الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            وثالثها : قوله : ( وترى الناس سكارى ) وفيه مسائل : المسألة الأولى : قرئ " وترى " بالضم ، تقول : أريتك قائما أو رأيتك قائما ، والناس بالنصب والرفع ، أما النصب فظاهر ، وأما الرفع فلأنه جعل الناس اسم ما لم يسم فاعله وأنثه على تأويل الجماعة ، وقرئ سكرى وسكارى ، وهو نظير جوعى وعطشى في جوعان وعطشان ، سكارى وسكارى نحو كسالى وعجالى ، وعن الأعمش : سكرى وسكرى بالضم وهو غريب .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : المعنى وتراهم سكارى على التشبيه ( وما هم بسكارى ) على التحقيق ، ولكن ما أرهقهم من هول عذاب الله تعالى هو الذي أذهب عقولهم وطير تمييزهم ، وقال ابن عباس والحسن : ونراهم سكارى من الخوف وما هم بسكارى من الشراب ، فإن قلت : لم قيل أولا ترون ، ثم قيل : ترى على الإفراد ؟ قلنا : لأن الرؤية أولا علقت بالزلزلة ، فجعل الناس جميعا رائين لها ، وهي معلقة آخرا بكون الناس على حال من السكر ، فلا بد وأن يجعل كل واحد منهم رائيا لسائرهم .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثالثة : إن قيل : أتقولون إن شدة ذلك اليوم تحصل لكل أحد أو لأهل النار خاصة ؟ قلنا : قال قوم : إن الفزع الأكبر وغيره يختص بأهل النار ، وإن أهل الجنة يحشرون وهم آمنون . وقيل : بل يحصل للكل ؛ لأنه سبحانه لا اعتراض لأحد عليه في شيء من أفعاله ، وليس لأحد عليه حق .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية