الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              [ ص: 358 ] ( و ) ثانيها ( نية استباحة الصلاة ) ونحوها مما يفتقر للطهر وسيأتي تفصيل ما يستبيحه ، ولو تيمم بنيتها ظانا أن حدثه أصغر فبان أكبر أو عكسه صح بخلاف ما لو تعمد نظير ما مر في نية المغتسل أو المتوضئ غير ما عليه ، واتحاد النية والاستباحة في الحدثين هنا لا يقتضي الصحة مع التعمد خلافا لما وقع لابن الرفعة ( لا ) نية ( رفع الحدث ) أو الطهارة عنه ؛ لأنه لا يرفعه وإلا لم يبطل بغيره كرؤية الماء ولأنه صلى الله عليه وسلم قال لعمرو بن العاص صليت بأصحابك وأنت جنب فسماه جنبا مع تيممه إفادة لعدم رفعه نعم لو نوى بالحدث المنع من الصلاة وبرفعه رفعا خاصا بالنسبة لفرض ونوافل جاز كما هو ظاهر ؛ لأنه نوى الواقع ( تنبيه )

                                                                                                                              قوله صلى الله عليه وسلم لعمرو صليت إلخ صريح في تقريره على إمامته وحينئذ فإن قيل بلزوم الإعادة أشكل بأن من تلزمه لا تصح إمامته أو بعدم لزومها أشكل بأن المتيمم للبرد تلزمه الإعادة ، وقد يجاب بأنه إنما يفيد صحة صلاته . وأما صحة صلاتهم خلفه فهي واقعة حال محتملة ؛ لأنهم لم يعلموا بوجوب الإعادة حالة الاقتداء فجاز اقتداؤهم لذلك وحينئذ فلا إشكال أصلا .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله [ ص: 358 ] ولو تيمم بنيتها ظانا أن حدثه أصغر إلخ ) ، ولو كان مسافرا وأجنب فيه ونسي وكان يتوضأ وقتا ويتيمم وقتا أعاد صلاة الوضوء فقط لما ذكر شرح م ر . ( قوله بخلاف ما لو تعمد ) أي كأن نوى استباحة الصلاة عن الأكبر مع علمه أن ليس عليه أكبر وفي شرح الكنز للأستاذ البكري ما نصه ولو كان عليه حدث أصغر وأكبر ونوى الاستباحة عنهما كفى أو عن أحدهما معينا له دون الآخر فمحل نظر والأوجه أنه إن نوى الأكبر كفى وإن نفى غيره أو الأصغر لم يحصل له إلا ما نواه ا هـ وفي قوله وإن نفى غيره المقتضي لحصول رفع الأصغر مع نفيه نظر ولا يبعد عدم حصوله وقبوله الصرف عنه كما لو دخل المسجد ونوى سنة الظهر دون التحية والفرق بأن مبنى الطهارات على التداخل مع وجود الصرف غير قوي ويبقى الكلام فيما لو نوى أحدهما لا بعينه فليتأمل هذا ولكن في كلام الرافعي ما يفيد أنه مع نية رفع الحدث الأكبر يرتفع الأصغر وإن نفاه في نيته . ( قوله . وأما صحة صلاتهم إلخ ) [ ص: 359 ] أي ، وإنما لم يأمرهم بالإعادة ؛ لأنها على التراخي فليس فيه تأخير البيان عن وقت الحاجة فليتأمل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله وثانيها ) إلى التنبيه في النهاية والمغني إلا قوله واتحاد النية إلى المتن وقوله فسماه إلى نعم قول المتن ( نية استباحة الصلاة إلخ ) يتردد النظر في نية استباحة مفتقر إلى التيمم من غير تعيين هل يكفي نظير ما مر للشارح في الوضوء أو لا وعلى الأول يأتي فيه من حيث العموم وعدم إرادته ما سيأتي لنا قريبا بصري عبارة البجيرمي على المنهج قوله ونية استباحة مفتقر إليه بأن ينوي هذا الأمر العام أو ينوي بعض أفراده كما مر وإذا نوى الأمر العام استباح أدنى المراتب وهو ما عدا الصلاة وخطبة الجمعة والطواف لأن ما نواه ينزل على أدنى المراتب ا هـ وعبارة شيخنا ويصح أن ينوي النية العامة كأن يقول نويت استباحة مفتقر إلى طهر ا هـ

                                                                                                                              وقال ع ش ينبغي أن يقال فيه إن كان محدثا حدثا أصغر لم يصح لشمول نيته للمكث في المسجد وقراءة القرآن وكلاهما مباح له فلا تصح نيته كما لو قال في وضوئه نويت استباحة مفتقر إلى طهر وإن كان محدثا حدثا أكبر صحت نيته ونزلت على أقل الدرجات فيستبيح مس المصحف ونحوه ا هـ وقوله كما لو قال في وضوئه إلخ هذا مخالف لإطلاقهم بالصحة هناك فراجعه . ( قوله مما يفتقر إلخ ) بيان لنحو الصلاة ع ش . ( قوله وسيأتي تفصيل إلخ ) عبارة المغني والنهاية مما يفتقر استباحته إلى طهارة كطواف وحمل مصحف وسجود تلاوة إذ الكلام الآن في حصة التيمم . وأما ما يستباح به فسيأتي ا هـ . ( قوله ولو تيمم إلخ ) ولو نوى الظهر مقصورة عند جوازه فله الإتمام أو عند امتناعه لم يصح تيممه لعصيانه قاله البغوي في فتاويه مغني عبارة النهاية ولو نوى أن يصلي بالتيمم فرض الظهر خمس ركعات أو ثلاثا قال البغوي في فتاويه لم يصح لأن أداء الظهر خمس ركعات غير مباح وكذا لو نوى أن يصلي عريانا مع وجود الثياب ا هـ قال ع ش قوله م ر لم يصح معتمد ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله صح ) فلو كان مسافرا وأجنب فيه ونسي وكان يتيمم وقتا ويتوضأ وقتا أعاد صلاة الوضوء فقط لما ذكر نهاية ومغني أي من صحة تيمم المحدث حدثا أصغر بنية الأكبر غلطا وعكسه ع ش . ( قوله بخلاف ما لو تعمد ) أي كأن نوى استباحة الصلاة عن الأكبر مع علمه أن ليس عليه أكبر وفي شرح الكنز للأستاذ البكري ولو كان عليه حدث أصغر وأكبر ونوى الاستباحة عنهما كفى أو عن أحدهما معينا له دون الآخر فمحل نظر والأوجه أنه إذا نوى الأكبر كفى وإن نفى غيره أو الأصغر لم يحصل له إلا ما نواه انتهى وفي قوله وإن نفى غيره المقتضي لحصول رفع الأصغر مع نفيه نظر ولا يبعد عدم حصوله وقبوله الصرف عنه كما لو دخل المسجد ونوى سنة الظهر دون التحية ولكن في كلام الرافعي ما يفيد أنه مع نية رفع الأكبر يرتفع الأصغر وإن نفاه سم بحذف وقوله إنه مع نية رفع يرتفع إلخ تقدم عن ع ش في الغسل الجزم بذلك بلا عزو . ( قوله والاستباحة ) أي المستباح به قول المتن ( لا رفع الحدث ) أي أصغر كان أو أكبر نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله لأنه لا يرفع إلخ ) أي فلا تكفي لأنه إلخ وشمل كلامه ما لو كان مع التيمم غسل بعض الأعضاء وإن قال بعضهم إنه يرفعه حينئذ نهاية . ( قوله لم يبطل ) أي التيمم و ( قوله بغيره ) أي الحدث . ( قوله صليت إلخ ) أي أصليت كما في رواية ع ش . ( قوله مع تيممه ) أي عن الجنابة من شدة البرد نهاية . ( قوله إفادة إلخ ) ، وقد يقال إنما سماه بذلك لأن التيمم للبرد لا يسقط معه القضاء فكان وجوده كعدمه ع ش . ( قوله لفرض إلخ ) أي أو الفرض فقط أو نوافل فقط مغني . ( قوله . وأما صحة صلاتهم ) أي وإنما لم يأمرهم بالإعادة لأنها على التراخي فليس .

                                                                                                                              [ ص: 359 ] فيه تأخير البيان عن وقت الحاجة فليتأمل سم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية