الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [إذا حج بابنه الصغير وهو لا يتكلم]

                                                                                                                                                                                        وقال مالك : إذا حج الأب بابنه الصغير وهو لا يتكلم- لا يجرده حتى يدنو من الحرم ، فإذا جرده يريد الإحرام فهو محرم ، ويجنبه ما يجنب الكبير ، ولا يطوف به أحد لم يطف ، ولا يدخل طوافين في طواف ، ولا بأس أن يسعى به بين الصفا والمروة من لم يسع ، وهو أخف ، ولا يجمع بين الرمي عن نفسه وعن الصغير .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا طاف عن نفسه وطاف بالصبي معه محمولا ، فقال ابن القاسم في كتاب محمد : يجزئ عن الصبي وحده ، ولا يجزئ عن الرجل . [ ص: 1171 ]

                                                                                                                                                                                        وقال عبد الملك : يجزئ عن الرجل ، ولا يجزئ عن الصبي . وقال أصبغ : لا يجزئ عن الرجل -مثل قول ابن القاسم- ، وإن أعاد عن الصبي فهو أحب إلي وقال ابن القاسم أيضا : يجزئ عن الصبي ، وأحب إلي أن يعيد عن نفسه . ولمالك عند ابن شعبان : لا يجزئ عن واحد منهما ؛ في الطواف عن الصبي وعن نفسه .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ - رضي الله عنه - : القياس أن يجزئ عن الصبي ، ولا فرق بين أن يطوف به محمولا على دابة ، أو على رجل ، وإنما المقال في الرجل إذا أشرك في عمله ، وقصد الطواف عن نفسه وعن الصبي . وقال محمد في رجل حمل رجلا فطاف به طوافا واحدا : لم يجز عن واحد منهما .

                                                                                                                                                                                        وقول ابن القاسم : يجزئ عنهما ويعيد عن نفسه على وجه الاستحسان ، وهو في هذا بخلاف من أتى بحجة عن نذره وعن حجة الإسلام ؛ لأن تلك حجة واحدة ، وهذان شخصان طائفان بأنفسهما جميعا ، فوجب أن يجزئ عنهما ، والاستحباب أن يعيد عن نفسه . ولو طاف به ماشيا لأجزأ عنهما . ولا خلاف فيمن طاف لنفسه وبرجل معه ليعلمه الطواف جاز عنهما جميعا . وكذلك أرى إذا طاف به محمولا أن يجزئ عنهما ، فيجزئ عن المحمول بمنزلة لو كان على دابة إذا طيف به على ذلك لعذر ولمرض أو غيره ، ويجزئ الآخر أيضا ؛ لأنه طائف بنفسه ، وقياسا على السعي بين الصفا والمروة . [ ص: 1172 ]

                                                                                                                                                                                        وأما الرمي فهو على وجهين : فإن رمى سبعة عن نفسه وعن الصبي لم يجزئ عنهما بلا خلاف . ويختلف : هل يحتسب بها عن نفسه أو عن الصبي ؟ ولا يجزئ عن واحد منهما .

                                                                                                                                                                                        وإن رمى سبعة عن نفسه ، ثم سبعة عن الصبي ، ثم تقدم إلى الجمرة الأولى ففعل مثل ذلك ، ثم الثالثة كذلك أجزأ عنهما قولا واحدا . وإن رمى الأولى بأربع عشرة حصاة ، واحدة عن نفسه ، وأخرى عن الصبي حتى أتم أجزأ عنهما جميعا ؛ لأن ذلك تخلل لا يمنع الإجزاء . وقد قال فيمن نسي حصاة فذكر من الغد : أنه يرميها ، ويبني على ما تقدم .

                                                                                                                                                                                        وإذا طاف به غير محمول رمل الأشواط الثلاثة وفي بطن المسيل . واختلف إذا كان محمولا ، فقال ابن القاسم : لا يرمل به . وقال أصبغ : يرمل به .

                                                                                                                                                                                        والأول أحسن ؛ لأن سبب ذلك في الطواف أن يري المشركين النبي - صلى الله عليه وسلم - قوة أصحابه ، وكان المشركون قد قالوا : قد أوهنتهم حمى يثرب . ومن طيف به محمولا لصغر أو مرض خارج عن ذلك . [ ص: 1173 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية