الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5527 ) فصل : فإن طلقها بعد عتقها ، وقبل اختيارها ، أو طلق الصغيرة والمجنونة بعد العتق ، وقع طلاقه ، وبطل خيارها ; لأنه طلاق من زوج جائز التصرف ، في نكاح صحيح ، فنفذ كما لو لم يعتق . وقال القاضي : طلاقه موقوف . فإن اختارت الفسخ لم يقع الطلاق ; لأن طلاقه يتضمن إبطال حقها من الخيار ، وإن لم تختر وقع . وللشافعي قولان ، كهذين الوجهين . وبنوا عدم الوقوع على أن الفسخ استند إلى حالة العتق ، فيكون الطلاق واقعا في نكاح مفسوخ

                                                                                                                                            ولنا ، أنه طلاق من زوج مكلف مختار ، في نكاح صحيح ، فوقع ، كما لو طلقها قبل عتقها ، أو كما لو لم تختر ، وقد ذكرنا أن الفسخ يوجب الفرقة من حينه ، ولا يجوز تقديم الفرقة عليه ، إذ الحكم لا يتقدم سببه ، ولأن العدة تبتدأ من حين الفسخ ، لا من حين العتق ، وما سبقه من الوطء وطء في نكاح صحيح ، يثبت الإحصان والإحلال للزوج الأول ، ولو كان الفسخ سابقا عليه لانعكست الحال

                                                                                                                                            وقول القاضي : إنه يبطل حقها من الفسخ . غير صحيح ; فإن الطلاق يحصل به مقصود الفسخ ، مع زيادة وجوب نصف المهر ، وتقصير العدة عليها ، فإن ابتداءها من حين طلاقه ، لا من حين فسخه ، ثم لو كان مبطلا لحقها ، لم يقع وإن لم تختر الفسخ ، كما لم يصح تصرف المشتري في المبيع في مدة الخيار ، سواء فسخ البائع أو لم يفسخ

                                                                                                                                            وهذا فيما إذا كان الطلاق بائنا ، فإن كان رجعيا ، لم يسقط خيارها ، على ما ذكرنا في الفصل الذي قبل هذا ، فعلى قولهم : إذا طلقها قبل الدخول ، ثم اختارت الفسخ ، سقط مهرها ; لأنها بانت بالفسخ ، وإن لم يفسخ ، فلها نصف الصداق ; لأنها بانت بالطلاق . وهكذا لو ارتدت أو أسلمت الكافرة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية