الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          [ ص: 563 ]

                          - 2 -

                          فصل

                          654 - يصح توهم وجود "السواد" في محل هو في حال التوهم أبيض وتكون حقيقة هذا أنه يتوهم في هذا المحل الأبيض ، وجود مثل اللون الذي يراه في المحل الأسود ، ولو فرضنا أن لا يكون رأى محلا أسود قط ، لم يتصور منه هذا التوهم . وإذا ثبت هذا ، فإنه ما من فاعل إلا وهو يجد في نفسه إثبات معنى لشيء ، فنحن إذا قلنا في "ضرب" أنه موضوع لإثبات المعنى للشيء ، كنا أشرنا له إلى هذا المعنى الذي عرفه في نفسه ، كما أنا إذا قلنا إن لفظ "رجل" موضوع للآدمي الذكر ، كنا أشرنا له إلى ما عرفه بعينه ، إلا أن الشأن أنا نشير له في الاسم إلى شيء قد عرفه موجودا . فيجب أن ينظر إذا قلنا : "إن الفعل موضوع لإثبات المعنى للشيء" ، أنكون أشرنا إلى معنى قد علمه موجودا ، أم إلى شيء يعلم صحة وجوده.

                          [ ص: 564 ]

                          -3-

                          فصل :

                          655 - إن كان أبو الفتح بن جني قال : ما قال في قول المتنبي :


                          وفيها قيت يوم للقراد



                          حتى تكون فضيلة يكون بيت المتنبي بها أشعر من بيت الحطيئة ، ، فمحال أن يكون البيت بزيادة تقع في مجرد الإغراق من دون صنعة تكون في تلك الزيادة أشعر من البيت ذي الصنعة ، ولا سيما مثل صنعة الحطيئة ، التي لا يبلغ المتأمل لها غاية في الاستحسان ، إلا رأى أن يزيد . ومن سلك في الموازنة [ ص: 565 ]

                          بين الشعرين هذا المسلك ، أداه ذاك إلى ما سخف من الرأي ، وهو أن يجعل المتنبي في قوله :


                          وصدرك في الدنيا ولو دخلت بنا     وبالجن فيه ، ما درت كيف ترجع



                          أشعر من البحتري في قوله :


                          مفازة صدر لو تطرق لم يكن     ليسلكها فردا سليك المقانب



                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية