصف له بأنه جهل قدرة الله ، وذلك وصف له بالكفر ، وغير جائز لأحد وصفه بذلك ، وأما ما قاله
ابن زيد ، فإنه قول لو كان في الكلام دليل على أنه استفهام حسن ، ولكنه لا دلالة فيه على أن ذلك كذلك ، والعرب لا تحذف من الكلام شيئا لهم إليه حاجة إلا وقد أبقت دليلا على أنه مراد في الكلام ، فإذا لم يكن في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فظن أن لن نقدر عليه ) دلالة على أن المراد به الاستفهام كما قال
ابن زيد ، كان معلوما أنه ليس به وإذا فسد هذان الوجهان ، صح الثالث وهو ما قلنا .
وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فنادى في الظلمات ) اختلف أهل التأويل في المعني بهذه الظلمات ، فقال بعضهم : عنى بها ظلمة الليل ، وظلمة البحر ، وظلمة بطن الحوت .
ذكر من قال ذلك : حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
إسرائيل ، عن
أبي إسحاق ، عن
عمرو بن ميمون (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فنادى في الظلمات ) قال : ظلمة بطن الحوت ، وظلمة البحر ، وظلمة الليل ، وكذلك قال أيضا
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق ، عن
يزيد بن زياد ، عن
عبد الله بن أبي سلمة ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس ، قال : نادى في الظلمات : ظلمة الليل ، وظلمة البحر ، وظلمة بطن الحوت (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) .
حدثني
محمد بن إبراهيم السلمي ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : أخبرنا
محمد بن رفاعة ، قال : سمعت
محمد بن كعب يقول في هذه الآية (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فنادى في الظلمات ) قال : ظلمة الليل ، وظلمة البحر ، وظلمة بطن الحوت .
[ ص: 517 ] حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فنادى في الظلمات ) قال : ظلمة الليل ، وظلمة البحر ، وظلمة بطن الحوت .
حدثنا
محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فنادى في الظلمات ) قال : ظلمة بطن الحوت ، وظلمة البحر ، وظلمة الليل .
وقال آخرون : إنما عنى بذلك أنه نادى في ظلمة جوف حوت في جوف حوت آخر في البحر ، قالوا : فذلك هو الظلمات .
ذكر من قال ذلك : حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
عبد الرحمن ، قال : ثنا
سفيان ، عن
منصور ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15957سالم بن أبي الجعد (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فنادى في الظلمات ) قال : أوحى الله إلى الحوت أن لا تضر له لحما ولا عظما ، ثم ابتلع الحوت حوت آخر ، قال (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فنادى في الظلمات ) قال : ظلمة الحوت ، ثم حوت ، ثم ظلمة البحر .
قال
أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن الله أخبر عن
يونس أنه ناداه في الظلمات (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) ولا شك أنه قد عنى بإحدى الظلمات بطن الحوت ، وبالأخرى ظلمة البحر ، وفي الثالثة اختلاف ، وجائز أن تكون تلك الثالثة ظلمة الليل ، وجائز أن تكون كون الحوت في جوف حوت آخر ، ولا دليل يدل على أي ذلك من أي ، فلا قول في ذلك أولى بالحق من التسليم لظاهر التنزيل .
وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87لا إله إلا أنت سبحانك ) يقول : نادى
يونس بهذا القول معترفا بذنبه تائبا من خطيئته (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87إني كنت من الظالمين ) في معصيتي إياك .
كما حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق ، عن
يزيد بن زياد ، عن
عبد الله بن أبي سلمة ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس ، قال (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) معترفا بذنبه ، تائبا من خطيئته .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، قال
أبو معشر : قال
محمد بن قيس : قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87لا إله إلا أنت سبحانك ) ما صنعت من
[ ص: 518 ] شيء فلم أعبد غيرك ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87إني كنت من الظالمين ) حين عصيتك .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثنا
جعفر بن سليمان ، عن
عوف الأعرابي ، قال : لما صار
يونس في بطن الحوت ظن أنه قد مات ، ثم حرك رجله ، فلما تحركت سجد مكانه ، ثم نادى : يا رب اتخذت لك مسجدا في موضع ما اتخذه أحد .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
سلمة ، قال : ثني
ابن إسحاق عمن حدثه ، عن
عبد الله بن رافع ، مولى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=812768 " لما أراد الله nindex.php?page=treesubj&link=31975_31788حبس يونس في بطن الحوت ، أوحى الله إلى الحوت : أن خذه ولا تخدش له لحما ولا تكسر عظما ، فأخذه ، ثم هوى به إلى مسكنه من البحر ، فلما انتهى به إلى أسفل البحر ، سمع يونس حسا ، فقال في نفسه : ما هذا ؟ قال : فأوحى الله إليه وهو في بطن الحوت : إن هذا تسبيح دواب البحر ، قال : فسبح وهو في بطن الحوت ، فسمعت الملائكة تسبيحه ، فقالوا : يا ربنا إنا نسمع صوتا ضعيفا بأرض غريبه ؟ قال : ذاك عبدي يونس ، عصاني فحبسته في بطن الحوت في البحر ، قالوا : العبد الصالح الذي كان يصعد إليك منه في كل يوم وليلة عمل صالح ؟ قال : نعم ، قال : فشفعوا له عند ذلك ، فأمر الحوت فقذفه في الساحل ، كما قال الله تبارك وتعالى : وهو سقيم " .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87nindex.php?page=treesubj&link=28992_31975وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ( 87 ) )
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : وَاذْكُرْ يَا
مُحَمَّدُ ذَا النُّونِ ، يَعْنِي صَاحِبَ النُّونِ ، وَالنُّونُ : الْحُوتُ ، وَإِنَّمَا عَنَى بِذِي النُّونِ
يُونُسَ بْنَ مَتَّى ، وَقَدْ ذَكَرْنَا قِصَّتَهُ فِي سُورَةِ يُونُسَ بِمَا أَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ، وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا ) يَقُولُ : حِينَ ذَهَبَ مُغَاضِبًا .
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=31975_28965مَعْنَى ذَهَابِهِ مُغَاضِبًا ، وَعَمَّنْ كَانَ ذَهَابُهُ ، وَعَلَى مَنْ كَانَ غَضَبُهُ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : كَانَ ذَهَابُهُ عَنْ قَوْمِهِ وَإِيَّاهُمْ غَاضِبٌ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : ثَنِي أَبِي ، قَالَ : ثَنِي عَمِّي ، قَالَ : ثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا ) يَقُولُ : غَضِبَ عَلَى قَوْمِهِ .
حُدِّثْتُ عَنِ
الْحُسَيْنِ ، قَالَ : سَمِعْتُ
أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ : ثَنَا
عُبَيْدٌ ، قَالَ : سَمِعْتُ
الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا ) أَمَّا غَضَبُهُ فَكَانَ عَلَى قَوْمِهِ .
وَقَالَ آخَرُونَ : ذَهَبَ عَنْ قَوْمِهِ مُغَاضِبًا لِرَبِّهِ ، إِذْ كَشَفَ عَنْهُمُ الْعَذَابَ بَعْدَمَا وَعَدَهُمُوهُ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : وَذِكْرُ سَبَبِ مُغَاضَبَتِهِ رَبَّهُ فِي قَوْلِهِمْ :
حَدَّثَنَا
ابْنُ [ ص: 512 ] حُمَيْدٍ ، قَالَ : ثَنَا
سَلَمَةُ ، عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ
يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : بَعَثَهُ اللَّهُ ، يَعْنِي
يُونُسَ إِلَى أَهْلِ قَرْيَتِهِ ، فَرَدُّوا عَلَيْهِ مَا جَاءَهُمْ بِهِ وَامْتَنَعُوا مِنْهُ ، فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ : إِنِّي مُرْسَلٌ عَلَيْهِمُ الْعَذَابَ فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا ، فَاخْرُجْ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ ، فَأَعْلَمَ قَوْمَهُ الَّذِي وَعَدَهُ اللَّهُ مِنْ عَذَابِهِ إِيَّاهُمْ ، فَقَالُوا : ارْمُقُوهُ ، فَإِنْ خَرَجَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ فَهُوَ وَاللَّهِ كَائِنٌ مَا وَعَدَكُمْ ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي وُعِدُوا بِالْعَذَابِ فِي صُبْحِهَا أَدْلَجَ وَرَآهُ الْقَوْمُ ، فَخَرَجُوا مِنَ الْقَرْيَةِ إِلَى بَرَازٍ مِنْ أَرْضِهِمْ ، وَفَرَّقُوا بَيْنَ كُلِّ دَابَّةٍ وَوَلَدِهَا ، ثُمَّ عَجُّوا إِلَى اللَّهِ ، فَاسْتَقَالُوهُ ، فَأَقَالَهُمْ ، وَتَنَظَّرَ
يُونُسُ الْخَبَرَ عَنِ الْقَرْيَةِ وَأَهْلِهَا ، حَتَّى مَرَّ بِهِ مَارٌّ ، فَقَالَ : مَا فَعَلَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ ؟ فَقَالَ : فَعَلُوا أَنَّ نَبِيَّهُمْ خَرَجَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ ، عَرَفُوا أَنَّهُ صَدَقَهُمْ مَا وَعَدَهُمْ مِنَ الْعَذَابِ ، فَخَرَجُوا مِنْ قَرْيَتِهِمْ إِلَى بِرَازٍ مِنَ الْأَرْضِ ، ثُمَّ فَرَّقُوا بَيْنَ كُلِّ ذَاتِ وَلَدٍ وَوَلَدِهَا ، وَعَجُّوا إِلَى اللَّهِ وَتَابُوا إِلَيْهِ ، فَقَبِلَ مِنْهُمْ ، وَأَخَّرَ عَنْهُمُ الْعَذَابَ ، قَالَ : فَقَالَ
يُونُسُ عِنْدَ ذَلِكَ وَغَضِبَ : وَاللَّهِ لَا أَرْجِعُ إِلَيْهِمْ كَذَّابًا أَبَدًا ، وَعَدْتُهُمُ الْعَذَابَ فِي يَوْمٍ ثُمَّ رُدَّ عَنْهُمْ ، وَمَضَى عَلَى وَجْهِهِ مُغَاضِبًا .
حَدَّثَنَا
ابْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : ثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، قَالَ : ثَنَا
عَوْفٌ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ ، قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ
يُونُسَ لَمَّا أَصَابَ الذَّنْبَ ، انْطَلَقَ مُغَاضِبًا لِرَبِّهِ ، وَاسْتَزَلَّهُ الشَّيْطَانُ .
حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ ، قَالَ : ثَنَا
الْحُسَيْنُ ، قَالَ : ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17313يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16878مَجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ ، فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا ) قَالَ : مُغَاضِبًا لِرَبِّهِ .
حَدَّثَنَا
الْحَارِثُ ، قَالَ : ثَنَا
عَبْدُ الْعَزِيزِ ، قَالَ : ثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنْ
إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ
ابْنِ حُمَيْدٍ ، عَنْ
سَلَمَةَ ، وَزَادَ فِيهِ : قَالَ : فَخَرَجَ
يُونُسُ يَنْظُرُ الْعَذَابَ ، فَلَمْ يَرَ شَيْئًا ، قَالَ : جَرَّبُوا عَلَيَّ كَذِبًا ، فَذَهَبَ مُغَاضِبًا لِرَبِّهِ حَتَّى أَتَى الْبَحْرَ .
حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : ثَنَا
سَلَمَةُ ، قَالَ : ثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ
رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17285وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ الْيَمَانِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : إِنَّ
يُونُسَ بْنَ [ ص: 513 ] مَتَّى كَانَ عَبْدًا صَالِحًا ، وَكَانَ فِي خُلُقِهِ ضِيقٌ ، فَلَمَّا حُمِلَتْ عَلَيْهِ أَثْقَالُ النُّبُوَّةِ ، وَلَهَا أَثْقَالٌ لَا يَحْمِلُهَا إِلَّا قَلِيلٌ ، تَفَسَّخَ تَحْتَهَا تَفَسُّخَ الرُّبَعِ تَحْتَ الْحِمْلِ ، فَقَذَفَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَخَرَجَ هَارِبًا مِنْهَا ، يَقُولُ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=35فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=48فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ ) : أَيْ لَا تُلْقِ أَمْرِي كَمَا أَلْقَاهُ ، وَهَذَا الْقَوْلُ ، أَعْنِي قَوْلَ مَنْ قَالَ : ذَهَبَ عَنْ قَوْمِهِ مُغَاضِبًا لِرَبِّهِ ، أَشْبَهُ بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ ، وَذَلِكَ لِدَلَالَةِ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) عَلَى ذَلِكَ ، عَلَى أَنَّ الَّذِينَ وَجَّهُوا تَأْوِيلَ ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ ذَهَبَ مُغَاضِبًا لِقَوْمِهِ ، إِنَّمَا زَعَمُوا أَنَّهُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ اسْتِنْكَارًا مِنْهُمْ أَنْ يُغَاضِبَ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ رَبَّهُ ، وَاسْتِعْظَامًا لَهُ ، وَهُمْ بِقِيلِهِمْ أَنَّهُ ذَهَبَ مُغَاضِبًا لِقَوْمِهِ قَدْ دَخَلُوا فِي أَمْرٍ أَعْظَمَ مِمَّا أَنْكَرُوا ، وَذَلِكَ أَنَّ الَّذِينَ قَالُوا : ذَهَبَ مُغَاضِبًا لِرَبِّهِ اخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ ذَهَابِهِ كَذَلِكَ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّمَا فَعَلَ مَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ كَرَاهَةَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ قَوْمٍ قَدْ جَرَّبُوا عَلَيْهِ الْخُلْفَ فِيمَا وَعَدَهُمْ ، وَاسْتَحْيَا مِنْهُمْ ، وَلَمْ يَعْلَمِ السَّبَبَ الَّذِي دَفَعَ بِهِ عَنْهُمُ الْبَلَاءَ ، وَقَالَ بَعْضُ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ : كَانَ مِنْ أَخْلَاقِ قَوْمِهِ الَّذِينَ فَارَقَهُمْ قَتْلُ مَنْ جَرَّبُوا عَلَيْهِ الْكَذِبَ ، عَسَى أَنْ يَقْتُلُوهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ وَعَدَهُمُ الْعَذَابَ ، فَلَمْ يَنْزِلْ بِهِمْ مَا وَعَدَهُمْ مِنْ ذَلِكَ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَةَ بِذَلِكَ فِي سُورَةِ يُونُسَ ، فَكَرِهْنَا إِعَادَتَهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ إِنَّمَا غَاضَبَ رَبَّهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ أُمِرَ بِالْمَصِيرِ إِلَى قَوْمٍ لِيُنْذِرَهُمْ بِأَسَهُ وَيَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ، فَسَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُنْظِرَهُ ، لِيَتَأَهَّبَ لِلشُّخُوصِ إِلَيْهِمْ ، فَقِيلَ لَهُ : الْأَمْرُ أَسْرَعُ مِنْ ذَلِكَ ، وَلَمْ يَنْظُرْ حَتَّى شَاءَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى أَنْ يَأْخُذَ نَعْلًا لِيَلْبِسَهَا ، فَقِيلَ لَهُ نَحْوُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ ، وَكَانَ رَجُلًا فِي خُلُقِهِ ضِيقٌ ، فَقَالَ : أَعْجَلَنِي رَبِّي أَنْ آخُذَ نَعْلًا فَذَهَبَ مُغَاضِبًا .
وَمِمَّنْ ذَكَرَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْهُ :
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنِي بِذَلِكَ
الْحَارِثُ ، قَالَ : ثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى ، عَنْ
أَبِي هِلَالٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16128شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ ، عَنْهُ .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَلَيْسَ فِي وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ مِنْ وَصْفِ نَبِيِّ اللَّهِ
يُونُسَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ شَيْءٌ إِلَّا وَهُوَ دُونُ مَا وَصَفَهُ بِمَا وَصَفَهُ الَّذِينَ قَالُوا : ذَهَبَ
[ ص: 514 ] مُغَاضِبًا لِقَوْمِهِ ، لِأَنَّ ذِهَابَهُ عَنْ قَوْمِهِ مُغَاضِبًا لَهُمْ وَقَدْ أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْمَقَامِ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ لِيُبَلِّغَهُمْ رِسَالَتَهُ ، وَيُحَذِّرَهُمْ بَأْسَهُ ، وَعُقُوبَتَهُ عَلَى تَرْكِهِمُ الْإِيمَانَ بِهِ ، وَالْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ لَا شَكَّ أَنَّ فِيهِ مَا فِيهِ ، وَلَوْلَا أَنَّهُ قَدْ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى مَا قَالَهُ الَّذِينَ وَصَفُوهُ بِإِتْيَانِ الْخَطِيئَةِ ، لَمْ يَكُنِ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِيُعَاقِبُهُ الْعُقُوبَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي كِتَابِهِ ، وَيَصِفُهُ بِالصِّفَةِ الَّتِي وَصَفَهُ بِهَا ، فَيَقُولُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=48وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ ) وَيَقُولُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=142فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) .
وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِهِ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَعْنَاهُ : فَظَنَّ أَنْ لَنْ نُعَاقِبَهُ بِالتَّضْيِيقِ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِمْ قَدَرْتُ عَلَى فُلَانٍ : إِذَا ضَيَّقْتُ عَلَيْهِ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=7وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ) .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : حَدَّثَنِي
عَلِيٌّ قَالَ : ثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، قَالَ : ثَنِي
مُعَاوِيَةُ ، عَنْ
عَلِيٍّ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) يَقُولُ : ظَنَّ أَنْ لَنْ يَأْخُذَهُ الْعَذَابُ الَّذِي أَصَابَهُ .
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : ثَنِي أَبِي ، قَالَ : ثَنِي عَمِّي ، قَالَ : ثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) يَقُولُ : ظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْضِيَ عَلَيْهِ عُقُوبَةً وَلَا بَلَاءً فِيمَا صَنَعَ بِقَوْمِهِ فِي غَضَبِهِ إِذْ غَضِبَ عَلَيْهِمْ ، وَفِرَارِهِ وَعُقُوبَتِهِ أَخْذَ النُّونِ إِيَّاهُ .
حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12166مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، قَالَ : ثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، عَنْ
شُعْبَةَ ، عَنِ
الْحَكَمِ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) قَالَ : فَظَنَّ أَنْ لَنْ نُعَاقِبَهُ بِذَنْبِهِ .
حَدَّثَنِي
مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيُّ ، قَالَ : ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15945زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ ، قَالَ : ثَنِي
شُعْبَةُ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الْحَكَمَ .
حَدَّثَنَا
بِشْرٌ ، قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ ، قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) قَالَ : يَقُولُ : ظَنَّ أَنْ لَنْ نُعَاقِبَهُ .
حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ : ثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ ، عَنْ
مَعْمَرٍ ، عَنْ
[ ص: 515 ] قَتَادَةَ وَالْكَلْبِيِّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) قَالَا ظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْضِيَ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةَ .
حُدِّثْتُ عَنِ
الْحُسَيْنِ ، قَالَ : سَمِعْتُ
أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ : ثَنَا
عُبَيْدٌ ، قَالَ : سَمِعْتُ
الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ ) يَقُولُ : ظَنَّ أَنَّ اللَّهَ لَنْ يَقْضِيَ عَلَيْهِ عُقُوبَةً وَلَا بَلَاءً فِي غَضَبِهِ الَّذِي غَضِبَ عَلَى قَوْمِهِ ، وَفِرَاقِهِ إِيَّاهُمْ .
حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : ثَنَا
جَرِيرٌ ، عَنْ
مَنْصُورٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) قَالَ : الْبَلَاءُ الَّذِي أَصَابَهُ .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : فَظَنَّ أَنَّهُ يُعْجِزُ رَبَّهُ فَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : حَدَّثَنَا
ابْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : ثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، قَالَ : ثَنَا
عَوْفٌ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ ، قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ
يُونُسَ لَمَّا أَصَابَ الذَّنْبَ ، انْطَلَقَ مُغَاضِبًا لِرَبِّهِ ، وَاسْتَزَلَّهُ الشَّيْطَانُ ، حَتَّى ظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ، قَالَ : وَكَانَ لَهُ سَلَفٌ وَعِبَادَةٌ وَتَسْبِيحٌ ، فَأَبَى اللَّهُ أَنْ يَدَعَهُ لِلشَّيْطَانِ ، فَأَخَذَهُ فَقَذَفَهُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ، فَمَكَثَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ أَرْبَعِينَ مِنْ بَيْنِ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ ، فَأَمْسَكَ اللَّهُ نَفْسَهُ فَلَمْ يَقْتُلْهُ هُنَاكَ ، فَتَابَ إِلَى رَبِّهِ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ، وَرَاجَعَ نَفْسَهُ ، قَالَ : فَقَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) قَالَ : فَاسْتَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنْ بَطْنِ الْحُوتِ بِرَحْمَتِهِ ، بِمَا كَانَ سَلَفَ مِنَ الْعِبَادَةِ وَالتَّسْبِيحِ ، فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ، قَالَ عَوْفٌ : وَبَلَغَنِي أَنَّهُ قَالَ فِي دُعَائِهِ : وَبَنَيْتُ لَكَ مَسْجِدًا فِي مَكَانٍ لَمْ يَبْنِهِ أَحَدٌ قَبْلِي .
حَدَّثَنَا
ابْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : ثَنَا
هَوْذَةُ ، قَالَ : ثَنَا
عَوْفٌ ، عَنِ
الْحَسَنِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) وَكَانَ لَهُ سَلَفٌ مِنْ عِبَادَةٍ وَتَسْبِيحٍ ، فَتَدَارَكَهُ اللَّهُ بِهَا فَلَمْ يَدَعْهُ لِلشَّيْطَانِ .
حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : ثَنَا
سَلَمَةُ ، عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ
إِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْمَدَنِيِّ ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا ذُكِرَ عِنْدَهُ
يُونُسُ ، وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) يَقُولُ
إِيَاسٌ : فَلِمَ فَرَّ ؟
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ بِمَعْنَى الِاسْتِفْهَامِ ، وَإِنَّمَا تَأْوِيلُهُ : أَفَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ؟
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : حَدَّثَنِي
يُونُسُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ ، فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) قَالَ : هَذَا اسْتِفْهَامٌ ، وَفِي قَوْلِهِ
[ ص: 516 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=5فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ ) قَالَ : اسْتِفْهَامٌ أَيْضًا .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ : عَنَى بِهِ : فَظَنَّ
يُونُسُ أَنْ لَنْ نَحْبِسَهُ وَنُضَيِّقَ عَلَيْهِ ، عُقُوبَةً لَهُ عَلَى مُغَاضَبَتِهِ رَبَّهُ .
وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْكَلِمَةِ ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُنْسَبَ إِلَى الْكُفْرِ وَقَدِ اخْتَارَهُ لِنُبُوَّتِهِ ، وَوَصَفَهُ بِأَنْ ظَنَّ أَنَّ رَبَّهُ يَعْجِزُ عَمَّا أَرَادَ بِهِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ ، وَوَصْفٌ لَهُ بِأَنَّهُ جَهِلَ قُدْرَةَ اللَّهِ ، وَذَلِكَ وَصْفٌ لَهُ بِالْكُفْرِ ، وَغَيْرُ جَائِزٍ لِأَحَدٍ وَصْفُهُ بِذَلِكَ ، وَأَمَّا مَا قَالَهُ
ابْنُ زَيْدٍ ، فَإِنَّهُ قَوْلٌ لَوْ كَانَ فِي الْكَلَامِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ اسْتِفْهَامٌ حَسَنٌ ، وَلَكِنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، وَالْعَرَبُ لَا تَحْذِفُ مِنَ الْكَلَامِ شَيْئًا لَهُمْ إِلَيْهِ حَاجَةٌ إِلَّا وَقَدْ أَبْقَتْ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ مُرَادٌ فِي الْكَلَامِ ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الِاسْتِفْهَامُ كَمَا قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ ، كَانَ مَعْلُومًا أَنَّهُ لَيْسَ بِهِ وَإِذَا فَسَدَ هَذَانِ الْوَجْهَانِ ، صَحَّ الثَّالِثُ وَهُوَ مَا قُلْنَا .
وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ ) اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْمَعْنِيِّ بِهَذِهِ الظُّلُمَاتِ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : عَنَى بِهَا ظُلْمَةَ اللَّيْلِ ، وَظُلْمَةَ الْبَحْرِ ، وَظُلْمَةَ بَطْنِ الْحُوتِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ ، قَالَ : ثَنَا
الْحُسَيْنُ ، قَالَ : ثَنِي
حَجَّاجٌ ، عَنْ
إِسْرَائِيلَ ، عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ
عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ ) قَالَ : ظُلْمَةُ بَطْنِ الْحُوتِ ، وَظُلْمَةُ الْبَحْرِ ، وَظُلْمَةُ اللَّيْلِ ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَيْضًا
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ .
حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : ثَنَا
سَلَمَةُ ، عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ
يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : نَادَى فِي الظُّلُمَاتِ : ظُلْمَةُ اللَّيْلِ ، وَظُلْمَةُ الْبَحْرِ ، وَظُلْمَةُ بَطْنِ الْحُوتِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) .
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ السُّلَمِيُّ ، قَالَ : ثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ رَفَاعَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ
مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ ) قَالَ : ظُلْمَةُ اللَّيْلِ ، وَظُلْمَةُ الْبَحْرِ ، وَظُلْمَةُ بَطْنِ الْحُوتِ .
[ ص: 517 ] حَدَّثَنَا
بِشْرٌ ، قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ ، قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ ) قَالَ : ظُلْمَةُ اللَّيْلِ ، وَظُلْمَةُ الْبَحْرِ ، وَظُلْمَةُ بَطْنِ الْحُوتِ .
حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ : ثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ ، عَنْ
مَعْمَرٍ ، عَنْ
قَتَادَةَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ ) قَالَ : ظُلْمَةُ بَطْنِ الْحُوتِ ، وَظُلْمَةُ الْبَحْرِ ، وَظُلْمَةُ اللَّيْلِ .
وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ أَنَّهُ نَادَى فِي ظُلْمَةِ جَوْفِ حُوتٍ فِي جَوْفِ حُوتٍ آخَرَ فِي الْبَحْرِ ، قَالُوا : فَذَلِكَ هُوَ الظُّلُمَاتُ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : حَدَّثَنَا
ابْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : ثَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : ثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنْ
مَنْصُورٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15957سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ ) قَالَ : أَوْحَى اللَّهُ إِلَى الْحُوتِ أَنْ لَا تَضُرَّ لَهُ لَحْمًا وَلَا عَظْمًا ، ثُمَّ ابْتَلَعَ الْحُوتُ حُوتٌ آخَرُ ، قَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ ) قَالَ : ظُلْمَةُ الْحُوتِ ، ثُمَّ حَوَتٌ ، ثُمَّ ظُلْمَةُ الْبَحْرِ .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ : إِنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ عَنْ
يُونُسَ أَنَّهُ نَادَاهُ فِي الظُّلُمَاتِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) وَلَا شَكَّ أَنَّهُ قَدْ عَنَى بِإِحْدَى الظُّلُمَاتِ بَطْنَ الْحُوتِ ، وَبِالْأُخْرَى ظُلْمَةَ الْبَحْرِ ، وَفِي الثَّالِثَةِ اخْتِلَافٌ ، وَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الثَّالِثَةُ ظُلْمَةَ اللَّيْلِ ، وَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ كَوْنُ الْحُوتِ فِي جَوْفِ حُوتٍ آخَرَ ، وَلَا دَلِيلَ يَدُلُّ عَلَى أَيِّ ذَلِكَ مِنْ أَيٍّ ، فَلَا قَوْلَ فِي ذَلِكَ أَوْلَى بِالْحَقِّ مِنَ التَّسْلِيمِ لِظَاهِرِ التَّنْزِيلِ .
وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ ) يَقُولُ : نَادَى
يُونُسُ بِهَذَا الْقَوْلِ مُعْتَرِفًا بِذَنْبِهِ تَائِبًا مِنْ خَطِيئَتِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) فِي مَعْصِيَتِي إِيَّاكَ .
كَمَا حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : ثَنَا
سَلَمَةُ ، عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ
يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) مُعْتَرِفًا بِذَنْبِهِ ، تَائِبًا مِنْ خَطِيئَتِهِ .
حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ ، قَالَ : ثَنَا
الْحُسَيْنُ ، قَالَ : ثَنِي
حَجَّاجٌ ، قَالَ
أَبُو مَعْشَرٌ : قَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ : قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ ) مَا صَنَعْتُ مِنْ
[ ص: 518 ] شَيْءٍ فَلَمْ أَعْبُدْ غَيْرَكَ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) حِينَ عَصَيْتُكَ .
حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ ، قَالَ : ثَنَا
الْحُسَيْنُ ، قَالَ : ثَنَا
جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ
عَوْفٍ الْأَعْرَابِيِّ ، قَالَ : لَمَّا صَارَ
يُونُسُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ ، ثُمَّ حَرَّكَ رِجْلَهُ ، فَلَمَّا تَحَرَّكَتْ سَجَدَ مَكَانَهُ ، ثُمَّ نَادَى : يَا رَبِّ اتَّخَذْتُ لَكَ مَسْجِدًا فِي مَوْضِعٍ مَا اتَّخَذَهُ أَحَدٌ .
حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : ثَنَا
سَلَمَةُ ، قَالَ : ثَنِي
ابْنُ إِسْحَاقَ عَمَّنْ حَدَّثَهُ ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ ، مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=812768 " لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ nindex.php?page=treesubj&link=31975_31788حَبْسَ يُونُسَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ، أَوْحَى اللَّهُ إِلَى الْحُوتِ : أَنْ خُذْهُ وَلَا تَخْدِشْ لَهُ لَحْمًا وَلَا تَكْسِرْ عَظْمًا ، فَأَخَذَهُ ، ثُمَّ هَوَى بِهِ إِلَى مَسْكَنِهِ مِنَ الْبَحْرِ ، فَلَمَّا انْتَهَى بِهِ إِلَى أَسْفَلِ الْبَحْرِ ، سَمِعَ يُونُسُ حِسًّا ، فَقَالَ فِي نَفْسِهِ : مَا هَذَا ؟ قَالَ : فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ : إِنَّ هَذَا تَسْبِيحُ دَوَابَ الْبَحْرِ ، قَالَ : فَسَبَّحَ وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ، فَسَمِعَتِ الْمَلَائِكَةُ تَسْبِيحَهُ ، فَقَالُوا : يَا رَبَنَّا إِنَّا نَسْمَعُ صَوْتًا ضَعِيفًا بِأَرْضٍ غَرِيبَهٍ ؟ قَالَ : ذَاكَ عَبْدِي يُونُسُ ، عَصَانِي فَحَبَسْتُهُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ فِي الْبَحْرِ ، قَالُوا : الْعَبْدُ الصَّالِحُ الَّذِي كَانَ يَصْعَدُ إِلَيْكَ مِنْهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ عَمَلٌ صَالِحٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَشَفَعُوا لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ ، فَأَمَرَ الْحُوتَ فَقَذَفَهُ فِي السَّاحِلِ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : وَهُوَ سَقِيمٌ " .