الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              [ 2628 ] ونحوه عن أنس .

                                                                                              رواه أحمد (3 \ 101) ، والبخاري (6338) ، ومسلم (2678) .

                                                                                              [ ص: 29 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 29 ] (8) ومن باب : قوله : ليحقق الداعي طلبته وليعزم في دعائه .

                                                                                              قوله : " لا يقولن أحدكم : اللهم اغفر لي إن شئت ") إنما نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذا القول ; لأنه يدل على فتور الرغبة ، وقلة التهمم بالمطلوب . وكأن هذا القول يتضمن : أن هذا المطلوب إن حصل ، وإلا استغني عنه ، ومن كان هذا حاله لم يتحقق من حاله الافتقار والاضطرار الذي هو روح عبادة الدعاء ، وكان ذلك دليلا على قلة اكتراثه بذنوبه ، وبرحمة ربه ، وأيضا فإنه لا يكون موقنا بالإجابة ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه " . ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكتف بالنهي عن ذلك حتى أمر بنقيضه فقال : " ليعزم في الدعاء " أي : ليجزم في طلبته ، وليحقق رغبته ويتيقن الإجابة ; فإنه إذا فعل ذلك : دل على علمه بعظيم قدر ما يطلب من المغفرة والرحمة ، وعلى أنه مفتقر لما يطلب ، مضطر إليه ، وقد وعد الله المضطر بالإجابة بقوله : أمن يجيب المضطر إذا دعاه [ النمل : 62 ]

                                                                                              و (قوله : " فإن الله صانع ما شاء لا مكره له ") إظهار لعدم فائدة تقييد الاستغفار والرحمة بالمشيئة ; لأن الله تعالى لا يضطره إلى فعل شيء ، دعاء ولا [ ص: 30 ] غيره ، بل يفعل ما يريد ويحكم ما يشاء ، ولذلك قيد الله تعالى الإجابة بالمشيئة في قوله : فيكشف ما تدعون إليه إن شاء [ الأنعام : 41 ] فلا معنى لاشتراط مشيئته فيما هذا سبيله ، فأما اشتراطها في الإيمان فقد تقدم القول فيه .




                                                                                              الخدمات العلمية