الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          49 - فصل

                          [ البناء في أرض الخراج هل يسقط الخراج عنها ]

                          وإذا بنى في أرض الخراج دورا وحوانيت كان خراجها مستحقا عليه ؛ هذا ظاهر كلام أحمد ; لأن الخراج لا يتوقف على الزرع والغرس ، [ ص: 277 ] فإنه قال في رواية يعقوب بن بختان ، وقد سأله : ترى أن يخرج الرجل عما في يده من دار أو ضيعة على ما وظف عمر رضي الله عنه على كل جريب فيتصدق به ؟ فقال : ما أجود هذا ، فقال له يعقوب : بلغني عنك أنك تعطي عن دارك الخراج فتتصدق به ، قال : نعم .

                          قلت : إنما كان أحمد يفعل ذلك ; لأن بغداد من أرض السواد التي وضع عليها عمر الخراج ، فلما بنيت مساكن راعى أحمد حالها الأولى التي كانت عليها من عهد عمر رضي الله عنه إلى أن صارت دورا .

                          قال القاضي : وقد قيل : إن ما لا يستغنى عن بنائه في مقامه في أرض الخراج لزارعها [ وفلاحها ] عفو لا خراج عليه ؛ لأنه لا يستقل فيها إلا بمسكن يسكنه ، وما بناه للكراء والتوسعة التي لا يحتاج إليها فعليه خراجه .

                          قلت : وهذا هو الذي استمر عليه عمل الناس قديما وحديثا ، وهو غير ما كان يفعله أحمد على أن أحمد كان يفعل ذلك احتياطا ولم يأمر به أهل بغداد عامة ، بل عد من جملة ورعه أنه كان يخرج الخراج عن داره فيتصدق به ، وغيره لم يكن يفعل ذلك ولا كان أحمد يلزم به الناس ، وقد صرح أصحاب أحمد والشافعي وغيرهم أنه لا خراج على المساكن .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية