الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        3256 حدثنا إبراهيم بن المنذر حدثنا أبو ضمرة حدثنا موسى عن نافع قال عبد الله ذكر النبي صلى الله عليه وسلم يوما بين ظهري الناس المسيح الدجال فقال إن الله ليس بأعور ألا إن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية وأراني الليلة عند الكعبة في المنام فإذا رجل آدم كأحسن ما يرى من أدم الرجال تضرب لمته بين منكبيه رجل الشعر يقطر رأسه ماء واضعا يديه على منكبي رجلين وهو يطوف بالبيت فقلت من هذا فقالوا هذا المسيح ابن مريم ثم رأيت رجلا وراءه جعدا قططا أعور العين اليمنى كأشبه من رأيت بابن قطن واضعا يديه على منكبي رجل يطوف بالبيت فقلت من هذا قالوا المسيح الدجال تابعه عبيد الله عن نافع

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        الحديث الرابع حديث ابن عمر في [ ص: 560 ] ذكر عيسى والدجال ، أورده من طريق نافع عنه من وجهين موصولة ومعلقة ، ومن طريق سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثنا موسى ) هو ابن عقبة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( بين ظهراني ) بفتح الظاء المعجمة وسكون الهاء بلفظ التثنية أي جالسا في وسط الناس ، والمراد أنه جلس بينهم مستظهرا لا مستخفيا ، وزيدت فيه الألف والنون تأكيدا ، أو معناه أن ظهرا منه قدامه وظهرا خلفه وكأنهم حفوا به من جانبيه فهذا أصله ، ثم كثر حتى استعمل في الإقامة بين قوم مطلقا ، ولهذا زعم بعضهم أن لفظة ظهراني في هذا الموضع زائدة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ألا إن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية ) أي بارزة ، وهو من طفا الشيء يطفو بغير همز إذا علا على غيره وشبهها بالعنبة التي تقع في العنقود بارزة عن نظائرها ، وسيأتي بسط ذلك في كتاب الفتن .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وأراني ) بفتح الهمزة ، ذكر بلفظ المضارع مبالغة في استحضار صورة الحال .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( آدم ) بالمد أي أسمر .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( كأحسن ما يرى ) في رواية مالك عن نافع الآتية في كتاب اللباس " كأحسن ما أنت راء " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( تضرب لمته ) بكسر اللام أي شعر رأسه ، ويقال له إذا جاوز شحمة الأذنين وألم بالمنكبين لمة ، وإذا جاوزت المنكبين فهي جمة وإذا قصرت عنهما فهي وفرة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( رجل الشعر ) بكسر الجيم أي قد سرحه ودهنه ، وفي رواية مالك له لمة قد رجلها فهي تقطر ماء وقد تقدم أنه يحتمل أن يريد أنها تقطر من الماء الذي سرحها به أو أن المراد الاستنارة وكني بذلك عن مزيد النظافة والنضارة ، ووقع في رواية سالم الآتية في نعت عيسى " أنه آدم سبط الشعر " وفي الحديث الذي قبله في نعت عيسى " إنه جعد " والجعد ضد السبط فيمكن أن يجمع بينهما بأنه سبط الشعر ووصفه لجعودة في جسمه لا شعره والمراد بذلك اجتماعه واكتنازه ، وهذا الاختلاف نظير الاختلاف في كونه آدم أو أحمر ، والأحمر عند العرب الشديد البياض مع الحمرة ، والآدم الأسمر ، ويمكن الجمع بين الوصفين بأنه احمر لونه بسبب كالتعب وهو في الأصل أسمر ، وقد وافق أبو هريرة على أن عيسى أحمر فظهر أن ابن عمر أنكر شيئا حفظه غيره ، وأما قول الداودي إن رواية من قال " آدم " أثبت فلا أدري من أين وقع له ذلك مع اتفاق أبي هريرة وابن عباس على مخالفة ابن عمر . وقد وقع في رواية عبد الرحمن بن آدم عن أبي هريرة في نعت عيسى " إنه مربوع إلى الحمرة والبياض " والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( واضعا يديه على منكبي رجلين ) لم أقف على اسمهما ، وفي رواية مالك متكئا على عواتق رجلين والعواتق جمع عاتق وهو ما بين المنكب والعنق .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قططا ) بفتح القاف والمهملة بعدها مثلها هذا هو المشهور ، وقد تكسر الطاء الأولى ، والمراد [ ص: 561 ] به شدة جعودة الشعر ، ويطلق في وصف الرجل ويراد به الذم يقال جعد اليدين وجعد الأصابع أي بخيل ، ويطلق على القصير أيضا ، وأما إذا أطلق في الشعر فيحتمل الذم والمدح .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( كأشبه من رأيت بابن قطن ) بفتح القاف والمهملة يأتي في الطريق التي تلي هذه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( تابعه عبيد الله ) يعني ابن عمر العمري ( عن نافع ) أي عن ابن عمر ، وروايته وصلها أحمد ومسلم من طريق أبي أسامة ، ومحمد بن بشر جميعا عن عبد الله بن عمر في ذكر المسيح الدجال فقط إلى قوله " عنبة طافية " ولم يذكر ما بعده ، وهذا يشعر بأنه يطلق المتابعة ويريد أصل الحديث لا جميع ما اشتمل عليه .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية