الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
منقبة الزبير -رضي الله عنه-

عن جابر -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من يأتيني بخبر القوم؟» يوم الأحزاب، قال الزبير: أنا، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: «إن لكل نبي حواريا، وحواريي الزبير» متفق عليه.

قال في «الترجمة»: المراد بالقوم: قريش، أتوا مع يهود بني قريظة وبني النضير، واتفقوا على المحاربة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والأحزاب عبارة عن هؤلاء.

و «الحواري» -بكسر الراء وتشديد الياء- بمعنى: المخلص، الصافي القلب، والناصر. والزبير هو ابن عمته -صلى الله عليه وسلم- التي اسمها الشريف: صفية -رضي الله عنها- والحديث دليل على مزية خصوصيته وفضيلته.

وعن علي -رضي الله عنه-، قال: سمعت أذني من في رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يقول: « طلحة والزبير جاراي في الجنة » رواه الترمذي، وقال: هذا حديث غريب.

قلت: هما من العشرة المبشرة بالجنة، وفيه فضيلتهما، وأي فضيلة! وأما خلافهما في خلافة علي، فله وجوه وأعذار، والمجتهد يخطئ ويصيب، وعلى الخطأ مأجور بأجر واحد. وهذا الحديث جاء من رواية علي نفسه، فماذا تريد بعد ذلك؟ والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.

[ ص: 441 ] وعن أبي هريرة : أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان على حراء: جبل بمكة المكرمة، يقال له الآن: جبل النور، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتعبد فيه قبل نزول الوحي عليه، ويشتغل بالعبادة، هو، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، فتحركت الصخرة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «اهدأ؛ أي: اسكن، «فما عليك إلا نبي أو صديق، أو شهيد»، وزاد بعضهم: « سعد بن أبي وقاص لم يذكر عليا ». رواه مسلم .

وكلهم استشهدوا، وكانت شهادة طلحة والزبير في حرب الجمل، لا في الحرب نفسه، بل خارجة عنه.

قال صاحب «المرقاة»: في الحديث معجزاته له -صلى الله عليه وسلم-؛ لإخباره بأن هؤلاء شهداء؛ فقتل عمر وعثمان وعلي مشهور، وقتل الزبير بوادي السباع بقرب البصرة في وقعة الجمل منصرفا، تاركا للقتال، وكذلك طلحة، اعتزل الناس تاركا للقتال فأصابه سهم فقتله. وقد ثبت أن من قتل ظلما فهو شهيد . انتهى.

وفي الحديث إشكال؛ لأن سعدا، مات في قصره الواقع في وادي العقيق، ولم يستشهد، وجيء به إلى البقيع، فدفن فيه، إلا أن يدخل في لفظ الصديق، أو المراد بالشهيد: من له أجر الشهادة؛ كالمبطون وأمثاله.

التالي السابق


الخدمات العلمية