الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : رجل وهب لابنه الكبير عبدا ، وهو في عياله ، ولم يسلمه إليه أو وهب لزوجته لم تجز الهبة إلا على قول ابن أبي ليلى ، فإنه يقول : من في عياله تحت يده فيقوم قبضه لهم مقام قبضهم - كما لو وهب لولده الصغير - والدليل عليه : أن الصغير إذا كان في عيال أجنبي فوهب - هو - له - أو غيره - هبة ، وقبضه من يعوله : تمت الهبة ، ولا نسب بينهما سوى أنه يعوله ، ولكنا نقول لا ولاية له على ولده البالغ ولا على زوجته فيما وراء حقوق النكاح وقبض الهبة ليس من حقوق النكاح في شيء ، وكان هو والأجنبي في ذلك سواء ; ولأنه متبرع بالإنفاق على ولده البالغ ، فهو كالغني إذا تبرع بالإنفاق على بعض المساكين ويعولهم ، فلا ينوب قبضه عن قبضهم في إتمام الصدقة والهبة ، بخلاف الأب في حق ولده الصغير ، فإنه وليه ، وهكذا نقول فيمن يعول يتيما : إنما يعتبر قبضه له إذا لم يكن لليتيم ولي يقبض له ، وهنا الموهوب له ولي نفسه ، فلا حاجة إلى قبض من يعوله في حقه ، كما إذا كان الصغير في عيال أجنبي ، وله أب أو جد ، فإنه لا يعتبر قبض من يعوله في إتمام الهبة له قال : وكل شيء وهبه لابنه الصغير وأشهد عليه ، وذلك الشيء معلوم : فهو جائز ، والقبض فيه بإعلام ما وهبه له ، والإشهاد عليه والإشهاد له ليس بشرط ، بل الهبة تتم بالإعلام . إلا أنه ذكر الإشهاد احتياطا للتحرز عن جحود سائر الورثة بعد موته ، أو عن جحوده بعد إدراك الولد .

أما إذا اتفقوا على ذلك فالهبة تامة بدون الإشهاد . وكذلك إن كان هذا الولد في عيال أمه ; لأن لها عليه نوع ولاية ; ألا ترى أنها تحفظه وتحفظ ماله ، وهذا القدر من الولاية يكفي لقبض الهبة . والصدقة في قياس الهبة ; لأن تمام كل واحد منهما بالقبض .

التالي السابق


الخدمات العلمية