قال المصنف رحمه الله تعالى ( ويجوز " لأن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف ولم ينقل أنه غير شيئا من ملابسه " ولو فعل ذلك لنقل ، ويجوز أن يتطيب ; لأنه لو حرم عليه الطيب لحرم ترجيل الشعر كالإحرام وقد روت عائشة { للمعتكف أن يلبس ما يلبسه في غير الاعتكاف } فدل على أنه لا يحرم عليه التطيب ، ويجوز أن يتزوج ويزوج ; لأنه عبادة لا تحرم التطيب فلا تحرم النكاح كالصوم ، ويجوز أن يقرأ القرآن ويقرئ غيره ويدرس العلم ويدرس غيره ، لأن ذلك كله زيادة خير لا يترك به شرط من شروط الاعتكاف ، ويجوز أن يأمر بالأمر الخفيف في ماله وصنعته ويبيع [ ويبتاع ] ولكنه لا يكثر منه ; لأن المسجد ينزه عن أن يتخذ موضعا للبيع والشراء ، فإن أكثر من ذلك كره لأجل المسجد ولم يبطل به الاعتكاف . وقال في القديم : إن فعل ذلك في اعتكاف منذور رأيت أن يستقبله ، ووجهه أن الاعتكاف هو حبس النفس على الله عز وجل ، فإذا أكثر من البيع والشراء صار قعوده في المسجد للبيع والشراء لا للاعتكاف - والصحيح أنه لا يبطل - والأول مرجوع [ ص: 559 ] عنه لأن ما لا يبطل قليله الاعتكاف لم يبطل كثيره كالقراءة والذكر ، ويجوز أن يأكل في المسجد ; لأنه عمل قليل لا بد منه ، ويجوز أن يضع فيه المائدة ; لأن ذلك أنظف للمسجد ويغسل فيه اليد وإن غسل في الطست فهو أحسن ) أنها كانت ترجل شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاعتكاف
- للمعتكف أن يتزوج وأن يزوج
- للمعتكف أن يقرأ القرآن ويقرئه غيره وأن يتعلم العلم ويعلمه
- للمعتكف أن يأمر في الخفيف من ماله وأن يتحدث بالحديث المباح
- فرع هل يجوز للمعتكف أن يخيط في المسجد
- فرع هل للمعتكف أن يقص في المسجد
- فرع لا يفسد الاعتكاف سباب ولا جدال
- للمعتكف وغيره أن يأكل في المسجد ويشرب ويضع المائدة ويغسل يده
- فرع في مذاهب العلماء في بيع المعتكف وشرائه
- فرع دخول المعتكف تحت سقف
- فرع في مذاهب العلماء في الطيب للمعتكف
التالي
السابق
( الشرح ) حديث رواه عائشة البخاري . وفي الفصل مسائل : ( إحداها ) قال ومسلم في المختصر : ولا بأس أن يلبس المعتكف والمعتكفة ويأكلا ويتطيبا بما شاءا ، قال أصحابنا : الشافعي ، وسواء رفيع الثياب وغيره ولا كراهة في شيء من ذلك ولا يقال : إنه خلاف الأولى ، هذا مذهبنا . قال يجوز لهما من اللباس والطيب والمأكول ما كان جائزا قبل الاعتكاف العبدري : وبه قال أكثر العلماء ، وقال : يستحب أن لا يلبس رفيع الثياب ولا يتطيب ، قال أحمد الماوردي وحكي عن طاوس أنه ممنوع من الطيب كالحج دليلنا ما ذكره وعطاء المصنف ويخالف الحج ; لأنه شرع فيه كشف الرأس واجتناب المخيط وتحريم النكاح وغير ذلك مما ليس في الاعتكاف .
( الثانية ) يجوز أن وقد نص عليه يتزوج وأن يزوج في المختصر واتفق الأصحاب عليه ، ولا أعلم فيه خلافا . الشافعي
( الثالثة ) يجوز أن يقرأ القرآن ويقرئه غيره ، وأن يتعلم العلم ويعلمه غيره ، ولا كراهة في ذلك في حال الاعتكاف قال وأصحابنا : وذلك أفضل من صلاة النافلة ; لأن الاشتغال بالعلم فرض كفاية فهو أفضل من النفل ، ولأنه مصحح للصلاة وغيرها من العبادات ولأن نفعه متعد إلى الناس وقد تظاهرت الأحاديث بتفضيل الاشتغال بالعلم على الاشتغال بصلاة النافلة ، وقد سبق بيان جملة من ذلك في مقدمة هذا الشرح . قال الشافعي والأصحاب : فالأولى الشافعي ومطالعة وكتابة ونحو ذلك ولا كراهة في شيء من ذلك ولا يقال : هو خلاف الأولى ، هذا مذهبنا وبه قال جماعة منهم للمعتكف الاشتغال بالطاعات من صلاة وتسبيح وذكر وقراءة واشتغال بعلم تعلما وتعليما عطاء والأوزاعي . [ ص: 560 ] وقال وسعيد بن عبد العزيز مالك : يستحب له وأحمد قالا : ويستحب أن لا يقرأ القرآن ولا يشتغل بكتابة الحديث ولا بمجالسة العلماء ، كما لا يشرع ذلك في الصلاة والطواف . واحتج أصحابنا بأن أمر القرآن وتعليم العلم والاشتغال به طاعة فاستحب للمعتكف كالصلاة والتسبيح ويخالف الصلاة فإنه شرع فيها أذكار مخصوصة والخشوع وتدبرها ، وذلك لا يمكن مع الإقراء والتعليم ( وأما ) الطواف فقال أصحابنا : لا نسلمه ولا يكره إقراء القرآن وتعليم العلم فيه ، والله أعلم الاشتغال بالصلاة والذكر والقراءة مع نفسه
( الرابعة ) قال والأصحاب : يجوز الشافعي ، وأن يبيع ويشتري ويؤجر ونحوها من العقود بحيث لا يكثر ذلك منه ، فإن أكثر من ذلك كره ولم يبطل اعتكافه . للمعتكف أن يأمر في الخفيف من ماله وصنعته ونحو ذلك ، وأن يتحدث بالحديث المباح
وحكى المصنف والأصحاب قولا قديما أنه إن كان اعتكاف نذر متتابع استأنفه وهذا شاذ ضعيف والمذهب الأول قال إمام الحرمين : هذا المحكي عن القديم غلط صريح ، ودليل الجميع في الكتاب ، واستدل أصحابنا لإباحة الحديث المباح في الاعتكاف بحديث { صفية أم المؤمنين رضي الله عنها أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره في اعتكافه في المسجد فتحدثت عنده ساعة ثم قامت تنقلب فقام النبي صلى الله عليه وسلم معها يقلبها حتى إذا بلغت باب المسجد مر رجلان من الأنصار فسلما على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم : على رسلكما إنما هي ، فقالا : سبحان الله وكبر عليهما ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : سبحان الله إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا صفية بنت حيي } رواه البخاري . ومسلم
( فرع ) قد ذكر المصنف أنه يجوز للمعتكف أن يبيع ويشتري ولا يكثر منه فإن أكثر كره وهكذا قاله البغوي وكثيرون أو الأكثرون ، وقد نص في المختصر على إباحة البيع للمعتكف فقال : ولا بأس على المعتكف أن يبيع ويشتري ويخيط ويجالس العلماء ويتحدث بما أحب ما لم يكن إثما هذا نصه . واختلفت عبارة الأصحاب في [ ص: 561 ] ذلك ، فقال الشافعي المصنف ما قدمناه ، ووافقه عليه ما ذكرناه وقطع الماوردي بأن البيع والشراء وعمل الصنائع في المسجد مكروه للمعتكف وغيره ولا يبطل به الاعتكاف ، وقال صاحب الشامل : فإن فلا بأس به . نص عليه باع المعتكف أو اشترى في الأم وفي القديم ، قال في القديم : ولا يكثر من التجارة ; لئلا يخرج عن حد الاعتكاف قال : وقال في الشافعي : وأكره البويطي . البيع والشراء في المسجد
قال صاحب الشامل : فالمسألة على قولين ( أصحهما ) يكره البيع والشراء في المسجد ( والثاني ) لا يكره قال : فإن كان محتاجا إلى شراء قوته وما لا بد منه لم يكره . قال : فأما الخياطة فإن خاط ثوبه الذي يحتاج إلى لبسه جاز وإن كان كثيرا فتركه أولى ، هذا كلام صاحب الشامل وجزم بكراهة البيع والشراء في المسجد وقال القاضي الشيخ أبو حامد في المجرد : قال أبو الطيب في الشافعي : وأكره البيع والشراء في المسجد ، فإن باع معتكف أو غيره كرهته والبيع جائز ، قال البويطي : بسبب المسجد لا بسبب الاعتكاف . قال : وهي كراهة تنزيه لا تحريم هذا كلام القاضي ، وقال القاضي المحاملي في المجموع : قال في المختصر والأم والقديم : ولا بأس أن يبيع المعتكف ويشتري ويخيط ، وفي كراهته قولان ( أرجحهما ) الكراهة ، قال : وقول الشافعي لا بأس به ، أراد أنه لا يؤثر في الاعتكاف ولا يمنع منه لأجله فأما المسجد فهو مكروه للمعتكف وغيره . وقال الشافعي المتولي : إذا اشتغل المعتكف بالبيع والشراء - فإن كان محتاجا إليه لتحصيل قوته - لم يكره . وإن قصد به التجارة وطلب الزيادة فقد نص في الأم أنه لا بأس به ، ونقل البويطي أنه يكره البيع والشراء في المسجد ، فحصل في المسألة قولان ( الصحيح ) كراهته وقال السرخسي : في البيع والشراء للمعتكف نصان مختلفان وللأصحاب فيهما طريقان ( أحدهما ) في كراهته قولان ( والثاني ) أنهما على حالين فإن اتفق البيع نادرا لم يكره ، وإن اتخذه عادة منع منه وقال الدارمي : يكره للمعتكف البيع والشراء في المسجد ، فإن لم يكن له من يشتري له الخبز خرج له ، وهذا كلام الأصحاب ، وحاصله أن الصحيح كراهة البيع والشراء في المسجد إلا أن يحتاج [ ص: 562 ] إليه لضرورة ونحوها ، وقد سبق بيان هذا بأدلته في آخر باب ما يوجب الغسل ، والله أعلم .
وحكى المصنف والأصحاب قولا قديما أنه إن كان اعتكاف نذر متتابع استأنفه وهذا شاذ ضعيف والمذهب الأول قال إمام الحرمين : هذا المحكي عن القديم غلط صريح ، ودليل الجميع في الكتاب ، واستدل أصحابنا لإباحة الحديث المباح في الاعتكاف بحديث { صفية أم المؤمنين رضي الله عنها أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره في اعتكافه في المسجد فتحدثت عنده ساعة ثم قامت تنقلب فقام النبي صلى الله عليه وسلم معها يقلبها حتى إذا بلغت باب المسجد مر رجلان من الأنصار فسلما على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم : على رسلكما إنما هي ، فقالا : سبحان الله وكبر عليهما ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : سبحان الله إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا صفية بنت حيي } رواه البخاري . ومسلم
( فرع ) قد ذكر المصنف أنه يجوز للمعتكف أن يبيع ويشتري ولا يكثر منه فإن أكثر كره وهكذا قاله البغوي وكثيرون أو الأكثرون ، وقد نص في المختصر على إباحة البيع للمعتكف فقال : ولا بأس على المعتكف أن يبيع ويشتري ويخيط ويجالس العلماء ويتحدث بما أحب ما لم يكن إثما هذا نصه . واختلفت عبارة الأصحاب في [ ص: 561 ] ذلك ، فقال الشافعي المصنف ما قدمناه ، ووافقه عليه ما ذكرناه وقطع الماوردي بأن البيع والشراء وعمل الصنائع في المسجد مكروه للمعتكف وغيره ولا يبطل به الاعتكاف ، وقال صاحب الشامل : فإن فلا بأس به . نص عليه باع المعتكف أو اشترى في الأم وفي القديم ، قال في القديم : ولا يكثر من التجارة ; لئلا يخرج عن حد الاعتكاف قال : وقال في الشافعي : وأكره البويطي . البيع والشراء في المسجد
قال صاحب الشامل : فالمسألة على قولين ( أصحهما ) يكره البيع والشراء في المسجد ( والثاني ) لا يكره قال : فإن كان محتاجا إلى شراء قوته وما لا بد منه لم يكره . قال : فأما الخياطة فإن خاط ثوبه الذي يحتاج إلى لبسه جاز وإن كان كثيرا فتركه أولى ، هذا كلام صاحب الشامل وجزم بكراهة البيع والشراء في المسجد وقال القاضي الشيخ أبو حامد في المجرد : قال أبو الطيب في الشافعي : وأكره البيع والشراء في المسجد ، فإن باع معتكف أو غيره كرهته والبيع جائز ، قال البويطي : بسبب المسجد لا بسبب الاعتكاف . قال : وهي كراهة تنزيه لا تحريم هذا كلام القاضي ، وقال القاضي المحاملي في المجموع : قال في المختصر والأم والقديم : ولا بأس أن يبيع المعتكف ويشتري ويخيط ، وفي كراهته قولان ( أرجحهما ) الكراهة ، قال : وقول الشافعي لا بأس به ، أراد أنه لا يؤثر في الاعتكاف ولا يمنع منه لأجله فأما المسجد فهو مكروه للمعتكف وغيره . وقال الشافعي المتولي : إذا اشتغل المعتكف بالبيع والشراء - فإن كان محتاجا إليه لتحصيل قوته - لم يكره . وإن قصد به التجارة وطلب الزيادة فقد نص في الأم أنه لا بأس به ، ونقل البويطي أنه يكره البيع والشراء في المسجد ، فحصل في المسألة قولان ( الصحيح ) كراهته وقال السرخسي : في البيع والشراء للمعتكف نصان مختلفان وللأصحاب فيهما طريقان ( أحدهما ) في كراهته قولان ( والثاني ) أنهما على حالين فإن اتفق البيع نادرا لم يكره ، وإن اتخذه عادة منع منه وقال الدارمي : يكره للمعتكف البيع والشراء في المسجد ، فإن لم يكن له من يشتري له الخبز خرج له ، وهذا كلام الأصحاب ، وحاصله أن الصحيح كراهة البيع والشراء في المسجد إلا أن يحتاج [ ص: 562 ] إليه لضرورة ونحوها ، وقد سبق بيان هذا بأدلته في آخر باب ما يوجب الغسل ، والله أعلم .
( فرع ) قد ذكرنا قريبا عن نص في المختصر وغيره أنه الشافعي ، وهذا فيه خلاف عندنا في حق المعتكف إذا خاط ما تدعو حاجته إليه ولا كراهة حينئذ ، فأما غير المعتكف والمعتكف إذا اتخذ مسجدا محلا لذلك وأكثر فيه من الخياطة ونحوها فهو مكروه ولا يبطل به اعتكافه على المشهور من مذهبنا ، وفيه القول القديم الذي حكاه لا بأس على المعتكف أن يخيط في المسجد المصنف والأصحاب ، وهذا غلط كما سبق . هذا مختصر كلام الأصحاب في ذلك ، قال الدارمي : تكره الخياطة في المسجد كالبيع ، وقليلها لحاجة جائز كالبيع . وقال الماوردي : البيع والشراء وعمل الصنائع في المسجد مكروه للمعتكف وغيره . وقليل ذلك أخف من كثيره ، وقال صاحب الشامل : إن خاط ثوبه الذي يحتاج إلى لبسه لم يكره ، وإن كان كثيرا فتركه أولى ، وقال البغوي : إن عمل عملا مباحا يسيرا أو خاط شيئا من ثوبه لم يكره ، فإن قعد يحترف بالخياطة أو بحرفة أخرى كره ، وعبارات باقي الأصحاب نحو هذا ، والله أعلم . وقد سبق في آخر باب ما يوجب الغسل بيان هذا كله وأشباهه مما يكره في المسجد أو يحرم أو يباح أو يندب ، وأن رفع الأصوات فيه مكروه ، والبول حرام في غير إناء ، وفي إناء على الأصح ، والفصد والحجامة ونحوهما فيه حرام في غير إناء ومكروه في الإناء ، والله أعلم .
( فرع ) قال القاضي في المجرد : قال أبو الطيب في الأم والجامع الكبير : الشافعي ; لأن القصص وعظ وتذكير . قال : وأما الحديث المباح فالأولى تركه ، فإن فعل فلا بأس به ما لم يكن إثما ، وهذا الذي قاله لا بأس أن يقص في المسجد رحمه الله في القصص محمول على قراءة الأحاديث المشهورة والمغازي والرقائق ونحوهما مما ليس فيه موضوع ولا ما لا تحتمله عقول العوام ، ولا [ ص: 563 ] ما ذكره أهل التواريخ والقصص من قصص الأنبياء وحكايتهم فيها أن بعض الأنبياء جرى له كذا من فتنة أو نحوها ، فإن هذا كله يمتنع منه وقد سبق بيان هذا في آخر باب ما يوجب الغسل . الشافعي
( فرع ) قال في المختصر : الشافعي ، واتفق أصحابنا على هذا . قالوا : ويستحب للمعتكف إذا سبه إنسان أن لا يجيبه ، كما لا يجيبه الصائم ، فإن أجابه وسب غيره أو جادل بغير حق كره ولم يبطل اعتكافه بالاتفاق . قال ولا يفسد الاعتكاف سباب ولا جدال المتولي : ويبطل ثوابه أو ينقص ، هذا لفظه .
( المسألة الخامسة ) قال والأصحاب : يجوز الشافعي بحيث لا يتأذى بغسالته أحد ، وإن غسلها في الطست فهو أفضل ، ودليل الجميع في الكتاب ، قال أصحابنا : ويستحب للآكل أن يضع سفرة ونحوها ليكون أنظف للمسجد وأصون ، قال للمعتكف وغيره أن يأكل في المسجد ويشرب ويضع المائدة ويغسل يده البغوي : يجوز نضح المسجد بالماء المطلق ، ولا يجوز بالمستعمل وإن كان طاهرا ; لأن النفس قد تعافه ، وهذا الذي قاله ضعيف ، والمختار أن المستعمل كالمطلق في هذا ; لأن النفس إنما تعاف شربه ونحوه ، وقد اتفق أصحابنا على جواز مع أنه مستعمل ، وصرح به صاحبا الشامل والتتمة في هذا الباب ، وقد قدمنا بيانه في آخر ما يوجب الغسل ، ونقلنا هناك عن الوضوء في المسجد ، وإسقاط مائه في أرضه أنه نقل إجماع العلماء على ذلك ، ولأنه إذا جاز غسل اليد في المسجد من غير طست كما صرح به ابن المنذر المصنف وجميع الأصحاب فرشه بالماء المستعمل أولى ; لأنه أنظف من غسالة اليد ، والله أعلم . قال الماوردي : والأولى أن يغسل اليد حيث يبعد عن نظر الناس وعن مجالس العلماء ، قال : وكيفما فعل جاز والله أعلم ، قال أصحابنا : ; لأنه يجوز ذلك لغيره فله أولى ، وقد سبقت المسألة في باب ما يوجب الغسل . وللمعتكف النوم والاضطجاع والاستلقاء ومد رجليه ونحو ذلك في المسجد
[ ص: 564 ] فرع في . قد ذكرنا أن الأصح من مذهبنا كراهته إلا لما لا بد منه ، قال مذاهب العلماء في بيع المعتكف وشرائه وممن كرهه ابن المنذر عطاء ومجاهد والزهري ، ورخص فيه ، وقال أبو حنيفة سفيان الثوري : يشتري الخبز إذا لم يكن له من يشتري ، وعن وأحمد رواية مالك ، ورواية يشتري ويبيع اليسير قال كالثوري : وعندي لا يبيع ولا يشتري إلا ما لا بد له منه إذا لم يكن له من يكفيه ذلك ، قال : فأما سائر التجارات فإن فعلها في المسجد كره ، وإن خرج لها بطل اعتكافه ، وإن خرج لقضاء حاجة فباع واشترى في مروره لم يكره ، والله أعلم . ابن المنذر
( فرع ) مذهبنا أنه لا يكره . ونقله دخول المعتكف تحت سقف عن ابن المنذر الزهري قال : وبه أقول ، وروينا عن وأبي حنيفة قال : لا يدخل تحت سقف وبه قال ابن عمر عطاء والنخعي وإسحاق . وقال : إذا دخل بيتا انقطع اعتكافه الثوري
. فرع في . مذهبنا أنه لا كراهة فيه كما سبق . قال مذاهب العلماء في الطيب للمعتكف وبه قال أكثر العلماء ، منهم ابن المنذر مالك وأبو حنيفة . وقال وأبو ثور : لا تتطيب المعتكفة قال : فإن خالفت لم يقطع تتابعها قال : وقال عطاء : يكره أن يتطيب المعتكف . قال معمر : لا معنى لكراهة ذلك ، قال : ولعل ابن المنذر إنما كره طيبها لكونها في المسجد ، كما يكره لغير المعتكفة الطيب إذا أرادت الخروج إلى المسجد عطاء