الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 454 ] قال المصنف - رحمه الله تعالى ( ويستحب أن nindex.php?page=treesubj&link=74_59يبدأ باليمنى قبل اليسرى لما ذكرناه في اليد ، فإن كانت أصابعه منفرجة فالمستحب أن يخلل بينها لقوله صلى الله عليه وسلم للقيط بن صبرة : { nindex.php?page=hadith&LINKID=949وخلل بين الأصابع } وإن كانت ملتفة لا يصل الماء إليها إلا بالتخليل وجب التخليل لقوله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=18562خللوا بين أصابعكم لا يخلل الله بينها بالنار } ) .
( الشرح ) حديث لقيط صحيح سبق بيانه في المضمضة ، والحديث الآخر رواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني من رواية nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها بإسناد ضعيف ، وفي التخليل أحاديث منها حديث nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه : { nindex.php?page=hadith&LINKID=17005توضأ فخلل بين أصابع قدميه ثلاثا قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل كما فعلت } رواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي بإسناد جيد ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=10421إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء واجعل الماء بين أصابع يديك ورجليك } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل والترمذي وقال : حديث حسن غريب . وهذا كلام الترمذي . وهذا الحديث من رواية صالح مولى التوأمة وقد ضعفه nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك فلعله اعتضد فصار حسنا كما قاله الترمذي . وعن المستورد بن شداد قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=17004رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فخلل أصابع رجليه بخنصره } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل وأبو داود والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي وهو حديث ضعيف فإنه من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16457عبد الله بن لهيعة وهو ضعيف عند أهل الحديث .
( أما الأحكام ) : فهنا مسألتان : ( إحداهما ) nindex.php?page=treesubj&link=74_59يستحب في غسل الرجلين تقديم اليمنى بل يكره تقديم اليسرى وقد سبق بيان هذا ودليله في فصل اليدين : وقول المصنف يبدأ باليمنى قبل اليسرى هو من باب التأكيد ، ولا حاجة إلى قوله قبل اليسرى وقد سبق هذا في فصل غسل اليدين .
( المسألة الثانية ) في التخليل قال أصحابنا : إن كانت أصابع رجليه منفرجة استحب التخليل ولا يجب ، وحديث لقيط محمول على الاستحباب أو على [ ص: 455 ] ما إذا لم يصل الماء إلى ما بينها إلا بالتخليل ، وإن كانت ملتفة وجب إيصال الماء إلى ما بينها ، ولا يتعين في إيصاله التخليل ، بل بأي طريق أوصله حصل الواجب ، ويستحب مع إيصاله التخليل ، فالتخليل مستحب مطلقا وإيصال الماء واجب ، وقول المصنف وشيخه القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبي الطيب والقاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين والماوردي والبغوي والمتولي وغيرهم : إن كانت ملتفة وجب التخليل ، أرادوا به إيصال الماء ; لأنهم فرضوا المسألة فيما إذا لم يصل الماء إلا بالتخليل . وأما كيفية التخليل فقال الخراسانيون : يخلل بخنصر يده اليسرى ويكون من أسفل القدم مبتدئا بخنصر رجله اليمنى ويختم بخنصر اليسرى ، ممن ذكره هكذا القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين والغزالي والبغوي والمتولي وصاحب العدة وغيرهم ، وقال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب في تعليقه : يستحب أن يخلل بخنصر يده اليمنى من تحت الرجل .
وقال إمام الحرمين : لست أرى لتعيين اليد اليمنى أو اليسرى في ذلك أصلا إلا النهي عن nindex.php?page=treesubj&link=363_26925الاستنجاء باليمين ، وليس nindex.php?page=treesubj&link=73تخليل الأصابع مشابها له فلا حجر على المتوضئ في استعمال اليمين أو اليسار ، فإن الأمر كذلك في غسل الرجلين ، وخلل الأصابع جزء منها ، ولم يثبت عندي في تعيين إحدى اليدين شيء . وذكر الغزالي في البسيط أن مستند الأصحاب في تعيين اليسرى الاستنجاء ، ثم ذكر قول إمام الحرمين ، وذكر الرافعي هذا المشهور عن الخراسانيين من استحباب خنصر اليسرى ، ونقله عن معظم الأئمة ، ثم حكى عن أبي طاهر الزيادي أنه قال : يخلل ما بين كل أصبعين من أصابع رجليه بأصبع من أصابع يده ليكون بماء جديد ، ويترك الإبهامين فلا يخلل بهما لما فيه من العسر ، فحصل من مجموع هذا أن التخليل من أسفل الرجل ويبدأ من خنصر اليمين . وفي الأصبع التي يخلل بها أوجه : الأشهر أنها خنصر اليسرى .
( الرابع ) قول الإمام أنه لا يتعين في استحباب ذلك يد وهو الراجح المختار . هذا حكم تخليل أصابع الرجلين ، وأما أصابع اليدين فلم يتعرض له الجمهور وجاء فيه حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس الذي قدمناه ، ونقل الترمذي استحباب تخليلهما عن nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه ، قال الرافعي : سكت الجمهور عنه ، وقال ابن كج : [ ص: 456 ] يستحب لحديث لقيط فإن الأصابع تشملها ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال : وعلى هذا يكون تخليلهما بالتشبيك بينهما والله أعلم .
( فرع ) في مسائل تتعلق بغسل الرجلين : ( إحداها ) اختلفوا في كيفيته المستحبة في غسلهما ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - في الأم : ينصب قدميه ثم يصب عليهما الماء بيمينه أو يصب عليه غيره ، هذا نصه ، وكذا قال البغوي وغيره . قال البغوي : ويدلكهما بيساره ويجتهد في دلك العقب لا سيما في الشتاء فإن الماء يتجافى عنها ، وكذا أطلق المحاملي في اللباب وآخرون nindex.php?page=treesubj&link=22626_57استحباب الابتداء بأصابع رجله ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14669الصيمري وصاحبه الماوردي : إن كان يصب على نفسه بدأ بأصابع رجله كما نص عليه ، وإن كان غيره يصب عليه بدأ من كعبيه إلى أصابعه . والمختار ما نص عليه وتابعه عليه الأكثرون من استحباب الابتداء بالأصابع مطلقا .
( الثانية ) : إذا nindex.php?page=treesubj&link=49كان لرجله أصبع أو قدم زائدة أو انكشطت جلدتها فحكمه ما سبق في اليد .
( الثالثة ) : إذا nindex.php?page=treesubj&link=57_62قطع بعض القدم وجب غسل الباقي فإن قطع فوق الكعب فلا فرض عليه ويستحب غسل الباقي كما سبق في اليد
( الرابعة ) : قال الدارمي : nindex.php?page=treesubj&link=62_57إذا لم يكن له كعبان قدر بقدرهما .
( الخامسة ) : قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه في الأم والأصحاب : إن nindex.php?page=treesubj&link=59كانت أصابعه ملتحمة بعضها في بعض لا يلزمه شقها بل لا يجوز لكن يغسل ما ظهر ، قال أصحابنا : فإن nindex.php?page=treesubj&link=62_59كان على رجله شقوق وجب إيصال الماء باطن تلك الشقوق ، وقد ذكر المصنف مثله في فصل غسل اليدين ، فإن شك في وصول الماء إلى باطنها أو باطن الأصابع لزمه الغسل ثانيا حتى يتحقق الوصول ، هذا إذا كان شكه في أثناء الوضوء ، فأما إذا شك بعد الفراغ ففيه خلاف نذكره إن شاء الله تعالى - في آخر الباب في المسائل الزائدة .
قال أصحابنا : فلو أذاب في شقوق رجليه شحما أو شمعا أو عجينا أو [ ص: 457 ] خضبهما بحناء وبقي جرمه لزمه إزالة عينه ; لأنه يمنع وصول الماء إلى البشرة ، فلو بقي لون الحناء دون عينه لم يضره ويصح وضوءه ، ولو كان على أعضائه أثر دهن مائع فتوضأ وأمس بالماء البشرة وجرى عليها ولم يثبت صح وضوءه ; لأن ثبوت الماء ليس بشرط ، صرح به المتولي وصاحبا العدة والبحر وغيرهم .
( فرع ) لو nindex.php?page=treesubj&link=57_62تنفطت رجله ولم تنشق كفاه غسل ظاهرها ، فلو انشقت بعد وضوئه لم يلزمه غسل ما ظهر بالانشقاق كما سبق فيمن حلق شعره بعد الطهارة ، فإن تطهر بعد ذلك لزمه غسل ما ظهر ، فإن كان قد عاد الالتحام لم يلزمه شقه والله أعلم