الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          [ ص: 350 ] فصل

                          في نكتة تتصل بالكلام الذي تضعه بـ " ما " و " إلا "

                          بيان آخر في " ما " و " إلا "

                          416- اعلم أن الذي ذكرناه من أنك تقول : “ ما ضرب إلا عمرو زيدا " . فتوقع الفاعل والمفعول جميعا بعد " إلا " ليس بأكثر الكلام " وإنما الأكثر أن تقدم المفعول على " إلا " نحو : " ما ضرب زيدا إلا عمرو " . حتى أنهم ذهبوا فيه أعني في قولك : " ما ضرب إلا عمرو زيدا " إلى أنه على كلامين، وأن " زيدا " منصوب بفعل مضمر، حتى كأن المتكلم بذلك أبهم في أول أمره فقال : " ما ضرب إلا عمرو " . ثم قيل له : " من ضرب؟ " فقال : " ضرب زيدا " .

                          417- وهاهنا - إذا تأملت - معنى لطيف يوجب ذلك وهو أنك إذا قلت : “ " ما ضرب زيدا إلا عمرو " كان غرضك أن تختص " عمرا " بضرب " زيد " لا بالضرب على الإطلاق . وإذا كان كذلك وجب أن تعدي الفعل إلى المفعول من قبل أن تذكر " عمرا " الذي هو الفاعل، لأن السامع لا يعقل عنك أنك اختصصته بالفعل معدى حتى تكون قد بدأت فعديته ، أعني : لا يفهم عنك أنك أردت أن تختص " عمرا " بضرب " زيد " حتى تذكره له معدى إلى " زيد " . فأما إذا ذكرته غير معدى فقلت : " ما ضرب إلا عمرو " . فإن الذي يقع في نفسه أنك أردت أن تزعم أنه لم يكن من أحد غير " عمرو " ضرب وأنه ليس هاهنا مضروب إلا وضاربه عمرو ، فاعرفه أصلا في شأن التقديم والتأخير .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية