الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1891 - وعنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من أصبح منكم اليوم صائما ؟ " قال أبو بكر : أنا ، قال : " فمن تبع منكم اليوم جنازة ؟ " قال أبو بكر : أنا ، قال : " فمن أطعم منكم اليوم مسكينا ؟ " قال أبو بكر : أنا ، قال : " فمن عاد منكم اليوم مريضا ؟ " قال أبو بكر : أنا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة " . رواه مسلم .

التالي السابق


1891 - ( وعنه ) أي : أبي هريرة ( قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من أصبح منكم اليوم صائما " ) من استفهامية وأصبح بمعنى صار وخبره صائما أو بمعنى دخل في الصباح فتكون تامة وصائما حال من ضميره " قال أبو بكر : أنا " يوقف عليه بالألف وأما وقفه بالنون المفتوحة فلحن عامي ، قال الطيبي : ذكر أنا هنا للتعيين في الإخبار لا للاعتداد بنفسه كما يذكر في مقام المفاخرة ، وهذا هو الذي كرهه الصوفية ، وقد ورد " قل إنما أنا بشر مثلكم " ، " وما أنا من المتكلفين " إلى غير ذلك .

وأما رده - عليه الصلاة والسلام - على جابر حيث أجاب بعد دق الباب بأنا قائلا : أنا ، فلعدم التعيين في مقام الإخبار اهـ . والحاصل أن قول أنا من حيث هو ليس بمذموم وإنما هو يذم باعتبار إخباره مما يفتخر به كقول إبليس : أنا خير منه ، ونحو ذلك من نحو أنا العالم وأنا الزاهد وأنا العابد ، بخلاف أنا الفقير الحقير العبد المذنب وأمثال ذلك " قال : فمن تبع منكم اليوم جنازة ؟ " أي : قبل الصلاة أو بعدها " قال أبو بكر : أنا ، قال : فمن أطعم منكم اليوم مسكينا ؟ " قال " أبو بكر أنا ) فيه جواز قول أنا كآية " وأنا أول المسلمين " وحديث " أنا سيد ولد آدم " ففيه رد لكراهة طائفة هذا القول لكن إنما محلها إذا صدر عن إثبات النفس ورعونتها وتوهم كمال ذاتها وحقيقتها كما صدر عن إبليس حيث قال : أنا خير منه .

وأما حديث جابر في الصحيح أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في دين كان على أبي فدققت الباب ، فقال : " من ذا ؟ " فقلت : أنا ، فقال : " أنا أنا " كأنه كرهها ، فسبب كراهته لها الاقتصار عليه المؤدي إلى عدم تعريفه نفسه ، ثم لو عرفه بصوته لما استفهمه فسقط ما ذكره ابن حجر [ ص: 1336 ] السؤال والجواب هنا من أصله ، والله أعلم ( قال : " فمن عاد منكم اليوم مريضا ؟ قال أبو بكر : أنا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما اجتمعن " ) أي : هذه الخصال الأربعة المذكورة على الترتيب المذكور في يوم واحد ؛ كذا قاله ابن الملك ؛ وكأن الترتيب أخذه من الفاء التعقيبية وهو غير لازم ؛ إذ لا يمكن حمل التعقيب على السؤال كما ذكروا في ثم أنه قد يكون للتراخي في السؤال أو التقدير إذا ذكرتم هذا فمن فعل هذا ؛ والحاصل أن هذه الخصال ما وجدت وحصلت في يوم واحد " في امرئ إلا دخل الجنة " أي : بلا محاسبة وإلا فمجرد الإيمان يكفي لمطلق الدخول أو معناه دخل الجنة من أي باب شاء كما تقدم والله أعلم ( رواه مسلم ) .




الخدمات العلمية