الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      [ ص: 320 ] باب الهدي قال المصنف رحمه الله تعالى ( يستحب لمن قصد مكة حاجا أو معتمرا أن يهدي إليها من بهيمة الأنعام وينحره ويفرقه ، لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { أهدى مائة بدنة } ويستحب أن يكون ما يهديه سمينا حسنا لقوله تعالى { ومن يعظم شعائر الله } قال ابن عباس في تفسيرها : الاستسمان والاستحسان والاستعظام ، فإن نذر وجب عليه لأنه قربة فلزمت بالنذر )

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) حديث { أهدى النبي صلى الله عليه وسلم مائة بدنة } صحيح رواه البخاري ومسلم والتصريح بالمائة في رواية البخاري " وشعائر الله " معالم دينه ، واحدتها شعيرة ، وأصل الشعائر والأشعار ، والشعار الأعلام . وقوله " قربة " بإسكان الراء وضمها - لغتان مشهورتان ، قرئ بهما في السبع ، الأكثرون بالإسكان وورش بالضم . والهدي بإسكان الدال مع تخفيف الياء ، وبكسر الدال مع تشديد الياء - لغتان مشهورتان حكاهما الأزهري وغيره . قال الأزهري : الأصل التشديد والواحدة هدية وهدية ، ويقال فيه أهديت الهدي . قال العلماء : والهدي ما يهدى إلى الحرم من حيوان وغيره ، والمراد هنا ما يجزئ في الأضحية من الإبل والبقر والغنم خاصة ، لهذا قيده المصنف بقوله أن يهدي إليها من بهيمة الأنعام فخصه ببهيمة الأنعام لكونه يطلق على كل ما يهدى والأنعام هي الإبل والبقر والغنم ، والله أعلم .

                                      ( أما الأحكام ) فاتفقوا على أنه يستحب لمن قصد مكة بحج أو عمرة أن يهدي هديا من الأنعام وينحره هناك ، ويفرقه على المساكين الموجودين في الحرم . ويستحب أن يكون ما يهديه سمينا حسنا كاملا نفيسا ، لما ذكره المصنف ، ولا يجب الهدي إلا بالنذر ، والله أعلم .

                                      [ ص: 321 ] فرع ) يستحب أن يكون الهدي معه من بلده ، فإن لم يفعل فشراؤه من الطريق أفضل من شرائه من مكة ، ثم من مكة ، ثم عرفات ، فإن لم يسقه أصلا بل اشتراه من منى جاز وحصل أصل الهدي . هذا مذهبنا وبه قال ابن عباس وأبو حنيفة وأبو ثور والجمهور . وقال ابن عمر وسعيد بن جبير : لا هدي إلا ما أحضر عرفات .




                                      الخدمات العلمية