الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قال المصنف رحمه الله تعالى ( فصل ) ولا يباع رطبه بيابسه على الأرض لما روى nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه " { nindex.php?page=hadith&LINKID=3372أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن بيع الرطب بالتمر فقال ، أينقص الرطب إذا يبس ؟ فقالوا : نعم فقال : لا إذن } نهى عن nindex.php?page=treesubj&link=5404_4899بيع الرطب بالتمر وجعل العلة فيه أنه ينقص عن يابسه ، فدل على أن كل رطب لا يجوز بيع رطبه بيابسه
( الشرح ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=37سعد هذا أصل عظيم يجب الاعتناء به ، وقد رواه أبو داود والترمذي وقال : حسن صحيح ، nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه والأئمة nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك في الموطأ nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي في الأم والإملاء وغيرهما ، nindex.php?page=showalam&ids=16472وعبد الله بن وهب ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل nindex.php?page=showalam&ids=14724وأبو داود الطيالسي nindex.php?page=showalam&ids=12508وأبو بكر بن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=12289وأبو جعفر أحمد بن منيع وجميعهم في مسانيدهم ، nindex.php?page=showalam&ids=12644وأبو محمد بن الجارود في المنتقى والحاكم أبو عبد الله النيسابوري في المستدرك من طرق وقال : هذا حديث صحيح لإجماع أئمة النقل على إمامة nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك رحمه الله ، وأنه محكم في كل ما يرويه من الحديث ، إذ لم يوجد في رواياته إلا الصحيح ، خصوصا في حديث أهل المدينة ، ثم لمتابعة هؤلاء الأئمة إياه في روايته عن nindex.php?page=showalam&ids=16474عبد الله بن يزيد . والشيخان لم يخرجاه لما خشياه من جهالة زيد بن أبي عياش . وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني أيضا في سننه nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في كتبه الثلاثة : السنن الكبير والسنن الصغير ومعرفة السنن والآثار . وعن nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة أنه أخرجه في مختصر المختصر ، فطرقه كلها في جميع هذه الكتب ترجع إلى زيد بن أبي عياش ( بالياء المثناة من تحت والشين المعجمة ) مولى بني زهرة ، هكذا [ ص: 291 ] في كثير من روايات الحديث ، وهو قول أكثرهم ، ويقال فيه مولى بني مخزوم وقيل غير ذلك . قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : ولا يصح شيء من ذلك . قال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : ثقة ، ورواه أبو داود من حديث nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير روي هذا الحديث عن nindex.php?page=showalam&ids=16455عبد الله بن عياش عن nindex.php?page=showalam&ids=37سعد ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : ويقولون إن nindex.php?page=showalam&ids=16455عبد الله بن عياش هذا هو أبو عياش الذي قاله nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك . وأن nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير أخطأ في اسمه بلا شك ، وفي موضع آخر شك فيه . وأما nindex.php?page=showalam&ids=16474عبد الله بن يزيد الراوي عنه فالأكثرون رووه عن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك هكذا من غير زيادة ، فظن بعض الناس لذلك أنه nindex.php?page=showalam&ids=13617ابن هرمز القارئ الفقيه المشهور ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : ليس كما ظن هذا القائل ، ولم يرو nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=13617ابن هرمز في موطئه حديثا مسندا ، وهذا الحديث لعبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان محفوظ ، وقد نسبه جماعة عن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك منهم nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12154وأبو مصعب . ( قلت ) nindex.php?page=showalam&ids=12131وأبو قرة وهذا الذي قاله nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر هو الصواب وخلافه خطأ لتضافر الروايات عن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك وغيره بأنه مولى الأسود بن سفيان مثبتا . قال nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين : ثقة ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : أبو أويس مولى الأسود بن عبد الأسد المخزومي وقال غير nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : ويقال مولى بني تيم . وعبد الله بن يزيد بن هرمز الذي توهم بعض الناس أنه هو ثقة أيضا ، ورواه عن nindex.php?page=showalam&ids=16474عبد الله بن يزيد : nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس وإسماعيل بن أمية والضحاك بن عثمان nindex.php?page=showalam&ids=111وأسامة بن زيد ، اتفق هؤلاء الأربعة عنه على ذلك ، وخالفهم nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير وقال فيه " { nindex.php?page=hadith&LINKID=38376نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الرطب بالتمر نسيئة } رواه أبو داود أيضا كما أشرت إليه . قال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : واجتماع هؤلاء الأربعة على خلاف ما رواه يحيى يدل على ضبطهم للحديث ، وفيهم إمام حافظ ، وهو nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس رحمه الله ، وهذا الذي قاله الدارقطني [ ص: 292 ] حجة على تصويب رواية nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك ومن تابعه ، ويحتمل على طريقة الفقهاء أن يحكم بصحتهما جميعا لثقة روايتهما ، وتكونان واقعتين ، مرة نهى عنه نسيئة ، ومرة نهى عنه مطلقا ، وأن بعض الرواة زاد ما أسقطه الآخر ، ولا تنافي إلا من جهة المفهوم ، والمنطوق مقدم عليه ، لكن النظر الحديثي هاهنا أقوى والظاهر مع من أسقط لفظة النسيئة ، وقد تابع nindex.php?page=showalam&ids=16474عبد الله بن يزيد على روايته عمران بن أبي أنس ، وليس فيه زيادة لفظ النسيئة ، كذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي . ورواه من طريق الربيع بن وهب ، لكني رأيت في مسند nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عن nindex.php?page=showalam&ids=16700عمرو بن الحارث أن nindex.php?page=showalam&ids=15558بكر بن عبد الله حدثه عن عمران بن أبي أنس حدثه " { nindex.php?page=hadith&LINKID=6814أن مولى لبني مخزوم حدثه أنه سأل nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص عن الرجل يسلفه الرجل الرطب بتمر إلى أجل فقال nindex.php?page=showalam&ids=37سعد : نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا } وهذا شاهد جيد لرواية nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير ، فإن ثبت فيحمل على أنهما حديثان كما قد نبهت عليه قريبا ، فلا ينافي ذلك ، ويحتمل أن يكون سئل عنه نسيئة فنهى عنه ، وسئل مرة أخرى عنه مطلقا فنهى عنه ، وإن لم يكونا حديثين فالحكم بإسقاط الزيادة متعين . قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : الخبر مصرح بأن المنع إنما كان لنقصان الرطب في المتعقب ، وحصول الفضل بينهما بذلك ، وهذا المعنى يمنع أن يكون النهي لأجل النسيئة فلذلك لم تقبل هذه الزيادة ممن خالف الجماعة بروايتها في هذا الحديث ، ولذلك قال الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد : لأن علة النساء عندنا الطعم وعندهم الجنس ( أما ) النقصان فلا ، والله تعالى أعلم .
وقد وردت أحاديث حسنة وصحيحة وغير ذلك تشهد لرواية هذا الحديث وأن المنع مطلق ( منها ) عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " { nindex.php?page=hadith&LINKID=29924لا تبايعوا التمر حتى يبدو صلاحه ، ولا تبايعوا التمر بالتمر } " رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " { nindex.php?page=hadith&LINKID=29945لا تبيعوا التمر بالتمر } " متفق عليه . وعنه أن النبي { nindex.php?page=hadith&LINKID=38567نهى عن بيع التمر بالتمر كيلا } " متفق عليه . وعنه قال " { nindex.php?page=hadith&LINKID=38376نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الرطب بالتمر الجاف } رواه nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب في مسنده بسند ضعيف ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني بسند آخر ضعيف أيضا . وعنه قال [ ص: 293 ] { nindex.php?page=hadith&LINKID=38318نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرطب باليابس } رواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني بسند . فيه موسى بن عبيدة وهو ضعيف .
وروي أيضا عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=3372أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن رطب بتمر فقال : أينقص الرطب ؟ فقالوا : نعم ، فقال لا يباع الرطب باليابس } " لكن في سنده nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة بن زيد ، وهو ضعيف .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي أيضا من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب من حديث يحيى بن سعيد الأنصاري عن عبد الله بن أبي أسامة " { nindex.php?page=hadith&LINKID=5739أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن رطب بيابس } " فقال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : وهذا مرسل جيد شاهد لما تقدم ( قلت ) وسيأتي إن شاء الله تعالى في الفصل الذي يلي هذا عند كلام المصنف في المزابنة حديث في معجم nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني بسند صحيح لفظه { nindex.php?page=hadith&LINKID=19395رخص في بيع العرايا بخرصها من التمر اليابس } فيمكن أن يجعل شاهدا لما تقدم ، فإنه يقتضي سبق التحريم ، لكن للخصم أن يقول : أنا أسلم سبق التحريم في الرطب على رءوس النخل بالتمر ، وهو الذي وردت فيه الرخصة ، وقال عبد الحق في الأحكام بعد أن ذكر حديث أبي عياش هذا : اختلف في صحة هذا الحديث ، ويقال إن زيدا أبا عياش مجهول ( قلت ) والظاهر أن عبد الحق أخذ ذلك من nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم . فإنه قال : إنه لا يصح لجهالة أبي عياش . ولذلك قبله ابن المغلس الظاهري وسبقهما إلى ذلك nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر الطحاوي فقال : إن أبا عياش لا يعرف . وذكر الاختلاف الذي وقع في الحديث ثم قال : فبان بحمد الله ونعمته فساد هذا الحديث في إسناده ومتنه ، وأنه لا حجة فيه على من خالفه من nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ومن تابعه ا هـ . ومدار تضعيف من ضعفه على جهالة أبي عياش . وأول من رده بذلك nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة رحمه الله قال : هو مجهول لما سئل عن هذه المسألة عند دخوله بغداد وعلى أنه يتضمن ما لا يمكن نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم من الاستفهام عما لا يخفى . فأما تضعيفه بسبب جهالة أبي عياش فقد قال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني فيما نقل الترابشتي عنه أنه ثقة فتثبت بذلك عدالته . ولا [ ص: 294 ] يضره قول من لا يعرفه : إنه مجهول . فإن ذلك ليس بتجريح . وأما التضعيف بسبب ما تضمنه من الاستفهام فضعيف جدا وسيأتي الجواب عنه ولم أعلم أحدا من أئمة الحديث ضعف هذا الحديث . ولا تكلم في أبي عياش هذا ، قال الإمام أبو سليمان : قد تكلم بعض الناس في إسناد حديث nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص ، وقال : زيد أبو عياش روايته ضعيفة ، ومثل هذا الحديث على أصل nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لا يجوز أن يحتج به . قال الخشابي : وليس الأمر على ما توهمه ، وأبو عياش هذا مولى لبني زهرة معروف . وقد ذكره nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك في الموطأ ، وهو لا يروي عن رجل متروك الحديث بوجه . وهذا من شأن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك ، وعادته معلومة هذا آخر كلامه . قال الحافظ أبو محمد عبد العظيم المنذري : وقد حكي عن بعضهم أنه قال : زيد أبو عياش مجهول وكيف يكون مجهولا وقد روى عنه اثنان ثقتان ، nindex.php?page=showalam&ids=16474عبد الله بن يزيد وعمران بن أبي أنس ، وهما ممن احتج به nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في صحيحه ، وقد عرفه أئمة هذا الشأن ، هذا الإمام nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك رضي الله عنه ، وقد أخرج حديثه في موطئه مع شدة تحريه في الرجال ونقده ، وتتبعه لأحوالهم ، والترمذي قد أخرج حديثه وصححه كما ذكرنا ، وصحح حديثه الحاكم أبو عبد الله النيسابوري ، وقد ذكره nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بن الحجاج في كتاب الكنى ، وذكر أنه سمع من nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص . وذكره أيضا nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي في كتاب الكنى وما علمت أحدا ضعفه والله أعلم ( قلت ) وقد ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا في تاريخه الكبير في ترجمة nindex.php?page=showalam&ids=16474عبد الله بن يزيد الراوي عنه ، ووصفه بالأعور . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13332أبو عمر بن عبد البر في كتاب الاستذكار والتمهيد بعد أن ذكر الخلاف في جهالته : وقد قيل إن زيدا أبا عياش هذا هو أبو عياش الزرقي ، وأبو عياش الزرقي اسمه عند طائفة من أهل العلم بالحديث زيد بن الصامت وقيل : زيد بن النعمان وهو من صغار الصحابة وممن حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه ، وشهد معه بعض مشاهده . ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر [ ص: 295 ] من طريق ابن أبي عمر وهو العدني عن nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أمية فقال في الزرقي . وهذه زيادة من عدل مثبتة أنه هو الصحابي . وكذلك رويناه في سنن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي عنه عن nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ، فاجتماع nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والعدني عن سفيان على ذلك دليل على أنه هو ، لكن ذلك مخالف لما اشتهر في الروايات أنه مولى بني زهرة . وأحال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي أن يكون أبو عياش هو الزرقي . قال : لأن أبا عياش الزرقي من جلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يدركه nindex.php?page=showalam&ids=16474عبد الله بن يزيد ، فإن كان هو إياه فقد كفيناه مؤنة الكلام ، وإلا فيكفي ما تقدم من توثيق nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني له ، وحكم الأئمة بتصحيح حديثه ، وأبو عياش الزرقي عاش إلى زمان nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية ، مات بعد الأربعين ، وقيل بعد الخمسين ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل : اسمه زيد بن النعمان ، وكل الرواة لهذا الحديث يقولون فيه : أبو عياش - بالياء المثناة والشين المعجمة - إلا رواية ذكرها أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي في جمعه حديث nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير عن nindex.php?page=showalam&ids=13114محمد بن إسحاق بن خزيمة يسنده إلى يحيى قال فيها : إن أبا عياش أو عياش شك يحيى . وهذا مما يدل على قلة ضبط يحيى في هذا الحديث ، ورأيت في كتاب الإسماعيلي هذا أيضا ذكره بطريق آخر إلى يحيى وقال فيه : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=38376نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الرطب بالتمر يابسا } هكذا وقع في الكتاب وعليه تضبيب وعلامة أنه ينظر فيه فإن لم يكن تصحيفا فهو اختلاف موهن لرواية يحيى ، أيضا .
( واعلم ) أن هذا الحديث لا يحتاج إلى تقدير صحته إلا لما فيه من التعليل بالنقصان ( وأما ) الحكم فإنه ثابت في الحديث الصحيح المتفق عليه عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما " { nindex.php?page=hadith&LINKID=4568أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع التمر بالتمر } وقد تقدم التنبيه على ذلك من حديثه ومن حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وغيره ، فقد علم ما في هذا الحديث وأن الراجح صحته ( وأما ) الحكم الذي دل عليه فثابت في الأحاديث الصحيحة ، وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي هذا الحديث من جهة اثنين من الأربعة الرواة عن nindex.php?page=showalam&ids=16474عبد الله بن يزيد ، رواه عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس ، ومن جهة إسماعيل بن أمية رواه عن nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة عنه . [ ص: 296 ] أما ) روايته عن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك فرويناها عنه في مسند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي من طريق الربيع عنه وكذلك هي في الأم والإملاء ( وأما ) روايته من طريق nindex.php?page=showalam&ids=12425إسماعيل فرويناها في سنن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي التي يرويها nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي عن nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وفيها وصف أبي عياش بالزرقي ، فيحصل بذلك متابعة العدني كما تقدم ورفع الجهالة عنه وأكثر الرواة عن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك رحمه الله يقولون " سئل عن شراء التمر بالرطب " وكذلك هو في سنن أبي داود والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي وغيرهم . وبعض الرواة عن إسماعيل بن أمية يقولون " عن الرطب بالتمر " كذلك هو في nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي وغيره من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عنه ، وكذلك قاله ابن منيع من رواية nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة بن زيد . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي nindex.php?page=showalam&ids=17277ووكيع nindex.php?page=showalam&ids=13608وابن نمير شيخ nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=12297وأحمد بن يونس nindex.php?page=showalam&ids=15795وخالد بن خداش شيخا إبراهيم المخرمي خمستهم عن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك " الرطب بالتمر " مثل رواية الآخرين وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل عن سفيان عن nindex.php?page=showalam&ids=12425إسماعيل " عن تمر برطب " مثل رواية nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك المشهورة والذي قاله nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وغيره في حديث nindex.php?page=showalam&ids=12425إسماعيل { nindex.php?page=hadith&LINKID=16600تبايع رجلان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بتمر ورطب } صلى الله عليه وسلم فلم يعينوا شيئا والأمر في ذلك قريب . وأما قول المصنف " عن بيع " فلم أجده في شيء من كتب الحديث ، بل كلهم إما بلفظ الشراء وإما بحذفهما معا ، وأنا رأيته في كتب الفقهاء nindex.php?page=showalam&ids=11872كالقاضي أبي الطيب ومن بعده أكثر الرواة عنهم يقولون في آخره " قالوا نعم فنهى عنه " وكذلك لفظ أبي داود والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي وغيرهم وفي رواية " فكرهه " ورواه nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة عن nindex.php?page=showalam&ids=12425إسماعيل فقال فيه " قالوا " : نعم قال : " فلا إذا " مثل ما ذكره المصنف كذلك رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في مسنده nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني وغيرهما ، وكذلك رواه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم من طريق nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك nindex.php?page=showalam&ids=12425وإسماعيل جميعا ، وذكره nindex.php?page=showalam&ids=12131أبو قرة في سننه من طريق nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك nindex.php?page=showalam&ids=12425وإسماعيل فقال فيه " فنهاه عنه " وذكره nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي عن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك قال فيه " فقالوا : نعم فقال : لا أو فنهى عنه " هكذا رواه على الشك ، وأكثر الرواة يقولون " إذا يبس " وفي روايةnindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك " إذا جف " ذكرها nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة ، وبعض الرواة [ ص: 297 ] يقولون " أينقص ؟ " وبعضهم يقول " أليس ينقص ؟ " وبعضهم يقول " { nindex.php?page=hadith&LINKID=38306نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التمر بالرطب ، فقال فيه : إذا يبس نقص } هذه رواية عبد الله بن عون الخراز عن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك بإسناده المذكور ، فهذه كلمات يحتاج إليها فيما ذكره المصنف لمن يريد تحرير النقل ولنذكر لفظ الحديث بتمامه محررا : روينا في مسند الإمام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي عن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك رضي الله عنهما عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان " { nindex.php?page=hadith&LINKID=6402أن زيدا أبا عياش أخبره أنه سأل nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص عن البيضاء بالسلت فقال له nindex.php?page=showalam&ids=37سعد : أيتها أفضل ؟ فقال البيضاء ، فنهى عن ذلك وقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن شراء التمر بالرطب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أينقص الرطب إذا يبس ؟ فقالوا : نعم فنهى عن ذلك } وهو في الأم كذلك حرفا بحرف ، وفي الإملاء كذلك إلا أنه أبدل همزة الاستفهام بهل ، وهو في أكثر الكتب قريب من هذا اللفظ .
قال العلماء ، منهم nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : قوله صلى الله عليه وسلم " أينقص الرطب إذا يبس ؟ " لفظه لفظ الاستفهام ومعناه التقرير ، والتنبيه فيه على نكتة الحكم وعلته ، ليعتبروها في نظائرها وأحوالها ، وذلك أنه لا يجوز أن يخفى عليه صلى الله عليه وسلم أن الرطب إذا يبس نقص ، فيكون سؤال تعرف واستفهام وإنما هو على الوجه الذي ذكرته وهذا كقول جرير :
ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راح
ولو كان هذا استفهاما لم يكن فيه مدح ، وإنما معناه أنتم خير من ركب المطايا . هذا كلام nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي رحمه الله تعالى ، والاستفهام بمعنى التقرير كثير موجود في الكتاب العزيز في قوله تعالى ( { nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=17وما تلك بيمينك يا موسى } ؟ ) وقوله { nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=1ألم نشرح لك صدرك } وغير ذلك وإنما اعتنى الأصحاب ببيانه هنا ، لأن من جملة ما ضعف به الخصم هذا الحديث كونه متضمنا للاستفهام عن أمر لا يخفى . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله في الأم في باب الطعام بالطعام : وفيه دلائل [ ص: 298 ] منها ) أنه سأل أهل العلم بالرطب عن نقصانه فينبغي للإمام إذا حضره أهل العلم بما يرد عليه أن يسألهم عنه ، وبهذا صرنا إلى قيم الأموال بقول أهل العلم والقبول من أهلها ( ومنها ) أنه صلى الله عليه وسلم نظر في متعقب الرطب ، فلما كان ينقص لم يجز بيعه بالتمر لأن التمر من الرطب إذا كان نقصانه غير محدود ، وقد حرم أن يكون التمر بالتمر إلا مثلا بمثل ، وكانت فيها زيادة بيان النظر في المتعقب من الرطب ، فدلت على أن لا يجوز رطب بيابس من جنسه ، لاختلاف الكيلين ، وكذلك دلت على أنه لا يجوز رطب برطب لأنه نظر في البيوع في المتعقب خوفا من أن يزيد بعضها على بعض ، فهما رطبان معناهما معنى واحد . وقال في الإملاء قريبا من ذاك وزاد : قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : فقال بعض : لا بأس بالرطب بالتمر ، وإن كان الرطب ينقص إذا يبس ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : فخالفه صاحبه قال : قولنا في كراهية الرطب بالتمر ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : ثم عاد إلى معنى قوله فقال : لا بأس بحنطة رطبة بحنطة يابسة ، وحنطة مبلولة بحنطة مبلولة .
وإن كان أحدهما أكثر نقصانا إذا يبس من الآخر ، وتكلم nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله تعالى أيضا في الأم على قول nindex.php?page=showalam&ids=37سعد في البيضاء والسلت ، وقد تقدم ذلك عند الكلام مع المالكية في بيع الحنطة بالشعير والله أعلم . وقد اتفق جمهور العلماء على مقتضى هذا الحديث ، وأنه لا يجوز nindex.php?page=treesubj&link=5404_4899بيع الرطب بالتمر ، وقد اتفق الأصحاب مع nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله على ذلك ، لا خلاف عندهم في ذلك إلا خلافا حكاه ابن الرفعة في الكفاية عن تعليق nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي حسين ، فيما إذا nindex.php?page=treesubj&link=5404_4899باع الرطب على الأرض بالتمر ، وكذلك حكاه مجلي عن الإنابة للفوراني ، ولم أجده في شيء من الكتابين على الإطلاق ولا يجوز اعتقاده ، وإنما هو في الإبانة والتتمة في خمسة أوسق فما دونها تخريجا على مسألة العرايا ، وعبارة التتمة مصرحة بذلك ، وإن كانت عبارة الفوراني مطلقة ( أما ) الزائد عليها فليفهم ذلك ، ولم أر أحدا نقل هذا الخلاف إلا مجلي وابن الرفعة ، وكيفما كان فهو مردود يجب اعتقاد أن ذلك وهم منهما أو سوء في العبارة وإطلاقها ، ولعل الذي حملهما على ذلك إطلاق عبارة [ ص: 299 ] الفوراني ، ولكن ذلك لأنه قد ذكرها في ذلك في فصل العرايا فكان ذلك قرينة بخلافهما حيث تكلما في فصل بيع الرطب بالتمر ، مع أن ابن الرفعة في شرح الوسيط صرح بالاتفاق على أنه لا يجوز ذلك في أكثر من خمسة أوسق كما نبهت عليه ( وقوله ) في الكفاية أوجب الإفهام فيه كونه ذكره في غير محله . ولم ينبه على محله ، والله أعلم .
وممن ذهب إلى المنع من ذلك كما ذهب إليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي من الصحابة nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص ، ومن التابعين nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، ومن الفقهاء nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد بن الحسن لكنه قال : إذا أحاط العلم بأنهما إذا تساويا جاز ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود هكذا نقل جماعة من أصحابنا ، والحجة في ذلك الأحاديث المتقدمة ، ومن جهة أنه إن بيع متماثلا فالمنع لتحقق المفاضلة عند الجفاف ، وإن كان التمر أكثر فللجهل بالمماثلة ، والتخمين لا يكفي في ذلك إلا في العرايا . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة بجواز بيع الرطب بالتمر كيلا بكيل مثلا بمثل . قال الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد : وانفرد بذلك ولم يتابعه أحد عليه ، ونقل nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر عن nindex.php?page=showalam&ids=15858داود موافقته له .
ونقل nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر أنهم أجمعوا على أن بيع التمر بالرطب لا يجوز إلا nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة ، وقال الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد : إنه لم يخالف nindex.php?page=showalam&ids=37سعدا من الصحابة أحد ولا خالف أحد من التابعين وهكذا يقوله في كل فاكهة رطبة بيابسها يجوز nindex.php?page=treesubj&link=5404_4899بيع العنب بالزبيب ، والحنطة الرطبة باليابسة ، وتابعه على هذا nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف ، كما أشار إليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في كلامه المتقدم في الإملاء nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود الظاهري وموافقة nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف له في بقية الفواكه مع مخالفته له في الرطب بالتمر لا وجه له ، فمتى ثبت الحكم فيه ثبت فيها ، وقول nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف المذكور في الحنطة الرطبة بالماء ( أما ) الرطبة من الأصل كالفريك فلا يجوز باليابسة ، ولنرجع على الكلام على الرطب بالتمر ومحل الخلاف في الرطب المقطوع على الأرض واحتج المنتصرون nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة بأن الرطب والتمر إما أن يكونا جنسا واحدا أو جنسين فإن كانا جنسا واحدا فبيع الجنس الواحد بعضه ببعض مثلا بمثل [ ص: 300 ] جائز ، وإن كانا جنسين فبيع جنس بجنس آخر أجوز والاستدلال على كل من القسمين لا يخفى .
وفي المبسوط من كتب الحنفية أن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة دخل بغداد فسئل عن هذه المسألة وكانوا شديدين عليه لمخالفته الخبر فذكر هذا الاستدلال ; فأورد عليه حديث nindex.php?page=showalam&ids=37سعد فقال : إن زيدا أبا عياش لا يقبل حديثه . قال شارح الهداية من كتبهم : وهذا الكلام حسن في المناظرة لدفع شغب الخصم ; ولكن الحجة لا تتم لجواز أن يكون بينهما قسم ثالث كما في الحنطة المقلية بغير المقلية ; يعني أنها لا تجوز عندهم ، ومع ذلك الترديد المذكور جاز فيها ، ولأنه إذا صح التساوي حال العقد لم يمنع توقع نقص يحدث في العقد كالتمر الحديث بالتمر الحديث أو العتيق والسمسم بالسمسم ، وإن كان يئول إلى الشيرج ( وأجابوا ) عن حديث nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بجهالة زيد أبي عياش ، وبحمله على أن المراد إذا كان نسيئة ، وقد ورد ذاك في رواية أخرى كما تقدم ; فيحتج بمفهومها ، ويخص به عموم النهي عن بيع الرطب بالتمر الوارد في حديث nindex.php?page=showalam&ids=37سعد nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر وغيرهما ، وتحمل النواهي الواردة في ذلك على ، ما إذا كان الرطب على رءوس النخل وهو المزابنة . واحتجوا أيضا بعموم نهيه صلى الله عليه وسلم " عن الطعام بالطعام إلا مثلا بمثل " وكذلك قوله " التمر بالتمر " وقالوا : إن التمر اسم لثمرة النخل من حين ينعقد إلى أن يدرك . ( وأجاب ) الأصحاب عن الأول بأنهما جنس واحد ، ولا يلزم جواز بيع بعضه ببعض كالدقيق بالحنطة ، وقد وافقنا nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة على أنه لا يجوز بيعه بها ، فإن اعتذروا بأن طحن الدقيق صنعة تعارض عملها ، لزمهم أن يجيزوا التفاضل بين الدقيق والحنطة ، ثم إن الصنعة لا أثر لها في عقود الربا ( وعن ) الثاني بأن المعتبر التساوي حالة الادخار ، وبأن هذه علة مستنبطة ، وعلة النبي صلى الله عليه وسلم منصوص عليها فكانت أولى .
وعن جهالة أبي عياش ، بما تقدم . وعن الاحتجاج بالمفهوم على تقدير ثبوت تلك الرواية ، وتخصيص [ ص: 301 ] العموم بأن المحتجين بذلك لا يقولون بالمفهوم ; وأيضا فإن العام المذكور قارنه تعليل وهو قوله { nindex.php?page=hadith&LINKID=50661أينقص الرطب إذا يبس } فصار معناه خاصا ; كأنه قال : نهي عن بيع الرطب بالتمر بعد ، لأن اعتبار التساوي مع التعليل المذكور لا وجه له ، وإذا ثبت أن ذلك اللفظ العام أريد به الخصوص فالمفهوم المقابل له ( من ) أصحابنا من يجعله كالقياس ، فيسقطه لرجحان المنطوق عليه .
( ومنهم ) من يقول : هو بمنزلة المنطوق ويتقابلان . فعلى هذا يكون هذا المنطوق أولى ، لأنه نطق خاص معه تعليل ، فيكون أولى من الذي لا تعليل معه هكذا حكى هذا الخلاف عن أصحابنا والبناء عليه الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد وغيره ، وهو يقتضي أن بعض الأصحاب قائل بمساواة المفهوم للمنطوق عند تجرده عن التعليل وهو غريب فإن المعروف أن المنطوق راجح على المفهوم نعم قد يكون ذلك فيما إذا كان المفهوم خاصا ، والمنطوق عاما ، وهو بعيد أيضا لأنه يقتضي أن بعضهم يتوقف فيه وبعضهم يسقط المفهوم ; والمعروف أن المفهوم يخصص العموم وعن احتجاجهم بقوله : الطعام بالطعام بأن هذا عام في الرطب واليابس ، فيحمل ذلك على اليابس بدليل ما ذكرنا . وعن قوله " التمر بالتمر " كأن الرطب لا يسمى تمرا لو حلف لا يأكل التمر فأكل الرطب لم يحنث .
( والجواب ) عن حملهم ذلك على ما إذا كان على رءوس النخل لا يكال . وأيضا فإن المزابنة تعم القسمين كما سيأتي إن شاء الله . وعن قياسهم على بيع الحديث بالعتيق من ثلاثة أوجه مجموعة من كلام nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبي الطيب والماوردي والمحاملي .
( أحدها ) أن النقص لا يقدح في العلة الشرعية كتخصيص العموم ( الثاني ) أن التمر الحديث والعتيق تساويا في حالة الادخار فلا يضر النقصان بعد ذلك .
( والثالث ) أن نقصان الحديث يسير وقد يعفى عن اليسير ، كما لو كان في الحنطة تراب وزوان يسير ( قلت ) وهذا الجواب هو المعتمد ولذلك نقول : إن الحديث إنما يجوز بيعه بالعتيق إذا لم تبق النداوة في الحديث [ ص: 302 ] بحيث يظهر دونها في المكيال . وسيأتي ذلك في آخر هذا الفصل عند ذكر المصنف له إن شاء الله تعالى ، والله أعلم . واعترض نصر عليهم بأنهم يحتجون بخبر المجهول فكيف يدفعون هذا الخبر به أو كان مجهولا كما ادعوه ؟ وعمدتنا في ذلك الحديث ، فهو كاف في الاستدلال من غير شغب ، والقياس على بيع القمح بالدقيق ، فإنهم سلموا امتناعه ، ولا يقال : إن الدقيق الذي في الحنطة أكثر من الدقيق الذي في مقابله لأنه ينتقض ببيع جيدة بحنطة ضامرة مهزولة فإنه يصح ، والدقيق في الجيدة أكثر ، ولهم ولأصحابنا أجوبة وأسئلة ضعيفة يطول الكتاب بذكرها ، وفيما ذكرته مقنع ، وهذه المسألة مما تلتبس أيضا على الأصل الذي قدمته ، وهو أن المطلوب هل هو وجوب المساواة كما يقوله الحنفية ؟ أو التحريم حتى تتحقق المساواة ؟ والله سبحانه أعلم nindex.php?page=showalam&ids=37وسعد بن أبي وقاص راوي الحديث مذكور في باب حمل الجنازة . وقوله " البيضاء بالسلت " قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : في الحديث تفسير البيضاء ، وأنها الشعير ، وقد تقدم الكلام في ذلك . قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : إن السلت والشعير عند nindex.php?page=showalam&ids=37سعد صنف واحد لا يجوز التفاضل بينهما ، وكذلك القمح معهما صنف واحد قال : وهذا مشهور من مذهب nindex.php?page=showalam&ids=37سعد رضي الله عنه وإليه ذهب nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك وأصحابه ولنرجع بعد ذلك إلى ألفاظ الكتاب : قول المصنف ( على الأرض ) تنبيه على أن الكلام في المسألة المختلف فيها واحتراز عن nindex.php?page=treesubj&link=5404بيع الرطب على رءوس النخل بالتمر على الأرض ، فلا خلاف في أنه ممتنع إلا العرايا ، فيكون قوله ( على الأرض ) حالا من رطبه ، أي لا يباع رطبه حال كونه على الأرض بيابسه ، ومعلوم أن اليابس على الأرض ، ويجوز أن يجعل حالا منهما جميعا ، والله أعلم .
( وقوله ) إنه نهى عن بيع الرطب بالتمر لوجود الصيغة الدالة ( وقوله ) إنه جعل العلة فيه أنه ينقص ، مأخوذ من ثلاثة أوجه ( أحدها ) الفاء الداخلة على الحكم المرتب على الوصف ( والثاني ) إذا فإنه للتعليل ( والثالث ) [ ص: 303 ] استنطاقه وتقريره صلى الله عليه وسلم لنقصانه إذا يبس ، وهو صلى الله عليه وسلم والحاضرون يعلمون ذلك ، فلو لم يكن النقصان علة في المنع لم يكن للتقرير عليه فائدة . وهذا المثال عده الغزالي ومن تابعه في أقسام الإيماء والتنبيه لكنه لأجل ازدحام هذه الوجوه قال الغزالي ومن تابعه : إنه ترقى في الظهور إلى رتبة الصريح . وقال المصنف في اللمع وشرحها : إن ذلك - أعني قوله صلى الله عليه وسلم " { nindex.php?page=hadith&LINKID=9088أينقص الرطب إذا يبس ؟ فقيل : نعم ، فقال : فلا إذن } صريح في التعليل ; وجعله مقدما على ذكر الصفة التي لا يفيد ذكرها غير التعليل ; وكذلك جعله في المعونة أيضا .
( وقوله ) بعد ذلك ; فدل على أن كل رطب لا يجوز بيع رطبه بيابسه : مستنده القياس وعموم العلة ، فيعم الحكم لعموم علته . وبذلك يتم الاستدلال على القاعدة الكلية التي ادعاها أنه لا يباع رطبه بيابسه مطلقا ، في بعضه بالنص ، وفي باقيه بالقياس ، فنبه على أن النص وحده لا يكفي في إثبات تلك القاعدة ، والله تعالى أعلم .
وأن العلة لو كانت في رتبة الصريح لا تكون كالتنصيص على جميع محالها ، فيكون الحكم فيها ثابتا بالنص كما ادعاه بعض الأصوليين ، بل إنما يثبت في الفرع بالقياس ، والله أعلم ( وقوله ) رطبه بيابسه يشمل الرطب والبسر والبلح والخلال بلغة العراق الذي يسميه المصريون رامخا ، لا يجوز أن يباع شيء منها بالتمر ، وكذلك العنب والحصرم إذا بيع بالزبيب ، والجوز واللوز رطبها بيابسها ، وكذلك البندق والفول والمشمش والتين الرطب باليابس ، والخوخ الرطب بالمقدد على ما قاله nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب وغيره ومراده به وكذلك أحد نوعي nindex.php?page=treesubj&link=5428الجنس الواحد إذا بيع بالآخر كالرطب المقلي بالتمر البرني لا يجوز أيضا ، قاله الماوردي وهو واضح ، وما أشبه ذلك . صرح nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله والأصحاب بهذه الأمثلة كلها ; وهم nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي مصرحون بإطلاق هذه القاعدة التي ادعاها المصنف بأنه لا يباع من الجنس الواحد رطب بيابس في غير العرايا ، ولم يختلفوا في شيء منها إلا في بيع الطلع بالرطب .
[ ص: 304 ] وقد حكى الماوردي والروياني فيه ثلاثة أوجه ( أحدها ) الجواز لأنه لا ينعقد فأشبه القصل بالحنطة ( والثاني ) لا ، لأن نفس الطلع يصير رطبا بخلاف القصل ( والثالث ) قالا وهو أصح إن كان من طلع الفحال جاز لأنه صار رطبا ، وإن كان من طلع الإناث لم يجز وممن صرح بأن البسر والبلح كالرطب في ذلك الماوردي والمتولي ، وكذلك nindex.php?page=showalam&ids=14242الخلال ، قاله الماوردي ، وكذا كل ما يتخذ من التمر والرطب كالدبس والناطف لا يجوز بيعه بتمر ولا رطب ، ولا بما يصير تمرا أو رطبا كالملح والخلال والبسر ، صرح به الماوردي . وقال إمام الحرمين عند الكلام على الأجناس : إن البلح مع الرطب والحصرم مع العنب كالعصير مع الخل عنده ، وأظهر الوجهين عنده في العصير مع الخل أنهما جنسان ، فيكون الظاهر عنده جواز بيع البلح بالرطب والتمر متفاضلا ، وجواز بيع الحصرم بالعنب متفاضلا ، وأنهما جنسان ، وهذا بعيد ، لأنه لو لزم من الاختلاف في هذه الصفة الاختلاف في الجنسية لزم أن يكون الرطب والتمر جنسين مختلفين ، وهو لا يقول به ، فهذا يفسد عليه ما اختاره من أن العصير والخل جنسان ، بل هما جنس واحد ، لأن التفاوت الذي بينهما أشد مما بين الرطب والتمر . واعلم بأن الحكم بكون الطلع والرطب والتمر جنسا واحدا ، وكذلك الحكم بأن الرطب والتمر جنس واحد فيه إشكال ، لأن كلا منهما منفرد باسم خاص وذلك يقتضي كونهما جنسين على مقتضى الضابط المشهور في اتحاد الجنس واختلافه . وقد تقدم التعرض لذلك عند الكلام في الأجناس والله أعلم والضمير في قوله : رطبه بيابسه عائد على ما حرم به الربا الذي صدر به الفصل السابق على الفصل الذي قبل هذا ، واتحاد الضمير يفيد أن المراد الجنس الواحد ، أي nindex.php?page=treesubj&link=5428لا يباع رطب الجنس بيابس ذلك الجنس ، وليس الحكم مقتصرا على الرطب بالتمر ، والعنب بالزبيب ، بل كل رطب بيابس إذا كان ربويا من جنس واحد كحب الرمان بالرمان الرطب .
[ ص: 305 ] قال الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد : لا خلاف على مذهبنا أنه لا يجوز يعني تفريعا على الجديد أنه يجري ، فيها الربا ، والله أعلم .
ومن الواضحات أنه يجوز nindex.php?page=treesubj&link=24694بيع الرطب بالعنب ، والعنب بالتمر ، والرطب بالزبيب ، والزبيب بالتمر ، لأنهما جنسان ، وقد نص الأصحاب على ذلك ، كله والله أعلم .
وقد أفهم كلام المصنف جواز بيع يابسه بيابسه ، كبيع التمر بالتمر والزبيب بالزبيب إذا تساويا في المكيال ، وذلك بالاتفاق . وكذلك كل ثمرة لها حالة جفاف كالمشمش والخوخ والبطيخ الذي يفلق والكمثرى الذي يفلق والرمان وسيأتي تفصيل ذلك إن شاء الله تعالى . وقد مر بعضه عند الكلام في المعيار والله سبحانه أعلم