الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        3375 حدثني الحسن بن صباح البزار حدثنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحدث حديثا لو عده العاد لأحصاه وقال الليث حدثني يونس عن ابن شهاب أنه قال أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة أنها قالت ألا يعجبك أبو فلان جاء فجلس إلى جانب حجرتي يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمعني ذلك وكنت أسبح فقام قبل أن أقضي سبحتي ولو أدركته لرددت عليه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يسرد الحديث كسردكم

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        الحديث الرابع والعشرون حديث عائشة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثنا الحسن بن الصباح البزار ) بتقديم الزاي على الراء ، وهو واسطي سكن بغداد ، [ ص: 669 ] وكان من أئمة الحديث . وسفيان هو ابن عيينة فإن الحسن بن الصباح ما لحق الثوري ، والثوري لا يروي عن الزهري إلا بواسطة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لو عده العاد لأحصاه ) أي لو عد كلماته أو مفرداته أو حروفه لأطاق ذلك وبلغ آخرها ، والمراد بذلك المبالغة في الترتيل والتفهيم ، هذا الحديث هو الحديث الذي بعده ، اختلف الرواة في سياقه بسطا واختصارا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال الليث حدثني يونس ) وصله الذهلي في " الزهريات " عن أبي صالح عن الليث .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ألا يعجبك ) بضم أوله وإسكان ثانيه من الإعجاب وبفتح ثانيه والتشديد من التعجيب .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أبا فلان ) كذا للأكثر ، قال عياض : هو منادى بكنيته . قلت وليس كذلك لما سأذكره ، وإنما خاطبت عائشة عروة بقولها : ألا يعجبك ، وذكرت له المتعجب منه فقالت " أبا فلان ، وحق السياق أن تقول أبو فلان بالرفع على أنه فاعل ، لكنه جاء هكذا على اللغة القليلة ثم حكت وجه التعجب فقالت " جاء فجلس إلخ " ووقع في رواية الأصيلي وكريمة " أبو فلان ، ولا إشكال فيها . وتبين من رواية مسلم وأبي داود أنه هو أبو هريرة ، فأخرجه مسلم عن هارون بن معروف وأبو داود عن محمد بن منصور الطوسي ، كلاهما عن سفيان ، لكن قال : هارون عن سفيان عن هشام بن عروة " وقال الطوسي : عن سفيان عن الزهري وكذا أخرجه الإسماعيلي عن ابن أبي عمر عن سفيان عن هشام عن أبي يعلى وعن أبي معمر عن سفيان عن الزهري ، وكذا أخرجه أبو نعيم من طريق القعنبي عن سفيان عن الزهري ، فكأن لسفيان فيه شيخين ، وفي رواية الجميع أنه أبو هريرة . ووقع في رواية ابن وهب عند الإسماعيلي " ألا يعجبك أبو هريرة ، جاء فجلس " ولأحمد ومسلم وأبي داود من هذا الوجه " ألا أعجبك من أبي هريرة " ووقع للقابسي بفتح الهمزة بعدها مثناة مفتوحة فعل ماض من الإتيان ، وفلان بالرفع والتنوين وهو تصحيف لأنه تبين من الرواية الأخرى أنه بصيغة الكنية لا بلفظ الاسم المجرد عنها ، والعجب أن القابسي أنكر عين روايته ، وقال عياض : هي الصواب لولا قوله بعده " جاء " . قلت : لأنه يصير تكرارا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وكنت أسبح ) أي أصلي نافلة ، أو على ظاهره أي أذكر الله ، والأول أوجه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ولو أدركته لرددت عليه ) أي لأنكرت عليه وبينت له أن الترتيل في التحديث أولى من السرد .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لم يكن يسرد الحديث كسردكم ) أي يتابع الحديث استعجالا بعضه إثر بعض لئلا يلتبس على المستمع . زاد الإسماعيلي من رواية ابن المبارك عن يونس " إنما كان حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلا ، فهما تفهمه القلوب " واعتذر عن أبي هريرة بأنه كان واسع الرواية كثير المحفوظ ، فكان لا يتمكن من المهل عند إرادة التحديث كما قال بعض البلغاء : أريد أن أقتصر فتتزاحم القوافي على في .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية