الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثاني

2804 - وعن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ، إلا أن يكون صفقة خيار ، ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله " رواه الترمذي ، وأبو داود ، والنسائي .

التالي السابق


الفصل الثاني

2804 - ( وعن عمرو بن شعيب ، عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال البيعان بالخيار ما لم يتفرقا إلى أن يكون صفقة إلا أن يكون صفقة خيار " ) : يعني إذا تفرقا بطل خيارهما إلا أن يكون العقد بيع خيار أي بيعا شرط فيه الخيار : قال الطيبي - رحمه الله : والإضافة للبيان لأن الصفقة يجوز أن تكون للبيع أو العهد : في النهاية : هو أن يعطي الرجل الرجل عهده وميثاقه ، ويضع أحدهما يده في يد الآخر كما يفعل ، وهى المرة من التصفيق باليدين ، والمعنى أن المتبايعين ينقطع خيارهما بالتفرق إلا أن يكون البيع بيعا شرط فيه الخيار كما مر اهـ والحاصل أن وضع اليد على اليد أمر غالبي عرفي ، لا أنه معتبر شرعي ، ولعل المراد بالتفرق تفرق الأيدي فإنه لا يكون إلا بعد تمام العقد ، وبه يتقوى مذهبنا حيث يشمل التفرق القولي والبدني ، وبه يندفع ما قال القاضي - رحمه الله : المفهوم من التفرق هو التفرق بالأبدان ، وعليه إطباق أهل اللغة ، وإنما سمي الطلاق تفرقا في قوله - تعالى : وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته لأنه يوجب تفرقهما بالأبدان اهـ مع أنه يدفع أيضا بأن تمام العقد بالقول أيضا يوجب تفرقهما بالأبدان ويثبت جوازه لهما فأما الإيجاب الشرعي فلا دخل له في المعنى اللغوي ، والله - تعالى - أعلم ، وسيأتي في كلام ابن الهمام - رحمه الله - ما يؤيد المرام . ( ولا يحل ) ، أي : في الورع ( " له " ) ، أي : لأحدهما ( " أن يفارق صاحبه " ) أي بالبدن بأن يقوم من المجلس ويخرج ( " خشية أن يستقيله " ) ، أي : يطلب منه الإقالة ، وهو إبطال البيع ، وهو دليل صريح لمذهبنا لأن الإقالة لا تكون إلا بعد تمام العقد ، ولو كان له خيار المجلس لما طلب من صاحبه الإقالة . قال المظهر : إبطال البيع بعد انعقاده أي الفسخ ، والمستعمل في الإقالة أن يرفع العاقد أن البيع بعد لزومه بتراضيهما ، والفسخ يستعمل في رفع العقد في زمن الخيار أي : لا ينبغي للمتقي أن يقوم من المجلس بعد العقد ويخرج من أن يفسخ العاقد الآخر البيع بخيار المجلس ، لأن هذا يشبه الخديعة اهـ . وأنت ترى أن تأويل الإقالة بالفسخ المقيد خلاف الظاهر ، وأما ما روي أن ابن عمر - رضي الله عنهما - إذا بايع رجلا فأراد أن لا يقيله قام يمشي هنيهة ، وقال الطيبي - رحمه الله : هذا يدل على أن المفارقة بالأبدان هو المعتبر اهـ فمدفوع بأن اعتباره في رأي صحابي لا يكون حجة على غيره ( رواه الترمذي وأبو داود والنسائي ) .




الخدمات العلمية