الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 570 ] القول في تأويل قوله تعالى ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وقاتلوا المشركين الذين يقاتلونكم حتى لا تكون فتنة يعني : حتى لا يكون شرك بالله ، وحتى لا يعبد دونه أحد ، وتضمحل عبادة الأوثان والآلهة والأنداد ، وتكون العبادة والطاعة لله وحده دون غيره من الأصنام والأوثان ، كما قال قتادة فيما :

3113 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة قوله : " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة " قال : حتى لا يكون شرك .

3114 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر عن قتادة في قوله : " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة " قال : حتى لا يكون شرك .

3115 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة " قال : الشرك " ويكون الدين لله " .

3116 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مثله .

3117 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو بن حماد قال : حدثنا أسباط عن السدي : " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة " قال : أما الفتنة فالشرك .

3118 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عمي ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه عن ابن عباس قوله : " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة " ، يقول : قاتلوا حتى لا يكون شرك . [ ص: 571 ]

3119 - حدثت عن عمار بن الحسن قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع : " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة " أي شرك .

3120 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة " قال : حتى لا يكون كفر ، وقرأ ( تقاتلونهم أو يسلمون ) [ سورة الفتح : 16 ] .

3121 - حدثني علي بن داود قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة " يقول : شرك .

وأما " الدين " ، الذي ذكره الله في هذا الموضع فهو العبادة والطاعة لله في أمره ونهيه ، من ذلك قول الأعشى :

هو دان الرباب ، إذ كرهوا الدي ن ، دراكا بغزوة وصيال

يعني بقوله : " إذ كرهوا الدين " ، إذ كرهوا الطاعة وأبوها . [ ص: 572 ]

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

3122 - حدثت عن عمار بن الحسن قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن الربيع : " ويكون الدين لله " يقول : حتى لا يعبد إلا الله ، وذلك " لا إله إلا الله " ، عليه قاتل النبي صلى الله عليه وسلم وإليه دعا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إني أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله " .

3123 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة : " ويكون الدين لله " أن يقال : " لا إله إلا الله " . ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " إن الله أمرني أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله " . ثم ذكر مثل حديث الربيع .

التالي السابق


الخدمات العلمية