الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولا تنجس قلتا الماء بملاقاة نجس ) لحديث { إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث } أي يدفع النجاسة كما يقال : فلان لا يحمل الظلم : أي يدفعه عن نفسه ، وشمل ذلك ما لو شك في كثرته عملا بأصل الطهارة ولأنا شككنا في نجاسة منجسة ، ولا يلزم من حصول النجاسة التنجيس سواء كان ذلك ابتداء أو جمع شيئا فشيئا وشك في وصوله لهما ، كما لو شك المأموم هل تقدم على إمامه أم لا ، فإنه لا تبطل صلاته ولو جاء من قدامه عملا بالأصل أيضا ، ويعتبر في القلتين قوة التراد ، فلو كان الماء في حفرتين في كل حفرة قلة وبينهما اتصال من نهر صغير غير عميق فوقع في إحدى الحفرتين نجاسة قال الإمام : فلست أرى أن ما في [ ص: 75 ] الحفرة الأخرى دافع للنجاسة ، واقتضى إطلاق المصنف النجاسة أنه لا فرق بين كونها جامدة أو مائعة وهو كذلك ، ولا يجب التباعد عنها حال الاغتراف من الماء بقدر قلتين على الصحيح ، بل له أن يغترف من حيث شاء حتى من أقرب موضع إلى النجاسة ( فإن غيره ) أي النجس الملاقي ( فنجس ) بالإجماع سواء أكان التغير قليلا أم كثيرا ، وسواء المخالط والمجاور .

                                                                                                                            ولا فرق بين الحسي والتقديري كما مر ، غير أنه هنا يكتفي بأدنى تغير ، وهناك لا بد من فحشه ، ولو تغير بعضه فقط فالمتغير نجس ، وأما الباقي فإن كان كثيرا لم ينجس وإلا تنجس ، ولو بال في البحر مثلا فارتفعت منه رغوة فهي طاهرة كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ; لأنها بعض الماء الكثير خلافا لما في العباب ، ويمكن حمل كلام القائل بنجاستها على تحقق كونها من البول ، وإن طرحت في البحر بعرة مثلا فوقعت منه قطرة بسبب سقوطها على شيء لم تنجسه ( فإن زال تغيره ) الحسي أو التقديري ( بنفسه ) لا بعين [ ص: 76 ] كطول مكث وهبوب ريح ( أو بماء ) ولو نجسا زيد عليه أو نبع منه أو نقص منه والباقي بعده كثير ( طهر ) لزوال سبب النجاسة فعاد كما كان عليه قبل وافهم كلامه ، والعلة أن القليل لا يطهر بانتفاء تغيره وهو ظاهر ، ويحتمل أن يطهر بذلك فيما إذا كان تغيره بميت لا يسيل دمه أو نحوه مما يعفى عنه ، وما تقرر من طهارته بزوال التغير بنفسه هو نظير المرجح في الجلالة إذا زال تغيرها بمرور الزمان كما سيأتي فلا حاجة إلى الفرق ; ولو زال التغير ثم عاد فإن كانت النجاسة جامدة وهي فيه فنجس ، وإن كانت مائعة أو جامدة وقد أزيلت قبل التغير الثاني لم ينجس .

                                                                                                                            وطهر بفتح الهاء وضمها والفتح أفصح ( أو ) زال : أي ظاهرا ، فلا ينافي التعليل بالشك . الآتي فلا اعتراض على المصنف في العطف المقتضي لتقدير الزوال الذي ذكرته تغير ريحه ( بمسك [ ص: 77 ] و ) لونه بسبب ( زعفران ) أو طعمه بخل مثلا ( فلا ) يطهر حال كدورته فلا تعود طهوريته بل هو باق على نجاسته للشك في أن التغير زال ، أو استتر بل الظاهر الاستتار وكذا تراب ، وجص في الأظهر لما تقدم فإن صفى ولم يبق به تغير طهر ويحكم بطهورية التراب أيضا . والحاصل أنه إذا صفى الماء ولم يبق فيه تكدر يحصل به شك في زوال التغير طهر كل من الماء والتراب سواء أكان الباقي عما رسب فيه التراب قلتين أم لا ، نعم إن كان عين التراب نجسة لا يمكن تطهيرها كتراب المقابر المنبوشة ، إذ نجاسته مستحكمة فلا يطهر أبدا ; لأن التراب حينئذ كنجاسة جامدة ، فإن بقيت كثرة الماء لم يتنجس وإلا تنجس ، وغير التراب مثله في ذلك ، ومحل ما تقرر إذا احتمل ستر التغير بما طرأ كأن زالت الرائحة بطرح المسك أو الطعم بطرح الخل أو اللون بطرح الزعفران .

                                                                                                                            فلو تغير ريح ماء وطعمه بنجس فألقي زعفران أو لونه وطعمه فألقي مسك فزال تغيره طهر ، وقس على ذلك ; لأن الزعفران لا يستر الريح والمسك لا يستر اللون ، فعلم أن الكلام إذا فرض انتفاء الريح والطعم عن شيء قطعا كعود مثلا أو لم يظهر فيه ريح الزعفران ولا طعمه ، ومنه يؤخذ أنه لو وضع مسك في متغير الريح فزال ريحه ولم تظهر فيه رائحة المسك أنه يطهر ولا بعد فيه لعدم الاستتار . وحاصل ذلك أن شرط إناطة الحكم بالشك في زوال التغير أو استتاره حتى يحكم ببقاء النجاسة تغليبا لاحتمال الاستتار أنه لا بد من احتمال إحالة زوال التغير على الواقع في الماء من مخالط أو مجاور ، فحيث احتمال إحالته على استتاره بالواقع فالنجاسة باقية لكوننا لم نتحقق زوال التغير المقتضي [ ص: 78 ] للنجاسة بل يحتمل زواله واستتاره والأصل بقاؤها ، وحيث لم يحتمل ذلك فهي زائلة فيحكم بطهارته ، وعلم أن رائحة المسك لو ظهرت ثم زالت وزال التغير حكمنا بالطهارة ; لأنها لما زالت ولم يظهر التغير علمنا أنه زال بنفسه ، ومقابل الأظهر أنه يطهر ; لأن التراب ونحوه لا يغلب على شيء من الأوصاف الثلاثة حتى يفرض ستره إياها ، فإذا لم يصادف تغيرا أشعر ذلك بالزوال .

                                                                                                                            والجص بفتح الجيم وكسرها عجمي معرب ، وهو المسمى بالجبس من لحن العامة

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ولا تنجس قلتا الماء إلخ ) أي الخالص ، أما ما دونهما وكمل بطاهر كماء ورد وفرض غير مغير فيجوز استعماله في الطهارة ، ولكنه ينجس بمجرد وصول النجاسة إليه ، فحكمه في التنجس حكم القليل ( قوله : لم يحمل الخبث ) عبارة المنهج خبثا بدون ( الـ ) انتهى . وفي المحلي أيضا الخبث انتهى ( قوله وشمل ذلك ) لعل وجه الشمول أن المراد ولا تنجس قلتا الماء ولو احتمالا ( قوله : ولأنا شككنا في نجاسة منجسة ) أي في كون النجاسة منجسة ، فالنجاسة محققة وكونها منجسة مشكوك فيه ( قوله : من نهر صغير غير عميق ) وضابط [ ص: 75 ] غير العميق أن يكون بحيث لو حرك ما في إحدى الحفرتين لا يتحرك ما في الأخرى ، ومنه يعلم حكم حياض الأخلية إذا وقع في واحد منها نجاسة ، فإنه إن كان لو حرك واحد منها تحرك مجاوره ، وهكذا إلى الآخر لا يحكم بالتنجيس على ما وقعت فيه النجاسة ولا على غيره ، وإلا حكم بنجاسة الجميع ، ويصرح بذلك قول ابن قاسم على ابن حجر رحمهما الله : الوجه أن يقال بالاكتفاء بتحرك كل ملاصق بتحريك ملاصقه ، وإن لم يتحرك بتحريك غيره إذا بلغ المجموع قلتين انتهى .

                                                                                                                            أقول : وينبغي الاكتفاء بالتحرك ولو كان غير عنيف ، وإن خالف عميرة في حواشي شرح البهجة فراجعه ، وعبارته قوله : بحيث يتحرك ما في كل بتحرك الآخر تحركا عنيفا إلخ ، هل يتعلق قوله عنيفا بقوله يتحرك ، أو بقوله يتحرك الآخر ، ويتجه اعتباره فيهما انتهى ( قوله : دافع للنجاسة ) أي لنجاسة ما وقعت فيه ، وقوة هذا الكلام تقتضي بقاء الحفرة الثانية على طهارتها ، وقد يشكل بأن ما في الأنهار الذي بينهما متصل بحفرة النجس فينجس منه لقلته وبما في الحفرة الأخرى فينجسه لقلته فراجعه ، ثم رأيت ابن حجر صرح بنجاسة كل منهما انتهى ( قوله من أقرب موضع إلى النجاسة ) قال الشيخ عميرة : وعليه فلو فرض أن الماء قلتان فقط فعلى الأول لا يجوز الاغتراف منه ، وعلى الثاني يجوز وإن كان الباقي ينجس بالانفصال ، وقيل لا قاله الرافعي انتهى .

                                                                                                                            ( قوله : ولا فرق بين الحسي والتقديري ) زاد ابن حجر : ثم إن وافقه في الصفات الثلاث قدرناه مخالفا أشد فيها كلون الحبر وريح المسك وطعم الخل ، أو في صفة قدرناه مخالفا فيها فقط انتهى . وبه جزم الزيادي نقلا عنه ، وبقي ما لو لم يكن له صفة أصلا كبول لا لون له ولا طعم ولا ريح ، فهل تعرض الصفات الثلاث كما في الطاهر ، أو تعرض صفة واحدة ويكتفى بها فيه نظر ، والأقرب الأول وقوله كما مر : أي في قوله بعد قول المصنف فالمتغير بمستغنى إلخ ، فلو كان الخليط نجسا في ماء كثير اعتبر بأشد الصفات إلخ ( قوله غير أنه هنا يكتفى بأدنى إلخ ) أي في التغير بالنجس وهناك : أي في المتغير بالطاهر ( قوله : على تحقق كونها من البول ) أي [ ص: 76 ] كأن كانت برائحة البول أو طعمه أو لونه ( قوله وهبوب ريح ) أي أو شمس ( قوله : والعلة أن القليل لا يطهر ) هي قوله لزوال سبب النجاسة ( قوله ويحتمل أن يطهر بذلك ) سيأتي في كلامه بعد قول المصنف فلا تنجس مائعا الجزم ببقاء النجاسة ( قوله : فلا حاجة إلى الفرق ) مراده الرد على ابن حجر حيث فرق بينهما وهو مسلم كما ذكر من حيث الراجح ، وابن حجر إنما قصد الفرق على الضعيف القائل بعدم عود الطهارة بزوال التغير بنفسه على القول بالنجاسة كما يصرح به قوله عند القائل به فلم يتواردا على محل واحد .

                                                                                                                            ( قوله : فنجس ) أي من الآن ، وعليه فلو زال تغيره فتطهر منه جمع ثم عاد تغيره لم تجب عليهم إعادة الصلاة التي فعلوها ولم يحكم بنجاسة أبدانهم ولا ثيابهم ; لأنه بزوال التغير حكم بطهوريته والتغير الثاني يجوز أنه بنجاسة تحللت منه بعد وهي لا تضر فيما مضى ثم رأيت في شرح العباب للشارح ما نصه ولو زال التغير بالنجاسة من الماء الكثير ثم عاد إليه والنجاسة أي والحال أن تلك النجاسة جامدة باقية فيه حتى عاد التغير فهو نجس : أي باق على نجاسته ; لأن بقاءها فيه مع جمودها دليل على أن التغير الثاني منها انتهى .

                                                                                                                            وظاهره أنه لا نظر إلى طول زمان انتفاء التغير بعد زواله وقصره ، وقد يتوقف فيه بأنه بزوال التغير حكم بطهورية الماء ، فأشبه ذلك ما لو مات حيوان في الماء ومضت مدة لم يتغير فيها الماء بعد موت الحيوان فيه ثم تغير بعد فهو باق على طهوريته إلى التغير كما صرحوا به ، فبقاء الجامد في الماء بعد زوال تغيره لا يزيد على بقاء الميتة فيه مدة بلا تغير . وفي شرح الشيخ حمدان : ولو زال تغير الماء الكثير بالنجاسة وعاد عاد تنجسه بعود تغيره ، والحالة أن النجس الجامد باق فيه إحالة للتغير الثاني عليه انتهى . وهو صريح في أن التغير العائد غير التغير الأول ، وإنما نشأ من تحلل حصل في النجاسة بعد طهارة الماء فلا أثر لبقاء النجاسة في الطهارة ما دام الماء صافيا من التغير ( قوله : لم ينجس ) ومنه يعلم أنه لو تحقق التغير وشك في سببه لم يضر كما يقع في الفساقي . وفي ابن حجر ما حاصله التردد فيما لو زال نحو ريح متنجس بالغسل ثم عاد .

                                                                                                                            أقول : ومحله كما هو ظاهر حيث أمكن وجود سبب آخر يحال عليه عود الصفة ، فإن لم يوجد حكم ببقاء نجاسته حيث تتغير ولم يعلم سبب تغيرها ، وظاهره وإن لم يوجد سبب يحال عليه التغير الثاني ، ويصرح به قول ابن حجر ولو عاد التغير لم يضر : أي وإن لم يحتمل أنه بتروح نجس آخر كما شمله إطلاقهم انتهى ( قوله : وطهر بفتح الهاء وضمها ) ظاهره استواء اللغتين في كل ما قامت به الطهارة بدنا كان أو ثوبا .

                                                                                                                            وفي المصباح : طهر الشيء من بابي قتل وقرب طهارة ، والاسم الطهر وهو النقاء من الدنس والنجس ، ثم قال : وقد طهرت من الحيض من باب قتل ، وفي لغة قليلة من باب قرب وتطهرت اغتسلت ا هـ .

                                                                                                                            فيحمل ما هنا على ما لو أسند الفعل إلى الثوب ونحوه ، فقيل طهر الثوب أو المكان ليكونا متساويين ( قوله : بالشك الآتي ) أي في قوله للشك في أن التغير زال إلخ ( قوله : تغير ريحه ) هو بالرفع فاعل زال [ ص: 77 ] قوله : ولونه ) الواو بمعنى أو واستعمالها في هذا المعنى مجاز ( قوله حال كدورته ) كان الأولى أن يقول حال ظهور ريح المسك أو لون الزعفران أو طعم الخل ; لأن الكدورة لا تشمل غير اللون ، إلا أن يقال أراد بالكدورة مطلق التغير ( قوله : لما تقدم ) أي في قوله للشك في أن التغير إلخ ( قوله كتراب المقابر ) ومثله رغيف أصابه رطبا نحو زبل .

                                                                                                                            وعبارة ابن حجر : وبحث القمولي نجاسة جميع رغيف أصابه كثيره : أي كثير دخان النجاسة لرطوبته مردود بأنه جامد ، فلا يتنجس إلا مماسة فقط ولا يطهره الماء انتهى رحمه الله : أي ; لأن الدخان أجزاء تفصلها النار وإذا اتصلت بالرغيف صار ظاهره كتراب المقابر المنبوشة ، وهو لا يطهر بالغسل لاختلاطه بعين النجاسة ، وخرج بالتراب غيره كالكفن والقطن فإنه يطهر بالغسل ، ولا ينافي هذا قول الشارح بعد ، وغير التراب مثله ; لأن المراد بغير التراب ما يستر النجاسة من المسك والخل ونحوهما ( قوله : فزال تغيره طهر ) أي حيث لم يكن للزعفران طعم ولا للمسك لون يستر النجاسة كما يؤخذ من قول ابن حجر ، ويؤخذ منه أن زوال الريح والطعم بنحو زعفران لا طعم له ولا ريح ، والطعم واللون بنحو مسك ، واللون والريح بنحو خل لا لون له ولا ريح يقتضي عود الطهارة وهو متجه وفاقا لجمع من الشراح ; لأنه لا يشك في الاستتار حينئذ ولا يشكل ، هذا بإيجاب نحو صابون توقفت عليه إزالة النجس مع احتمال ستره لريحه بريحه ; لأن من شأن ذاك أنه مزيل لا ساتر ، بخلاف هذا انتهى بحروفه رحمه الله .

                                                                                                                            ( قوله : فعلم أن الكلام إلخ ) يؤخذ منه رد كلام من قال كالقفال : إن المجاور لا يضر في عود الطهورية حيث أطلق فيه ( قوله أو مجاور ) قد يخالفه ما نقله شيخنا الزيادي عن فتاوى القفال حيث قال : لو زال التغير [ ص: 78 ] بمجاور عاد طهورا كما في فتاوى القفال ، ويدل له التمثيل بالمخالط انتهى بحروفه . لا يقال يمكن حمل ما في فتاوى القفال على ما إذا لم يظهر للمجاور ريح ; لأنا نقول : المخالط حكمه كذلك ، فلو وقع فيه مسك لم تظهر له رائحة قلنا بعود الطهارة فليتأمل .

                                                                                                                            وقضية قوله على الواقع في الماء إلخ أنه لو تروح الماء بنحو مسك على الشط لم يمنع من زوال النجاسة ، وينبغي أن لا يكون مرادا ; لأن ظهور الرائحة في الماء يستر رائحة النجاسة ، ولا فرق مع وجود الساتر بين كونه في الماء وكونه خارجا عنه هذا . وفي ابن عبد الحق أنه إذا زالت رائحة النجاسة برائحة ما على الشط لم يحكم ببقاء النجاسة ، وقد علمت أن المعتمد خلافا في المجاور ، فيلحق به عند الشارح الزوال برائحة ما على الشط إذ لا فرق بينهما ( قوله : وهو المسمى بالجبس ) وفسره المحلي هنا بما ذكر ، وفي الجنائز بالجير فيؤخذ من مجموع ذلك إطلاقه على كل منهما



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : وشمل ذلك إلخ ) في الشمول المذكور نظر ، وإنما كان يتضح لو قال عقب قول المصنف قلتا الماء نحو قوله ولو احتمالا كما قال الشهاب ابن حجر ( قوله : وبينهما نهر صغير ) بخلاف ما إذا [ ص: 75 ] كان واسعا ، وضابطه أن يتحرك ما في إحدى الحفرتين بتحرك الأخرى تحركا عنيفا .

                                                                                                                            قال الشهاب ابن حجر : وينبغي في أحواض تلاصقت الاكتفاء بتحرك الملاصق الذي يبلغ به القلتين ، لكن قال الشهاب ابن قاسم فيما كتبه عليه : الوجه أن يقال بالاكتفاء بتحرك كل ملاصق بتحرك ملاصقه وإن لم يتحرك بتحريك غيره إذا بلغ المجموع قلتين ( قوله : كما مر ) أي في المختلط الطاهر بقرينة ما عقبه به ، وإن كان الكلام عن النجس مر أيضا لكنه استطراد على أن ما ذكر في النجس ثم إنه إذا قدر يقدر بالأشد أما حكم أصل التقدير ، فإنما يستفاد مما هنا بالأصالة وإن علم مما هناك باللازم ( قوله : وهناك ) أي في المخالط الطاهر ( قوله : أو التقديري ) بأن يمضي عليه مدة لو كان ذلك في الحسي لزال ، أو أن يصب عليه من الماء قدر لو صب على ماء متغير حسا لزال تغيره ( قوله : لا بعين ) [ ص: 76 ] أي كما سيأتي في المتن ( قوله : ويحتمل إلخ ) سيأتي له اعتماد خلافه ( قوله : فإن كانت النجاسة جامدة إلخ ) . [ ص: 77 ]

                                                                                                                            الظاهر أن مراده بالجامدة المجاورة ولو مائعة كالدهن ، وبالمائعة المستهلكة ( قوله : فعلم أن الكلام إلخ ) لعل مراده به أن محل ما ذكر من الحكم بالطاهرية فيما إذا تغير ريح ماء وطعمه بنجس فألقي عليه زعفران ، أو لونه وطعمه فألقي عليه مسك فزال تغيره إذا كان الملقى لا وصف له إلا الوصف المخالف لوصفي النجاسة بأن كان الزعفران في مثاله ليس له إلا اللون ، والمسك في مثاله ليس إلا الريح : أي وسواء كان انتفاء ما عدا ذلك الوصف هو الواقع في جنسه دائما كالعود ، فإنه ليس له طعم ولا لون في الواقع يؤثر ، أو كان انتفاء ما عدا ذلك الوصف لعارض [ ص: 78 ] كالزعفران الذي فقد طعمه وريحه لعارض مع أن من شأنهما الوجود ، وما قررنا به كلامه هو الذي يدل عليه [ ص: 79 ] ما بعده في كلامه وإن كانت عبارته لا تفي به ، وما في حاشية شيخنا لا دليل عليه




                                                                                                                            الخدمات العلمية