الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( جنات عدن مفتحة لهم الأبواب ( 50 ) متكئين فيها يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب ( 51 ) )

قوله - تعالى ذكره - : ( جنات عدن ) : بيان عن حسن المآب ، وترجمة عنه ، ومعناه : بساتين إقامة . وقد بينا معنى ذلك بشواهده ، وذكرنا ما فيه من الاختلاف فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .

[ ص: 221 ] وقد حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( جنات عدن ) قال : سأل عمر كعبا ما عدن ؟ قال : يا أمير المؤمنين ، قصور في الجنة من ذهب يسكنها النبيون والصديقون والشهداء وأئمة العدل .

وقوله ( مفتحة لهم الأبواب ) يعني : مفتحة لهم أبوابها ، وأدخلت الألف واللام في الأبواب بدلا من الإضافة ، كما قيل : ( فإن الجنة هي المأوى ) بمعنى : هي مأواه ، وكما قال الشاعر :


ما ولدتكم حية ابنة مالك سفاحا وما كانت أحاديث كاذب     ولكن نرى أقدامنا في نعالكم
وآنفنا بين اللحى والحواجب



بمعنى : بين لحاكم وحواجبكم ، ولو كانت الأبواب جاءت بالنصب لم يكن لحنا ، وكان نصبه على توجيه المفتحة في اللفظ إلى جنات ، وإن كان في المعنى للأبواب ، وكان كقول الشاعر :


وما قومي بثعلبة بن سعد     ولا بفزارة الشعر الرقابا

[ ص: 222 ] ثم نونت مفتحة ، ونصبت الأبواب .

فإن قال لنا قائل : وما في قوله ( مفتحة لهم الأبواب ) من فائدة خبر حتى ذكر ذلك ؟ قيل : فإن الفائدة في ذلك إخبار الله تعالى عنها أن أبوابها تفتح لهم بغير فتح سكانها إياها ، بمعاناة بيد ولا جارحة ، ولكن بالأمر فيما ذكر .

كما حدثنا أحمد بن الوليد الرملي قال : ثنا ابن نفيل قال : ثنا ابن دعيج عن الحسن في قوله ( مفتحة لهم الأبواب ) قال : أبواب تكلم ، فتكلم : انفتحي ، انغلقي .

وقوله ( متكئين فيها يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب ) يقول : متكئين في جنات عدن ، على سرر يدعون فيها بفاكهة ، يعني بثمار من ثمار الجنة كثيرة ، وشراب من شرابها .

التالي السابق


الخدمات العلمية