الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
سبب تسمية غلاة الشيعة بالرافضة

وقد ثبت في كتب اللغة، وشرح الحديث، وكتب التاريخ: أن الرافضة إنما ثبت لهم هذا اللقب؛ لما طلبوا من الإمام زين بن علي بن الحسين بن علي -رضي الله عنهم- أن يتبرأ من أبي بكر وعمر.

فقال: هما وزيرا جدي، فرفضوه، وفارقوه، فسموا حينئذ: «الرافضة».

فانظر كيف كان ثبوت هذا اللقب الخبيث لهم، بسبب خذلهم لنصرة ذلك الإمام العظيم.

وروي عن الحسن بن علي -رضي الله عنهما-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لعلي -كرم الله وجهه-: «إنه سيكون في آخر الزمان قوم لهم نبز، يعرفون به، يقال لهم: الرافضة، فاقتلهم، قتلهم الله، إنهم مشركون».

فالحاصل: أن من صدق عليه هذا اللقب، فأقل أحواله أن يكون معاديا للصحابة، لاعنا لهم، مكفرا لغالبهم.

هذا على تقدير عدم تفطنه لما هو العلة الغائية للرافضة، من العناد لله سبحانه، ولرسوله -صلى الله عليه وسلم- وللشريعة المطهرة.

فتقرر لك بهذا: أن من يقدر على إنكار صنيع الرافضة، ولم يفعل، فقد رضي بأن تنتهك حرمة الإسلام وأهله، وسكت على ما هو كفر متضاعف كما سلف.

وأقل أحواله أن يكون كفر بتكفير الأكثر من الصحابة.

ومن سكت عن إنكار الكفر مع القدرة عليه، فقد أهمل ما أمر الله به في كتابه؛ من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وترك الإنكار على ما هو كفر [ ص: 384 ] بواح، وأهمل ما هو أعظم أعمدة الدين وأكبر أساطينه، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

فلا بكتاب الله عمل، ولا بسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- اقتدى.

وقد ثبت في «الصحيحين» وغيرهما، من حديث عبادة بن الصامت، قال: بايعنا رسول الله على السمع والطاعة... الحديث.

وفيه: وألا ننازع في الأمر أهله، إلا أن تروا كفرا بواحا، عندكم من الله برهان، وعلى أن نقول بالحق أينما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم».


في الباب أحاديث كثيرة، انتهى.

وأقول: ما أصدق هذا الكلام من هذا الإمام! وما أبلغه في أداء المرام!! فإنه دل دلالة واضحة صريحة، لا سترة عليها، على أن الرافضة كفار كفرا بواحا؛ بدليل الكتاب العزيز: ليغيظ بهم الكفار وكأن هذه الآية نص في محل النزاع.

وبدليل السنن الواردة في كفر من كفر مسلما كما سلف.

وقد صرح في هذا المقال بأن جميع أنواع الرافضة من القرامطة وغيرهم، كافرون مشركون، وهذا هو الحق الأبلج المبين الظاهر ظهور الشمس في رابعة النهار.

وقد رأينا رافضة الهند، وهم يسمون أنفسهم: بالإمامية، والشيعة، يعتقدون كفر الأصحاب، ويسبونهم صريحا بلا ارتياب، في كتبهم، وبألسنتهم، ويلعنون لعنا ساطعا. وكذلك «حال البواهر» في الهند وغيره، فإنهم القرامطة في الأصل.

وإذا ثبت بالقرآن والحديث: أن هؤلاء كفار، فينبغي أن يجري حكم الكفار عليهم في جميع المسائل والأحكام، من ترك المناكحة بهم، والجهاد معهم، والرد على مذهبهم، والإنكار على صنيعهم، والاعتقاد بعدم إسلامهم، وبكونهم أخبث الطوائف في الدنيا.

[ ص: 385 ] وما ذكر من انتظارهم المهدي السردابي هو بعينه اعتقاد الإمامية، مصرح به في كتبهم.

ويرون أن سب الصحابة ولعنهم وشتمهم عبادة فاضلة، حتى إن بعض الرؤساء والرعية صنعوا في بعض البلاد صورهم الخيالية المنحوتة على شكل ما في ذهنهم، وفعلوا به ما ينبغي أن يفعل بالكافر وبالعدو.

وهذا أدل دليل على أن اعتقادهم وقولهم في الأصحاب أنهم كفار مرتدون، ونعوذ بالله من ذلك.

وإذا كان هذا اعتقادهم، وكان هذا صنيعهم بتماثيلهم القرطاسية والخشبية ونحوها، فأي عاقل ممن له أدنى تمييز يقف في الإفتاء بكفرهم؟!!

وقد بلغت فتنتهم في هذا الزمان الأخير إلى غايتها، ورأينا بعضهم أن الله أخرجه من مسقط رأسه، وأنزل عليه سخطه، وأزال ملكه ودولته بشؤم هذه الأفعال، ولكنه لم يتنبه، ومضى في غيه وإبرازه. فاعتبروا منه يا أولي الألباب.

التالي السابق


الخدمات العلمية