الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
بيان أن الشارع نهى عن الأغلوطات

وعن معاوية -رضي الله عنه- قال: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الأغلوطات. جمع أغلوطة -بضم الهمزة وسكون الغين- وهي الكلام الذي يلقى به أحدا في الغلط، ويقال لها أيضا: المغالطات.

فإن كان قصدا لإظهار الفضيلة لنفسه، ونقص الغير وفضيحته وندمه، وباعثا على تهييج الفتن والشرور، موجبا للعداوة والإيذاء، فهو حرام.

وإن كان على طريق الجزاء والمكافأة، فهو جائز عند البعض؛ لقوله تعالى: وجزاء سيئة سيئة مثلها [الشورى:40] كما فعل الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- مع أبي يوسف في مجلس الهارون. والله أعلم. كذا في الترجمة.

وبالجملة: فكل كلام ومسألة يصدق عليها أنه أغلوطة أو مغالطة، فالحديث يشملها.

وفي الفقه والفلسفة من هذا الباب شيء كثير، بل عندي: أن علوم الأوائل كلها أغلوطات ومغالطات، منهي عنها في دين الإسلام.

وإذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد غضب على عمر لأجل النظر في التوراة التي هي كتاب الله المنزل على نبيه المرسل موسى -عليه السلام- وقال: «لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي» فما ظنك بكتب جاءت عن فلاطن وأرطاليس، وجالينوس، ونحوهم من كفار يونان، وأدخلها المسلمون في الدين، ومزجوها في الأصول والفروع، من زمن هارون الرشيد الخليفة العباسي إلى أن آل الأمر الآن إلى أن من لا يعرف هذه الأغلوطات، ولا يتقيد بتلك المغالطات، فهو ليس [ ص: 244 ] بعالم عندهم، وإن كان بلغ في علم الدين من القرآن والحديث مبلغا عظيما، وصار إماما من أئمة الإسلام، وشيخا كبيرا من شيوخ الإيمان؟!!

التالي السابق


الخدمات العلمية