قال المصنف رحمه الله تعالى ( ، فيجوز بيع بعضها ببعض متفاضلا ونسيئة ، ويجوز فيها التفرق قبل التقابض ، [ ص: 500 ] لما روى وما سوى الذهب والفضة والمأكول والمشروب لا يحرم فيها الربا قال : { عبد الله بن عمرو بن العاص } وعن أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أجهز جيشا فنفدت الإبل فأمرني أن آخذ على قلاص الصدقة ، فكنت آخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة كرم الله وجهه " أنه باع جملا إلى أجل بعشرين بعيرا " وباع علي رضي الله عنه بعيرا بأربعة أبعرة " واشترى ابن عباس رضي الله عنه " راحلة بأربع رواحل ، ورواحله ابن عمر بالربذة " " واشترى رضي الله عنه بعيرا ببعيرين فأعطاه أحدهما ، وقال آتيك بالآخر غدا " ولا يجوز بيع نسيئة بنسيئة ، لما روى رافع بن خديج رضي الله عنه { ابن عمر } قال أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الكالئ بالكالئ أبو عبيدة : هو النسيئة بالنسيئة )
التالي
السابق
( الشرح ) حديث ابن عمرو بن العاص رواه أبو داود وسكت عليه ، فيقتضي أنه عنده حسن كما سبق تقريره ، وإن كان في إسناده نظر ، لكن قال : له شاهد صحيح فذكره بإسناده الصحيح عن البيهقي " { عبد الله بن عمرو بن العاص عبد الله : وليس عندنا ظهر ، قال : فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يبتاع ظهرا إلى خروج التصدق ، فابتاع عبد الله البعير بالبعيرين وبالأبعرة إلى خروج التصدق بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم } " وهذه الرواية رواها أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يجهز جيشا ، قال بإسناد صحيح . الدارقطني
( وأما ) الأثر المذكور عن رضي الله عنه فرواه علي في الموطأ مالك في مسنده ، وفي الأم بإسناد صحيح عن والشافعي حسين بن محمد بن علي " أن رضي الله عنه باع جملا له عصيفير بعشرين بعيرا إلى أجل " لكن في إسناده انقطاع من طريق عليا بن أبي طالب حسين بن محمد بن علي فلم يدركه ( وأما ) الأثر عن فصحيح رواه ابن عمر في الموطأ مالك عن والشافعي عن مالك ، ذكره نافع في صحيحه تعليقا ( وأما الأثر ) عن البخاري فصحيح ذكره رافع بن خديج في صحيحه تعليقا ( وأما ) حديث النهي عن بيع الكالئ بالكالئ فرواه البخاري الدارقطني بإسناد ضعيف ، مداره على والبيهقي موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف .
( أما ) ألفاظ الفصل : القلاص - بكسر القاف - جمع قلص والقلص جمع قلوص وهي الناقة الشابة ذكره وغيره ( وقوله : ) أخذ من [ ص: 501 ] قلاص الصدقة هكذا هو في المهذب ( من ) والذي في سنن الجوهري أبي داود وغيرهما ( في ) ، ومنعاهما السلف على إبل الصدقة إلى أجل معلوم ( وأما ) الراحلة فالبعير النجيب والبيهقي والربذة - بفتح الراء والباء الموحدة والذال معجمة - موضع على ثلاث مراحل من المدينة ، والكالئ بالهمز .
( أما الأحكام ) ففي الفصل مسألتان : ( أحدهما ) أن ، فيجوز بيع بعير بأبعرة ، وشاة بشياه وثوب بثياب . وصاع نورة أو جص أو أشتان بصيعان ورطل غزل بأرطال من جنسه وأشباهه وكل هذا مما سبق بيانه . ما سوى الذهب والفضة والمطعوم لا يحرم فيه الربا
( المسألة الثانية ) بأن يقول : بعني ثوبا في ذمتي بصفته كذا إلى شهر كذا بدينار مؤجل إلى وقت كذا فيقول : قبلت ، وهذا فاسد بلا خلاف . لا يجوز بيع نسيئة بنسيئة
( وأما ) الأثر المذكور عن رضي الله عنه فرواه علي في الموطأ مالك في مسنده ، وفي الأم بإسناد صحيح عن والشافعي حسين بن محمد بن علي " أن رضي الله عنه باع جملا له عصيفير بعشرين بعيرا إلى أجل " لكن في إسناده انقطاع من طريق عليا بن أبي طالب حسين بن محمد بن علي فلم يدركه ( وأما ) الأثر عن فصحيح رواه ابن عمر في الموطأ مالك عن والشافعي عن مالك ، ذكره نافع في صحيحه تعليقا ( وأما الأثر ) عن البخاري فصحيح ذكره رافع بن خديج في صحيحه تعليقا ( وأما ) حديث النهي عن بيع الكالئ بالكالئ فرواه البخاري الدارقطني بإسناد ضعيف ، مداره على والبيهقي موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف .
( أما ) ألفاظ الفصل : القلاص - بكسر القاف - جمع قلص والقلص جمع قلوص وهي الناقة الشابة ذكره وغيره ( وقوله : ) أخذ من [ ص: 501 ] قلاص الصدقة هكذا هو في المهذب ( من ) والذي في سنن الجوهري أبي داود وغيرهما ( في ) ، ومنعاهما السلف على إبل الصدقة إلى أجل معلوم ( وأما ) الراحلة فالبعير النجيب والبيهقي والربذة - بفتح الراء والباء الموحدة والذال معجمة - موضع على ثلاث مراحل من المدينة ، والكالئ بالهمز .
( أما الأحكام ) ففي الفصل مسألتان : ( أحدهما ) أن ، فيجوز بيع بعير بأبعرة ، وشاة بشياه وثوب بثياب . وصاع نورة أو جص أو أشتان بصيعان ورطل غزل بأرطال من جنسه وأشباهه وكل هذا مما سبق بيانه . ما سوى الذهب والفضة والمطعوم لا يحرم فيه الربا
( المسألة الثانية ) بأن يقول : بعني ثوبا في ذمتي بصفته كذا إلى شهر كذا بدينار مؤجل إلى وقت كذا فيقول : قبلت ، وهذا فاسد بلا خلاف . لا يجوز بيع نسيئة بنسيئة
( فرع ) في ، ولهم فيها عشرة مذاهب : ( أحدها ) مذهب مذاهب العلماء في بيان علة الربا في الأجناس الأربعة ، وهي البر والشعير والتمر والملح أهل الظاهر ، ومن وافقهم أنه لا ربا في غير الأجناس الستة كما سبق .
( الثاني ) مذهب أن العلة في كونها منتفعا به حكاه عنه أبي بكر عبد الرحمن بن كيسان الأصم . القاضي حسين
( والثالث ) مذهب ابن سيرين وأبي بكر الأودني من أصحابنا أن العلة الجنسية تحرم الربا في كل شيء بيع بجنسه كالتراب بالتراب متفاضلا والثوب بالثوبين والشاة بالشاتين .
( الرابع ) مذهب الحسن البصري أن العلة المنفعة في الجنس ، فيجوز عنده بيع ثوب قيمته دينار بثوبين قيمتهما دينار ، ويحرم بيع ثوب قيمته دينار بثوب قيمته ديناران .
( الخامس ) مذهب أن العلة تقارب المنفعة في الجنس فحرم التفاضل في الحنطة بالشعير ولأن العلة تقارب المنفعة في الجنس ، فحرم التفاضل في منافعها ، وكذلك الباقلاء بالحمص والدخن بالذرة . [ ص: 502 ] السادس ) مذهب سعيد بن جبير أن العلة كونه جنسا ، تجب فيه الزكاة ، فحرم الربا في جنس تجب فيه الزكاة من المواشي والزروع وغيرها ، ونفاه عما لا زكاة فيه . ربيعة بن أبي عبد الرحمن
( السابع ) مذهب كونه مقتاتا مدخر جنس فحرم الربا في كل ما كان قوتا مدخرا ، ونفاه عما ليس بقوت كالفواكه ، وعما هو قوت لا يدخر كاللحم . مالك
( الثامن ) مذهب أن العلة كونه مكيل جنس فحرم الربا في كل مكيل ، وإن لم يؤكل كالجص والنورة والأشنان ونفاه عما لا يكال ولا يوزن وإن كان مأكولا كالسفرجل والرمان . أبي حنيفة
( التاسع ) مذهب وقول سعيد بن المسيب في القديم أن العلة كونه مطعوما يكال أو يوزن ، فحرمه في كل مطعوم يكال أو يوزن ، ونفاه عما سواه وهو كل ما لا يؤكل ولا يشرب ، أو يؤكل ولا يكال ولا يوزن كالسفرجل والبطيخ . الشافعي
( العاشر ) أن العلة كونه مطعوما فقط سواء كان مكيلا أو موزونا أم لا ، ولا ربا فيما سوى المطعوم غير الذهب والفضة ، وهذا مذهب الجديد الصحيح وهو مذهب الشافعي أحمد وغيرهما . وابن المنذر
( فأما ) أهل الظاهر فسبق دليلهم والدليل عليهم ، وأما الباقون فدليلنا على جميعهم قوله صلى الله عليه وسلم : " { } " وهو صحيح سبق بيانه ، ووجه الدلالة فيه ما ذكره الطعام بالطعام مثلا بمثل المصنف . وأيضا هذه الآثار مع الحديث المذكور في الكتاب وعن " { جابر } " رواه أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى عبدا بعبدين أسودين . وعن مسلم " { أنس صفية من بسبعة أرؤس دحية الكلبي } رواه أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى وغيره . واحتج مسلم لابن كيسان بأن المقصود بتحريم الربا الرفق بالناس ، وهذا المعنى [ ص: 503 ] موجود في الجميع ، واحتج أصحابنا عليه بما ذكره المصنف من الآثار والمعنى ، وبحديث العبد بالعبدين والبعير بالبعيرين وغير ذلك ، وأفسدوا علته بأنها تؤدي إلى تحريم التجارات والأرباح .
واحتج بحديث لابن سيرين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { عبادة بن الصامت } رواه الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح ، مثلا بمثل ، سواء بسواء ، يدا بيد ، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد ، وموضع الدلالة أنه شرط في جواز التفاضل اختلاف الأصناف ، وهي الأجناس . واحتج أصحابنا بالأحاديث والآثار السابقة في بيع عبدين بعبد وأبعرة ببعير فدل على أن الجنس ليس بعلة . مسلم
( والجواب ) عن حديث { } " فالمراد جواز التفاضل في هذه الأصناف إذا اختلفت ، ومنعه فيها إذا اتفقت لا منعه في غيرها . واحتج فإذا اختلفت هذه الأصناف للحسن بأن المقصود بتحريم الربا في القدر موجود في القيمة فيمتنع التفاضل في القيمة ، كما امتنع في القدر واحتج الأصحاب بما سبق ، ولا نسلم إلحاق القيمة بالقدر . واحتج بأن المنفعة كالقدر ، قال الأصحاب : هذا مردود بالمنصوص على جواز التفاضل في الحنطة بالشعير ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " { لابن جبير } واحتج فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم بأن تحريم الربا في هذه الأجناس إنما كان حثا على المواساة بالتماثل وأموال المواساة هي أموال الزكاة ، قال أصحابنا : هذا فاسد منابذ للأحاديث والآثار السابقة في جواز التفاضل في الحيوان ، وفاسد أيضا بالملح ، فإنه ربوي بالنص ، وعلى مقتضى مذهبه لا ربا فيه ، لأنه ليس ربويا . واحتج لربيعة بأن علته أكثر شبها بالأصل ، فهي أولى ، واحتج أصحابنا بقوله صلى الله عليه وسلم : " { لمالك } " وما قاله فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم منتقض بالرطب ، فإنه ربوي بالنص ، وليس مدخرا [ ص: 504 ] فإن قيل ) الرطب يئول إلى الادخار ( قلنا ) الربا جار في الرطب الذي لا يصير تمرا أو العنب الذي لا يصير زبيبا . واحتج مالك بأن الكيل هو المعتبر في التساوي ، فكان علته ، واحتج أصحابنا بما سبق ، ولا يلزم من كون الكيل معيارا كونه علة والله سبحانه أعلم . لأبي حنيفة
( فرع ) مذهبنا جواز وبه قال بيع ثوب بثوبين ، وثياب من جنسه حالا ومؤجلا أبو ثور ومنعه وابن المنذر مالك [ وقال ] لا ربا في القليل من الحنطة والشعير ونحوهما ، كالحفنة والحفنتين ونحوهما مما لا يكال في العادة ، قال : وكذا لا ربا في البطيخ والباذنجان والبيض والسفرجل والرمان وسائر الفواكه التي تباع عددا بناء على قاعدته السابقة أنه لا ربا في غير المكيل والموزون ، ومذهبنا ومذهب الجمهور ثبوت الربا في كل ذلك لعموم النصوص في تحريم الربا . وأبو حنيفة
( فرع ) يجوز كبعير ببعيرين وشاة بشاتين حالا ومؤجلا ، سواء كان يصلح للحمل والركوب والأكل والنتاج أم للأكل خاصة . هذا مذهبنا ، وبه قال جماهير العلماء ، وقال بيع الحيوان بالحيوان من جنسه متفاضلا : لا يجوز بيع بعير ببعيرين ، ولا ببعير ، إذا كانا جميعا أو أحدهما لا يصلح إلا للذبح كالكسير والحطيم ونحوهما ، لأنه لا يقصد به إلا اللحم ، فهو كبيع لحم جزافا أو لحم بحيوان ، دليلنا الأحاديث والآثار السابقة في بيع بعير ببعيرين وأبعرة . مالك
( فرع ) قد ذكرنا أن مذهبنا جواز ، وبه قال جمهور العلماء ، وقال بيع كل ما ليس مطعوما ولا ذهبا ولا فضة بعضه ببعض متفاضلا ومؤجلا يحرم التأجيل في بيع الجنس بعضه ببعض من أي مال كان ، لحديث أبو حنيفة الحسن عن سمرة رضي الله عنه { } " رواه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان نسيئة أبو داود والترمذي والنسائي قال وابن ماجه الترمذي حديث حسن صحيح . وعن قال { ابن عباس } [ ص: 505 ] واحتج أصحابنا بالأحاديث والآثار السابقة في بيع الإبل بالإبل مؤجلة ، ولأنها عوضان لا تجمعهما علة واحدة ، فلا يحرم فيهما النساء كما لو باع ثوب قطن بثوب حرير إلى أجل ، ولأنه لا ربا فيه نقدا فكذا النسيئة ( والجواب ) عن حديث : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة . سمرة من وجهين : ( أحدهما ) جواب أنه حديث ضعيف ، قال الشافعي : أكثر الحفاظ لا يثبتون سماع البيهقي الحسن من سمرة إلا حديث العقيقة .
( والثاني ) أنه محمول على أن الأجل في العوضين ، فيكون بيع دين بدين وذلك فاسد كما سبق .
( والجواب ) عن حديث من الوجهين ، فقد اتفق الحفاظ على ضعفه ، وأن الصحيح أنه مرسل عن ابن عباس عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم وممن قال ذلك البخاري وابن خزيمة وغيرهم ، قال والبيهقي : الصحيح عند أهل العلم بالحديث أنه مرسل . ابن خزيمة
( الثاني ) مذهب أن العلة في كونها منتفعا به حكاه عنه أبي بكر عبد الرحمن بن كيسان الأصم . القاضي حسين
( والثالث ) مذهب ابن سيرين وأبي بكر الأودني من أصحابنا أن العلة الجنسية تحرم الربا في كل شيء بيع بجنسه كالتراب بالتراب متفاضلا والثوب بالثوبين والشاة بالشاتين .
( الرابع ) مذهب الحسن البصري أن العلة المنفعة في الجنس ، فيجوز عنده بيع ثوب قيمته دينار بثوبين قيمتهما دينار ، ويحرم بيع ثوب قيمته دينار بثوب قيمته ديناران .
( الخامس ) مذهب أن العلة تقارب المنفعة في الجنس فحرم التفاضل في الحنطة بالشعير ولأن العلة تقارب المنفعة في الجنس ، فحرم التفاضل في منافعها ، وكذلك الباقلاء بالحمص والدخن بالذرة . [ ص: 502 ] السادس ) مذهب سعيد بن جبير أن العلة كونه جنسا ، تجب فيه الزكاة ، فحرم الربا في جنس تجب فيه الزكاة من المواشي والزروع وغيرها ، ونفاه عما لا زكاة فيه . ربيعة بن أبي عبد الرحمن
( السابع ) مذهب كونه مقتاتا مدخر جنس فحرم الربا في كل ما كان قوتا مدخرا ، ونفاه عما ليس بقوت كالفواكه ، وعما هو قوت لا يدخر كاللحم . مالك
( الثامن ) مذهب أن العلة كونه مكيل جنس فحرم الربا في كل مكيل ، وإن لم يؤكل كالجص والنورة والأشنان ونفاه عما لا يكال ولا يوزن وإن كان مأكولا كالسفرجل والرمان . أبي حنيفة
( التاسع ) مذهب وقول سعيد بن المسيب في القديم أن العلة كونه مطعوما يكال أو يوزن ، فحرمه في كل مطعوم يكال أو يوزن ، ونفاه عما سواه وهو كل ما لا يؤكل ولا يشرب ، أو يؤكل ولا يكال ولا يوزن كالسفرجل والبطيخ . الشافعي
( العاشر ) أن العلة كونه مطعوما فقط سواء كان مكيلا أو موزونا أم لا ، ولا ربا فيما سوى المطعوم غير الذهب والفضة ، وهذا مذهب الجديد الصحيح وهو مذهب الشافعي أحمد وغيرهما . وابن المنذر
( فأما ) أهل الظاهر فسبق دليلهم والدليل عليهم ، وأما الباقون فدليلنا على جميعهم قوله صلى الله عليه وسلم : " { } " وهو صحيح سبق بيانه ، ووجه الدلالة فيه ما ذكره الطعام بالطعام مثلا بمثل المصنف . وأيضا هذه الآثار مع الحديث المذكور في الكتاب وعن " { جابر } " رواه أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى عبدا بعبدين أسودين . وعن مسلم " { أنس صفية من بسبعة أرؤس دحية الكلبي } رواه أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى وغيره . واحتج مسلم لابن كيسان بأن المقصود بتحريم الربا الرفق بالناس ، وهذا المعنى [ ص: 503 ] موجود في الجميع ، واحتج أصحابنا عليه بما ذكره المصنف من الآثار والمعنى ، وبحديث العبد بالعبدين والبعير بالبعيرين وغير ذلك ، وأفسدوا علته بأنها تؤدي إلى تحريم التجارات والأرباح .
واحتج بحديث لابن سيرين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { عبادة بن الصامت } رواه الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح ، مثلا بمثل ، سواء بسواء ، يدا بيد ، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد ، وموضع الدلالة أنه شرط في جواز التفاضل اختلاف الأصناف ، وهي الأجناس . واحتج أصحابنا بالأحاديث والآثار السابقة في بيع عبدين بعبد وأبعرة ببعير فدل على أن الجنس ليس بعلة . مسلم
( والجواب ) عن حديث { } " فالمراد جواز التفاضل في هذه الأصناف إذا اختلفت ، ومنعه فيها إذا اتفقت لا منعه في غيرها . واحتج فإذا اختلفت هذه الأصناف للحسن بأن المقصود بتحريم الربا في القدر موجود في القيمة فيمتنع التفاضل في القيمة ، كما امتنع في القدر واحتج الأصحاب بما سبق ، ولا نسلم إلحاق القيمة بالقدر . واحتج بأن المنفعة كالقدر ، قال الأصحاب : هذا مردود بالمنصوص على جواز التفاضل في الحنطة بالشعير ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " { لابن جبير } واحتج فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم بأن تحريم الربا في هذه الأجناس إنما كان حثا على المواساة بالتماثل وأموال المواساة هي أموال الزكاة ، قال أصحابنا : هذا فاسد منابذ للأحاديث والآثار السابقة في جواز التفاضل في الحيوان ، وفاسد أيضا بالملح ، فإنه ربوي بالنص ، وعلى مقتضى مذهبه لا ربا فيه ، لأنه ليس ربويا . واحتج لربيعة بأن علته أكثر شبها بالأصل ، فهي أولى ، واحتج أصحابنا بقوله صلى الله عليه وسلم : " { لمالك } " وما قاله فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم منتقض بالرطب ، فإنه ربوي بالنص ، وليس مدخرا [ ص: 504 ] فإن قيل ) الرطب يئول إلى الادخار ( قلنا ) الربا جار في الرطب الذي لا يصير تمرا أو العنب الذي لا يصير زبيبا . واحتج مالك بأن الكيل هو المعتبر في التساوي ، فكان علته ، واحتج أصحابنا بما سبق ، ولا يلزم من كون الكيل معيارا كونه علة والله سبحانه أعلم . لأبي حنيفة
( فرع ) مذهبنا جواز وبه قال بيع ثوب بثوبين ، وثياب من جنسه حالا ومؤجلا أبو ثور ومنعه وابن المنذر مالك [ وقال ] لا ربا في القليل من الحنطة والشعير ونحوهما ، كالحفنة والحفنتين ونحوهما مما لا يكال في العادة ، قال : وكذا لا ربا في البطيخ والباذنجان والبيض والسفرجل والرمان وسائر الفواكه التي تباع عددا بناء على قاعدته السابقة أنه لا ربا في غير المكيل والموزون ، ومذهبنا ومذهب الجمهور ثبوت الربا في كل ذلك لعموم النصوص في تحريم الربا . وأبو حنيفة
( فرع ) يجوز كبعير ببعيرين وشاة بشاتين حالا ومؤجلا ، سواء كان يصلح للحمل والركوب والأكل والنتاج أم للأكل خاصة . هذا مذهبنا ، وبه قال جماهير العلماء ، وقال بيع الحيوان بالحيوان من جنسه متفاضلا : لا يجوز بيع بعير ببعيرين ، ولا ببعير ، إذا كانا جميعا أو أحدهما لا يصلح إلا للذبح كالكسير والحطيم ونحوهما ، لأنه لا يقصد به إلا اللحم ، فهو كبيع لحم جزافا أو لحم بحيوان ، دليلنا الأحاديث والآثار السابقة في بيع بعير ببعيرين وأبعرة . مالك
( فرع ) قد ذكرنا أن مذهبنا جواز ، وبه قال جمهور العلماء ، وقال بيع كل ما ليس مطعوما ولا ذهبا ولا فضة بعضه ببعض متفاضلا ومؤجلا يحرم التأجيل في بيع الجنس بعضه ببعض من أي مال كان ، لحديث أبو حنيفة الحسن عن سمرة رضي الله عنه { } " رواه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان نسيئة أبو داود والترمذي والنسائي قال وابن ماجه الترمذي حديث حسن صحيح . وعن قال { ابن عباس } [ ص: 505 ] واحتج أصحابنا بالأحاديث والآثار السابقة في بيع الإبل بالإبل مؤجلة ، ولأنها عوضان لا تجمعهما علة واحدة ، فلا يحرم فيهما النساء كما لو باع ثوب قطن بثوب حرير إلى أجل ، ولأنه لا ربا فيه نقدا فكذا النسيئة ( والجواب ) عن حديث : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة . سمرة من وجهين : ( أحدهما ) جواب أنه حديث ضعيف ، قال الشافعي : أكثر الحفاظ لا يثبتون سماع البيهقي الحسن من سمرة إلا حديث العقيقة .
( والثاني ) أنه محمول على أن الأجل في العوضين ، فيكون بيع دين بدين وذلك فاسد كما سبق .
( والجواب ) عن حديث من الوجهين ، فقد اتفق الحفاظ على ضعفه ، وأن الصحيح أنه مرسل عن ابن عباس عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم وممن قال ذلك البخاري وابن خزيمة وغيرهم ، قال والبيهقي : الصحيح عند أهل العلم بالحديث أنه مرسل . ابن خزيمة