الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        3967 - حدثنا يونس قال : أنا ابن وهب ، قال : أخبرني مالك ، عن موسى بن عقبة ، عن كريب مولى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، عن أسامة بن زيد ، أنه سمعه يقول : دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة ، حتى إذا كان بالشعب نزل فبال ، ثم توضأ ، فلم يسبغ الوضوء ، فقلت له : الصلاة ، فقال : الصلاة أمامك .

                                                        فركب حتى جاء بالمزدلفة ، فنزل فتوضأ فأسبغ الوضوء ، ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب ، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله ، ثم أقيمت العشاء فصلاها ، ولم يصل بينهما شيئا
                                                        .

                                                        فقد اختلف عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاتين بمزدلفة : هل صلاهما معا ؟ أو عمل بينهما عملا ؟ فروي في ذلك ما قد ذكرنا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما وأسامة .

                                                        واختلف عنه كيف صلاهما ؟ فقال بعضهم : بأذان وإقامة ، وقال بعضهم : بأذان وإقامتين . وقال بعضهم : بإقامة واحدة ليس معهما أذان .

                                                        فلما اختلفوا في ذلك على ما ذكرنا ، وكانت الصلاتان يجمع بينهما بمزدلفة ، وهما المغرب والعشاء ، كما يجمع بين الصلاتين بعرفة ، وهما الظهر والعصر ، فكان هذا الجمع في هذين الموطنين جميعا لا يكون إلا لمحرم في حرمة الحج ، فلا يكون لحلال ولا لمعتمر غير حاج ، وكانت الصلاتان بعرفة تصلى إحداهما في إثر صاحبتها ، ولا يعمل بينهما عمل ، وكانتا يؤذن لهما أذانا واحدا ، ويقام لهما إقامتين ، كما يفعل بعرفة سواء .

                                                        هذا هو النظر في هذا الباب ، وهو خلاف قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد رضي الله عنهم .

                                                        وذلك أنهم كانوا يذهبون في الجمع بين الصلاتين بعرفة إلى ما ذكرنا ، ويذهبون في الجمع بين الصلاتين بمزدلفة إلى أن يجعلوا ذلك بأذان وإقامة واحدة ، ويحتجون في ذلك بما روي عن ابن عمر .

                                                        وكان سفيان الثوري يذهب في ذلك إلى أن يصليهما بإقامة واحدة لا أذان معهما ، على ما روينا عن ابن عمر رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والذي رويناه عن جابر من هذا أحب إلينا ، لما شهد له النظر ، ثم وجدنا بعد ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما قد عاد إلى معنى حديث جابر رضي الله عنه .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية