الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون ( 14 ) إن المتقين في جنات وعيون ( 15 ) آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين ( 16 ) )

يعني - تعالى ذكره - بقوله ( ذوقوا فتنتكم ) يقال لهم : ذوقوا فتنتكم ، وترك يقال لهم لدلالة الكلام عليها .

ويعني بقوله ( فتنتكم ) : عذابكم وحريقكم .

واختلف أهل التأويل في ذلك ، فقال بعضهم بالذي قلنا فيه .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، [ ص: 405 ] عن مجاهد قوله ( فتنتكم ) قال : حريقكم .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( ذوقوا فتنتكم ) : ذوقوا عذابكم ( هذا الذي كنتم به تستعجلون ) .

حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة في قوله ( ذوقوا فتنتكم ) يقول : يوم يعذبون ، فيقول : ذوقوا عذابكم .

حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله ( ذوقوا فتنتكم ) يقول : حريقكم .

حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن سفيان ( ذوقوا فتنتكم ) يقول : احتراقكم .

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( ذوقوا فتنتكم ) قال : ذوقوا عذابكم .

وقال آخرون : عنى بذلك : ذوقوا تعذيبكم أو كذبكم .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله ( ذوقوا فتنتكم ) يقول : تكذيبكم .

حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله ( ذوقوا فتنتكم ) يقول : حريقكم ، ويقال : كذبكم .

وقوله ( هذا الذي كنتم به تستعجلون ) يقول - تعالى ذكره - : يقال لهم : هذا العذاب الذي توفونه اليوم ، هو العذاب الذي كنتم به تستعجلون في الدنيا .

وقوله ( إن المتقين في جنات وعيون ) يقول - تعالى ذكره - : إن الذين اتقوا الله بطاعته ، واجتناب معاصيه في الدنيا في بساتين وعيون ماء في الآخرة . [ ص: 406 ]

وقوله ( آخذين ما آتاهم ربهم ) يقول - تعالى ذكره - : عاملين ما أمرهم به ربهم مؤدين فرائضه .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبي عمر ، عن مسلم البطين ، عن ابن عباس في قوله ( آخذين ما آتاهم ربهم ) قال : الفرائض .

وقوله ( إنهم كانوا قبل ذلك محسنين ) يقول : إنهم كانوا قبل أن يفرض عليهم الفرائض محسنين ، يقول : كانوا لله قبل ذلك مطيعين .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبي عمر ، عن مسلم البطين ، عن ابن عباس ( إنهم كانوا قبل ذلك محسنين ) قال : قبل الفرائض محسنين يعملون .

التالي السابق


الخدمات العلمية