الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5776 ) فصل : وتعليق الطلاق على شرط العطية ، أو الضمان ، أو التمليك ، لازم من جهة الزوج لزوما لا سبيل إلى دفعه ; فإن الغالب فيها حكم التعليق المحض ; بدليل صحة تعليقه على الشروط . ويقع الطلاق بوجود الشرط ، سواء كانت العطية على الفور أو التراخي . وقال الشافعي : إن قال : متى أعطيتني ، أو متى ما [ ص: 260 ] أعطيتني ، أو أي حين أو أي زمان أعطيتني ألفا فأنت طالق . فذلك على التراخي . وإن قال : إن أعطيتني ، أو إذا أعطيتني ألفا فأنت طالق . فذلك على الفور . فإن أعطته جوابا لكلامه ، وقع الطلاق ، وإن تأخر العطاء لم يقع الطلاق ; لأن قبول المعاوضات على الفور ، فإذا لم يوجد منه تصريح بخلافه ، وجب حمل ذلك على المعاوضات ، بخلاف متى وأي ، فإن فيهما تصريحا بالتراخي ، ونصا فيه . وإن صارا معاوضة ، فإن تعليقه بالصفة جائز ، أما إن وإذا ، فإنهما يحتملان الفور والتراخي ، فإذا تعلق بهما العوض ، حملا على الفور .

                                                                                                                                            ولنا ، أنه علق الطلاق بشرط الإعطاء ، فكان على التراخي ، كسائر التعليق . أو نقول : علق الطلاق بحرف مقتضاه التراخي ، فكان على التراخي ، كما لو خلا عن العوض ، والدليل على أن مقتضاه التراخي ، أنه يقتضي التراخي إذا خلا عن العوض ، ومقتضيات الألفاظ لا تختلف بالعوض وعدمه ، وهذه المعاوضة معدول بها عن سائر المعاوضات ; بدليل جواز تعليقها على الشروط ، ويكون على التراخي فيما إذا علقها بمتى أو بأي ، فكذلك في مسألتنا ، ولا يصح قياس ما نحن فيه على غيره من المعاوضات ; لما ذكرنا من الفرق ، ثم يبطل قياسهم بقول السيد لعبده : إن أعطيتني ألفا فأنت حر . فإنه كمسألتنا ، وهو على التراخي ، على أننا قد ذكرنا أن حكم هذا اللفظ حكم الشرط المطلق .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية