ولما أخبر بهذه الأمور الجليلة الدقيقة المبنية على إحاطة العلم، عللها سبحانه وبين الصدق فيها بقوله تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=19881_28723_34164_34198_34274_29019nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=28هو أي: وحده
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=28الذي أرسل رسوله أي: الذي لا رسول أحق منه بإضافته إليه
[ ص: 336 ] صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=28بالهدى الكامل الذي يقتضي أن يستقيم به أكثر الناس، ولو أنه أخبر بشيء يكون فيه أدنى مقال لم يكن الإرسال بالهدى
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=28ودين الحق أي: الأمر الثابت الكامل في الثبات الذي يطابقه الواقع
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=28ليظهره أي: دينه
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=28على الدين كله دين أهل
مكة [و]
العرب عباد الأصنام، الذي يقتضي إظهاره عليه دخوله إليه آمنا، وإظهاره على من سواهم من أهل الأديان الباطلة بأيدي صحابته الأبرار والتابعين لهم بإحسان، إظهارا يتكامل بنزول عيسى عليه الصلاة والسلام مع الرفق بالخلق والرحمة لهم، فلا يقتل إلا من لا صلاح له أصلا، وعلى قدر الجبروت يحصل القهر، فلأجل ذلك هو يدبر أمره بمثل هذه الأمور التي توجب نصره وتعلي قدره مع الرفق بقومه وجميل الصنع لأتباعه، فلا بد أن تروا من فتوح أكثر البلاد وقهر الملوك الشداد ما تعرفون به قدرة الله سبحانه وتعالى.
ولما كان في سياق إحاطة العلم، وكان التقدير: شهد ربه سبحانه بتصديقه في كل ما قاله بإظهار المعجزات على يده، بنى عليه قوله تعالى
[ ص: 337 ] nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=28وكفى بالله أي: الذي له الإحاطة بجميع صفات الكمال
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=28شهيدا أي: ذا رؤية وخبرة بطية كل شيء ودخلته لما له الغنى في أمره، ولا شهيد في الحقيقة إلا هو سبحانه؛ لأنه لا إحاطة وخبرة ورقبة إلا له سبحانه، وهو يشهد بكل ما أخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم في هذه الصورة خصوصا وفي غيرها عموما.
وَلَمَّا أَخْبَرَ بِهَذِهِ الْأُمُورِ الْجَلِيلَةِ الدَّقِيقَةِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى إِحَاطَةِ الْعِلْمِ، عَلَّلَهَا سُبْحَانَهُ وَبَيَّنَ الصِّدْقَ فِيهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=19881_28723_34164_34198_34274_29019nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=28هُوَ أَيْ: وَحْدَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=28الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ أَيِ: الَّذِي لَا رَسُولَ أَحَقُّ مِنْهُ بِإِضَافَتِهِ إِلَيْهِ
[ ص: 336 ] صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=28بِالْهُدَى الْكَامِلِ الَّذِي يَقْتَضِي أَنْ يَسْتَقِيمَ بِهِ أَكْثَرُ النَّاسِ، وَلَوْ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِشَيْءٍ يَكُونُ فِيهِ أَدْنَى مَقَالٍ لَمْ يَكُنِ الْإِرْسَالُ بِالْهُدَى
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=28وَدِينِ الْحَقِّ أَيِ: الْأَمْرِ الثَّابِتِ الْكَامِلِ فِي الثَّبَاتِ الَّذِي يُطَابِقُهُ الْوَاقِعُ
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=28لِيُظْهِرَهُ أَيْ: دِينَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=28عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ دِينِ أَهْلِ
مَكَّةَ [وَ]
الْعَرَبِ عُبَّادِ الْأَصْنَامِ، الَّذِي يَقْتَضِي إِظْهَارُهُ عَلَيْهِ دُخُولَهُ إِلَيْهِ آمِنًا، وَإِظْهَارَهُ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَهْلِ الْأَدْيَانِ الْبَاطِلَةِ بِأَيْدِي صَحَابَتِهِ الْأَبْرَارِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، إِظْهَارًا يَتَكَامَلُ بِنُزُولِ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَعَ الرِّفْقِ بِالْخَلْقِ وَالرَّحْمَةِ لَهُمْ، فَلَا يُقْتَلُ إِلَّا مَنْ لَا صَلَاحَ لَهُ أَصْلًا، وَعَلَى قَدْرِ الْجَبَرُوتِ يَحْصُلُ الْقَهْرُ، فَلِأَجْلِ ذَلِكَ هُوَ يُدَبِّرُ أَمْرَهُ بِمِثْلِ هَذِهِ الْأُمُورِ الَّتِي تُوجِبُ نَصْرَهُ وَتُعْلِي قَدْرَهُ مَعَ الرِّفْقِ بِقَوْمِهِ وَجَمِيلِ الصُّنْعِ لِأَتْبَاعِهِ، فَلَا بُدَّ أَنْ تَرَوْا مِنْ فُتُوحِ أَكْثَرِ الْبِلَادِ وَقَهْرِ الْمُلُوكِ الشِّدَادِ مَا تَعْرِفُونَ بِهِ قُدْرَةَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
وَلَمَّا كَانَ فِي سِيَاقِ إِحَاطَةِ الْعِلْمِ، وَكَانَ التَّقْدِيرُ: شَهِدَ رَبُّهُ سُبْحَانَهُ بِتَصْدِيقِهِ فِي كُلِّ مَا قَالَهُ بِإِظْهَارِ الْمُعْجِزَاتِ عَلَى يَدِهِ، بَنَى عَلَيْهِ قَوْلَهُ تَعَالَى
[ ص: 337 ] nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=28وَكَفَى بِاللَّهِ أَيِ: الَّذِي لَهُ الْإِحَاطَةُ بِجَمِيعِ صِفَاتِ الْكَمَالِ
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=28شَهِيدًا أَيْ: ذَا رُؤْيَةٍ وَخِبْرَةٍ بِطَيَّةِ كُلِّ شَيْءٍ وَدُخْلَتِهِ لِمَا لَهُ الْغِنَى فِي أَمْرِهِ، وَلَا شَهِيدَ فِي الْحَقِيقَةِ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا إِحَاطَةَ وَخِبْرَةَ وَرُقْبَةَ إِلَّا لَهُ سُبْحَانَهُ، وَهُوَ يَشْهَدُ بِكُلِّ مَا أَخْبَرَ بِهِ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ خُصُوصًا وَفِي غَيْرِهَا عُمُومًا.