الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وأما النسوة فهل يرخص لهن أن يخرجن في العيدين ؟ أجمعوا على أنه لا يرخص للشواب منهن الخروج في الجمعة والعيدين وشيء من الصلاة ; لقوله تعالى { وقرن في بيوتكن } والأمر بالقرار نهي عن الانتقال ولأن خروجهن سبب الفتنة بلا شك ، والفتنة حرام ، وما أدى إلى الحرام فهو حرام .

                                                                                                                                وأما العجائز فلا خلاف في أنه يرخص لهن الخروج في الفجر والمغرب والعشاء والعيدين ، واختلفوا في الظهر والعصر والجمعة قال أبو حنيفة : لا يرخص لهن في ذلك وقال أبو يوسف ومحمد يرخص لهن في ذلك .

                                                                                                                                وجه قولهما أن المنع لخوف الفتنة بسبب خروجهن ، وذا لا يتحقق في العجائز ولهذا أباح أبو حنيفة خروجهن في غيرهما من الصلوات ، ولأبي حنيفة أن وقت الظهر والعصر وقت انتشار الفساق في المحال والطرقات فربما يقع من صدقت رغبته في النساء في الفتنة بسببهن أو يقعن هن في الفتنة لبقاء رغبتهن في الرجال وإن كبرن ، فأما في الفجر والمغرب والعشاء فالهواء مظلم والظلمة تحول بينهن وبين نظر الرجال ، وكذا الفساق لا يكونون في الطرقات في هذه الأوقات فلا يؤدي إلى الوقوع في الفتنة ، وفي الأعياد وإن كان تكثر الفساق تكثر الصلحاء أيضا فتمنع هيبة الصلحاء أو العلماء إياهما عن الوقوع في المأثم ، والجمعة في المصر فربما تصدم أو تصدم لكثرة الزحام وفي ذلك فتنة .

                                                                                                                                وأما صلاة العيد فإنها تؤدى في الجبانة فيمكنها أن تعتزل ناحية عن الرجال كي لا تصدم فرخص لهن الخروج والله أعلم ثم هذا الخلاف في الرخصة والإباحة فأما لا خلاف في أن الأفضل أن لا يخرجن في صلاة لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { صلاة المرأة في دارها أفضل من صلاتها في مسجدها ، وصلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في دارها ، وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في [ ص: 276 ] بيتها } ثم إذا رخص في صلاة العيد هل يصلين ؟ روى الحسن عن أبي حنيفة يصلين ; لأن المقصود بالخروج هو الصلاة قال النبي صلى الله عليه وسلم { لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن إذا خرجن تفلات أي غير متطيبات } ، وروى المعلى عن أبي يوسف عن أبي حنيفة لا يصلين العيد مع الإمام ; لأن خروجهن لتكثير سواد المسلمين لحديث أم عطية رضي الله عنها { كن النساء يخرجن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ذوات الخدور والحيض } ومعلوم أن الحائض لا تصلي فعلم أن خروجهن كان لتكثير سواد المسلمين فكذلك في زماننا .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية