الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [59 - 62] أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون وأنتم سامدون فاسجدوا لله واعبدوا

                                                                                                                                                                                                                                      أفمن هذا الحديث يعني القرآن الذي قص ما تقدم، وأنذر بما أخبر تعجبون أي: تعجب إنكار مع أن ما حواه مما يلجئ إلى الإذعان والإقرار، بل مما يفيض لحقيته الدمع المدرار، كما قال: وتضحكون أي: استهزاء ولا تبكون أي: مما فيه من وعيد للعصاة، ومما فرط منكم قبل سماع ذكراه كما يفعله الموقنون به، المحدث عنهم في آية: ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا وأنتم سامدون أي: لاهون عما فيه من العبر، معرضون عن آياته كبرا.

                                                                                                                                                                                                                                      قال مجاهد: كانوا يمرون على النبي صلى الله عليه وسلم غضابا مبرطمين، أي: شامخين.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 5590 ] وعن ابن عباس: هو الغناء: كانوا إذا سمعوا القرآن تغنوا ولعبوا، وهي لغة أهل اليمن. يقولون: اسمد لنا: تغن لنا. والمآل واحد وإن اختلفت العبارة عنه. ولا ريب أن كل ذلك مما كان يصدر عن المشركين.

                                                                                                                                                                                                                                      قال في (الإكليل): فيه استحباب البكاء عند القراءة، وذم الضحك والغناء واللهو واللعب والغفلة، كما فسر بالأربعة قوله: سامدون وفسره السدي بالاستكبار.

                                                                                                                                                                                                                                      فاسجدوا لله واعبدوا أي: واعبدوه دون من سواه من الأوثان، فإنه لا ينبغي أن تكون العبادة إلا له، فلا تجعلوا له شريكا في عبادته.

                                                                                                                                                                                                                                      وعن عبد الله بن مسعود قال: أول سورة أنزلت فيها سجدة والنجم « فسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم » وسجد من خلفه ... الحديث. وتقدم في أول السورة.

                                                                                                                                                                                                                                      وروى الإمام أحمد عن المطلب بن وداعة قال: « قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة سورة النجم، فسجد » وسجد من عنده، فرفعت رأسي فأبيت أن أسجد -ولم يكن أسلم يومئذ المطلب - فكان بعد ذلك لا يسمع أحدا قرأها إلا سجد معه. ورواه النسائي .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية