الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : ( وإذا استودع الرجل رجلا وديعة ، ثم وهبها له ، ثم جحده فشهد بذلك عليه شاهدان ، ولم يشهدا بالقبض : فهو جائز ) ; لأن العقد يثبت بالبينة ، وقبضه معلوم بالمعاينة ; فيتم به سبب الملك . قال : ( فإن جحد الواهب أن تكون في يده يومئذ ، وقد شهد الشهود على الهبة ، ولم يشهدوا على معاينة القبض ، ولا على إقرار الواهب ، والهبة في يد الموهوب له يوم [ ص: 91 ] تخاصم إلى القاضي : فذلك جائز ، إذا كان الواهب حيا ) ; لأنه في الحال قابض ، وقد أثبت عقده بالبينة ; فيجعل قبضه صادرا عن ذلك العقد ; لأن القبض حكم العقد ، أو متمم للعقد الذي هو سبب الملك ، والثابت من العقد بالبينة كالثابت معاينة ، فكما يجعل القبض هناك متمما للسبب ، فكذلك هنا ، ولكن هذا إذا كان الواهب حيا ، فإن كان ميتا فشهادتهما باطلة ; لأن الملك في الحال للوارث ، فلا يكون إثبات العقد على الواهب بعد موته سببا للملك ; ألا ترى أنه ما دام الواهب حيا ، إذا قبض الموهوب بإذنه تتم الهبة ، ويملكه بعد موته لا يملكه بالقبض ، وإن كان قد أذن له في ذلك ، إلا أن يشهدا على أنها كانت في يده في حياة الواهب ، أو على إقرار الواهب بذلك ، فحينئذ يثبت الملك للموهوب له ; لأن الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة .

التالي السابق


الخدمات العلمية