nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=26nindex.php?page=treesubj&link=29026_32872_28862كل من عليها فان nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=27ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام .
لما كان قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=24وله الجواري المنشآت في البحر كالأعلام مؤذنا بنعمة إيجاد أسباب النجاة من الهلاك وأسباب السعي لتحصيل ما به إقامة العيش إذ يسر للناس السفن عونا للناس على الأسفار وقضاء الأوطار مع السلامة من طغيان ماء البحار ، وكان وصف السفن بأنها كالأعلام توسعة في هذه النعمة أتبعه بالموعظة بأن هذا لا يحول بين الناس وبين ما قدره الله لهم من الفناء ، على عادة القرآن في الفرص للموعظة والتذكير كقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة . وفائدة هذا أن لا ينسوا الاستعداد للحياة الباقية بفعل الصالحات ، وأن يتفكروا في عظيم قدرة الله تعالى ويقبلوا على توحيده وطلب مرضاته .
ووقوع هذه الجملة عقب ما عدد من النعم فيه إيماء إلى أن مصير نعم الدنيا إلى الفناء .
والجملة استئناف ابتدائي .
وضمير ( عليها ) مراد به الأرض بقرينة المقام مثل
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=32حتى توارت بالحجاب ، أي الشمس ومثله في القرآن كثير وفي كلام البلغاء .
[ ص: 253 ] ومعنى ( فإن ) : أنه صائر إلى الفناء ، فهذا من استعمال اسم الفاعل لزمان الاستقبال بالقرينة مثل
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=30إنك ميت وإنهم ميتون .
والمراد ب من عليها : الناس لأنهم المقصودون بهذه العبر ، ولذلك جيء ب من الموصولة الخاصة بالعقلاء .
والمعنى : أن مصير جميع من على الأرض إلى الفناء ، وهذا التذكير بالموت وما بعده من الجزاء .
و ( وجه ربك ) : ذاته ، فذكر الوجه هنا جار على عرف كلام العرب . قال في الكشاف : والوجه يعبر به عن الجملة والذات اهـ .
وقد أضيف إلى اسمه تعالى لفظ الوجه بمعان مختلفة منها ما هنا ومنها قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=115فأينما تولوا فثم وجه الله وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=9إنما نطعمكم لوجه الله .
وقد علم السامعون أن الله تعالى يستحيل أن يكون له وجه بالمعنى الحقيقي وهو الجزء الذي في الرأس .
واصطلح علماء العقائد على تسمية مثل هذا بالمتشابه وكان السلف يحجون على الخوف في ذلك مع اليقين باستحالة ظاهرة على الله تعالى ، ثم تناوله علماء التابعين وما بعدهم بالتأويل تدريجيا إلى أن اتضح وجه التأويل بالجري على قواعد علم المعاني فزال الخفاء ، واندفع الجفاء ، وكل الفريقين خيرة الحنفاء .
وضمير المخاطب في قوله : ( وجه ربك ) خطاب للنبيء - صلى الله عليه وسلم - وفيه تعظيم لقدر النبيء - صلى الله عليه وسلم - كما تقدم غير مرة .
والمقصود تبليغه إلى الذين يتلى عليهم القرآن ليذكروا ويعتبروا . ويجوز أن يكون خطابا لغير معين ليعم كل مخاطب .
ولما كان الوجه هنا بمعنى الذات وصف ب ( ذو الجلال ) ، أي العظمة ( والإكرام ) : أي المنعم على عباده وإلا فإن الوجه الحقيقي لا يضاف للإكرام في عرف اللغة ، وإنما يضاف للإكرام اليد ، أي فهو لا يفقد عبيده جلاله
[ ص: 254 ] وإكرامه ، وقد دخل في الجلال جميع الصفات الراجعة إلى التنزيه عن النقص وفي الإكرام جميع صفات الكمال الوجودية وصفات الجمال كالإحسان .
وتفريع
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=77فبأي آلاء ربكما تكذبان إنما هو تفريع على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=27ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام كما علمت من أنه يتضمن معاملة خلقه معاملة العظيم الذي لا تصدر عنه السفاسف ، الكريم الذي لا يقطع إنعامه ، وذلك من الآلاء العظيمة .
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=26nindex.php?page=treesubj&link=29026_32872_28862كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=27وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ .
لَمَّا كَانَ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=24وَلَهُ الْجَوَارِي الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ مُؤْذِنًا بِنِعْمَةِ إِيجَادِ أَسْبَابِ النَّجَاةِ مِنَ الْهَلَاكِ وَأَسْبَابِ السَّعْيِ لِتَحْصِيلِ مَا بِهِ إِقَامَةَ الْعَيْشِ إِذْ يَسَرَّ لِلنَّاسِ السُّفُنَ عَوْنًا لِلنَّاسِ عَلَى الْأَسْفَارِ وَقَضَاءَ الْأَوْطَارِ مَعَ السَّلَامَةِ مِنْ طُغْيَانِ مَاءِ الْبِحَارِ ، وَكَانَ وَصْفُ السُّفُنِ بِأَنَّهَا كَالْأَعْلَامِ تَوْسِعَةً فِي هَذِهِ النِّعْمَةِ أَتْبَعُهُ بِالْمَوْعِظَةِ بِأَنَّ هَذَا لَا يَحُولُ بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَ مَا قَدَّرَهُ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الْفَنَاءِ ، عَلَى عَادَةِ الْقُرْآنِ فِي الْفُرَصِ لِلْمَوْعِظَةِ وَالتَّذْكِيرِ كَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ . وَفَائِدَةُ هَذَا أَنْ لَا يَنْسَوُا الْاِسْتِعْدَادَ لِلْحَيَاةِ الْبَاقِيَةِ بِفِعْلِ الصَّالِحَاتِ ، وَأَنْ يَتَفَكَّرُوا فِي عَظِيمِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَيُقْبِلُوا عَلَى تَوْحِيدِهِ وَطَلَبِ مَرْضَاتِهِ .
وَوُقُوعُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ عَقِبَ مَا عَدَّدَ مِنَ النِّعَمِ فِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ مَصِيرَ نِعَمِ الدُّنْيَا إِلَى الْفَنَاءِ .
وَالْجُمْلَةُ اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ .
وَضَمِيرُ ( عَلَيْهَا ) مُرَادٌ بِهِ الْأَرْضَ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ مِثْلُ
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=32حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ ، أَيِ الشَّمْسِ وَمِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ وَفِي كَلَامِ الْبُلَغَاءِ .
[ ص: 253 ] وَمَعْنَى ( فَإِنَّ ) : أَنَّهُ صَائِرٌ إِلَى الْفَنَاءِ ، فَهَذَا مِنِ اسْتِعْمَالِ اسْمِ الْفَاعِلِ لِزَمَانِ الْاِسْتِقْبَالِ بِالْقَرِينَةِ مِثْلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=30إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ .
وَالْمُرَادُ بِ مَنْ عَلَيْهَا : النَّاسُ لِأَنَّهُمُ الْمَقْصُودُونَ بِهَذِهِ الْعِبَرِ ، وَلِذَلِكَ جِيءَ بِ مَنِ الْمَوْصُولَةِ الْخَاصَّةِ بِالْعُقَلَاءِ .
وَالْمَعْنَى : أَنَّ مَصِيرَ جَمِيعِ مَنْ عَلَى الْأَرْضِ إِلَى الْفَنَاءِ ، وَهَذَا التَّذْكِيرُ بِالْمَوْتِ وَمَا بَعْدَهُ مِنَ الْجَزَاءِ .
وَ ( وَجْهُ رَبِّكَ ) : ذَاتُهُ ، فَذِكْرُ الْوَجْهِ هُنَا جَارٍ عَلَى عُرْفِ كَلَامِ الْعَرَبِ . قَالَ فِي الْكَشَّافِ : وَالْوَجْهُ يُعَبَّرُ بِهِ عَنِ الْجُمْلَةِ وَالذَّاتِ اهـ .
وَقَدْ أُضِيفَ إِلَى اسْمِهِ تَعَالَى لَفْظُ الْوَجْهِ بِمَعَانٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْهَا مَا هُنَا وَمِنْهَا قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=115فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=9إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ .
وَقَدْ عَلِمَ السَّامِعُونَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَجْهٌ بِالْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ وَهُوَ الْجُزْءُ الَّذِي فِي الرَّأْسِ .
وَاصْطَلَحَ عُلَمَاءُ الْعَقَائِدِ عَلَى تَسْمِيَةِ مِثْلِ هَذَا بِالْمُتَشَابِهِ وَكَانَ السَّلَفُ يَحُجُّونَ عَلَى الْخَوْفِ فِي ذَلِكَ مَعَ الْيَقِينِ بِاسْتِحَالَةِ ظَاهِرَةٍ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى ، ثُمَّ تَنَاوَلَهُ عُلَمَاءُ التَّابِعِينَ وَمَا بَعْدَهُمْ بِالتَّأْوِيلِ تَدْرِيجِيًّا إِلَى أَنِ اتَّضَحَ وَجْهُ التَّأْوِيلِ بِالْجَرْيِ عَلَى قَوَاعِدِ عِلْمِ الْمَعَانِي فَزَالَ الْخَفَاءُ ، وَانْدَفَعَ الْجَفَاءُ ، وَكُلُّ الْفَرِيقَيْنِ خِيرَةُ الْحُنَفَاءِ .
وَضَمِيرُ الْمُخَاطَبِ فِي قَوْلِهِ : ( وَجْهُ رَبِّكَ ) خِطَابٌ لِلنَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِيهِ تَعْظِيمٌ لِقَدْرِ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ .
وَالْمَقْصُودُ تَبْلِيغُهُ إِلَى الَّذِينَ يُتْلَى عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لِيَذَّكَّرُوا وَيَعْتَبِرُوا . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خِطَابًا لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ لِيَعُمَّ كُلَّ مُخَاطَبٍ .
وَلَمَّا كَانَ الْوَجْهُ هُنَا بِمَعْنَى الذَّاتِ وُصِفَ بِ ( ذُو الْجَلَالِ ) ، أَيِ الْعَظَمَةِ ( وَالْإِكْرَامِ ) : أَيِ الْمُنْعِمِ عَلَى عِبَادِهِ وَإِلَّا فَإِنَّ الْوَجْهَ الْحَقِيقِيَّ لَا يُضَافُ لِلْإِكْرَامِ فِي عُرْفِ اللُّغَةِ ، وَإِنَّمَا يُضَافُ لِلْإِكْرَامِ الْيَدُ ، أَيْ فَهُوَ لَا يُفْقِدُ عَبِيدُهُ جَلَالَهُ
[ ص: 254 ] وَإِكْرَامَهُ ، وَقَدْ دَخَلَ فِي الْجَلَالِ جَمِيعُ الصِّفَاتِ الرَّاجِعَةِ إِلَى التَّنْزِيهِ عَنِ النَّقْصِ وَفِي الْإِكْرَامِ جَمِيعُ صِفَاتِ الْكَمَالِ الْوُجُودِيَّةِ وَصِفَاتِ الْجَمَالِ كَالْإِحْسَانِ .
وَتَفْرِيعُ
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=77فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ إِنَّمَا هُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=27وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ كَمَا عَلِمَتْ مِنْ أَنَّهُ يَتَضَمَّنُ مُعَامَلَةَ خَلْقِهِ مُعَامَلَةَ الْعَظِيمِ الَّذِي لَا تَصْدُرُ عَنْهُ السَّفَاسِفُ ، الْكَرِيمُ الَّذِي لَا يَقْطَعُ إِنْعَامَهُ ، وَذَلِكَ مِنَ الْآلَاءِ الْعَظِيمَةِ .