الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى ( فإذا أمنتم )

قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في معنى ذلك .

فقال بعضهم : معناه : فإذا برأتم من مرضكم الذي أحصركم عن حجكم أو عمرتكم .

ذكر من قال ذلك :

3415 - حدثني عبيد بن إسماعيل الهباري ، قال : حدثنا عبد الله بن نمير ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة : " فإذا أمنتم " فإذا برأتم . [ ص: 87 ]

3416 - حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه في قوله : " فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج " يقول : فإذا أمنت حين تحصر : إذا أمنت من كسرك ، ومن وجعك ، فعليك أن تأتي البيت ، فيكون لك متعة ، فلا تحل حتى تأتي البيت .

وقال آخرون : معنى ذلك : فإذا أمنتم من خوفكم .

ذكر من قال ذلك :

3417 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " فإذا أمنتم " لتعلموا أن القوم كانوا خائفين يومئذ .

3418 - حدثت عن عمار بن الحسن ، قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع : " فإذا أمنتم " قال : إذا أمن من خوفه ، و برئ من مرضه .

قال أبو جعفر : وهذا القول أشبه بتأويل الآية . لأن "الأمن" هو خلاف "الخوف" ، لا خلاف" المرض" ، إلا أن يكون مرضا مخوفا منه الهلاك ، فيقال : فإذا أمنتم الهلاك من خوف المرض وشدته ، وذلك معنى بعيد .

وإنما قلنا : إن معناه : الخوف من العدو ؛ لأن هذه الآيات نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام الحديبية وأصحابه من العدو خائفون ، فعرفهم الله بها ما عليهم إذا أحصرهم خوف عدوهم عن الحج ، وما الذي عليهم إذا هم أمنوا من ذلك ، فزال عنهم خوفهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية