الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
بيان أن التقليد تسرب إلى المسلمين من اليهود

قلت: وقد ذكر الشوكاني -رحمه الله- في «الفتح الرباني» : أن التقليد دخل في الإسلام من جهة أهل الكتاب، لا سيما اليهود منهم.

وأوضحه صاحب «دليل الطالب» أيضا، فراجعهما يظهر لك أن الرأي دين اليهود، وليس من الإسلام في شيء أبدا، وأن الإسلام قد أصيب به، وعاد غريبا كما كان، أخبر بذلك الصادق المصدوق وأصحابه.

وقال عروة: السنن السنن؛ فإن السنن قوام الدين.

وعن هشام بن عروة: أنه قال: إن بني إسرائيل لم يزل أمرهم معتدلا، حتى نشأ فيهم مولدون أبناء سبايا الأمم، وأخذوا فيهم بالرأي، فضلوا وأضلوا.

وقال الزهري: إياك وأصحاب الرأي، أعيتهم الأحاديث أن يعوها. فأقول: قد وقع في هذه الأمة ما وقع قبلها في بني إسرائيل.

ولا تظن أن المراد بأصحاب الرأي وأهله: الفرق الضالة غير أهل السنة والجماعة؛ لأن المصداق عام، والعبرة بعموم اللفظ.

وليس أن كل أهل مذهب سوى هذه المذاهب الأربعة أهل رأي أو بدعة، أو كفرة فجرة، فإن هذا القول مشؤوم مردود عليه، مضروب به في وجه قائله؛ لأن المعتزلة والزيدية، والتفضيلية، ونحوهم، ليسوا بكفار عند أحدهم، وإن كانوا أهل بدعة وضلالة.

وإن أهل الحديث والظاهرية ومن نحا منحاهم من تاركي التقليد، وآخذي السنة، كالصوفية المتقدمين أصحاب العلم واليقين، هم قدوة الإسلام، وبرك الإيمان، وسادة الأمة وقادتها، وخلاصة الأفراد، ونخبة الأمجاد، وأفضلهم [ ص: 337 ] علما وعملا، وعقلا وزهدا، وأعظمهم إيثارا للحق الأبلج على الباطل اللجلج، أولئك الذين قال الله تعالى في حقهم: إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار [ص: 46].

التالي السابق


الخدمات العلمية