الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( ومقتصر على شفع شك أهو به أو بوتر )

                                                                                                                            ش : يعني من شك وهو في جلوس التشهد هل هو ثانية الشفع أو في الوتر ؟ فإنه يجعلها ثانية الشفع ويسجد بعد السلام ويأتي بالوتر ، وكذلك لو شك وهو في أثناء الركعة فإنه يتمها بنية الشفع ويسجد بعد السلام ويأتي بالوتر . قال في المدونة : " ومن لم يدر أجلوسه في الشفع أو في الوتر سلم وسجد بعد السلام وأوتر ، وإن لم يدر أهو في الأولى جالس أو في الثانية أو في الوتر أتى بركعة وسجد بعد السلام ثم أوتر بواحدة " انتهى .

                                                                                                                            ص ( أو استنكحه الشك ولها عنه )

                                                                                                                            ش : يعني أن من استنكحه الشك في الصلاة أي داخله وكثر منه فإنه يسجد بعد السلام ويلهو عن الشك أي فلا يصلح ما شك فيه ولو شك في الفرائض . قال في النوادر في ترجمة السهو عن القراءة ومن العتبية من سماع أشهب : ومن شك في قراءة أم القرآن فإن كثر هذا عليه لها عن ذلك وإن كان المرة بعد المرة فليقرأ وكذلك سائر ما شك فيه ، انتهى .

                                                                                                                            وقال بعد ذلك في ترجمة من يكثر شكه : روى علي بن زياد عن مالك فيمن استنكحه السهو فظن أنه لم يتم صلاته فلا شيء عليه وليله عن ذلك . قال عنه ابن نافع : ولا يسجد له . قال في المختصر : ولو سجد بعد السلام كان أحب إلينا قاله عنه ابن نافع في المجموعة فأما من يعرض له المرة بعد المرة فبخلاف ذلك ، وكذلك من شك في الإحرام إن كان المرة بعد المرة أعاد له الصلاة ، وقال في كتاب الطهارة من المدونة : قال مالك فيمن شك في بعض وضوئه يعرض له هذا كثيرا قال : يمضي ولا شيء عليه وهو بمنزلة الصلاة ، وقال بعده : فمن أيقن بالوضوء وشك هل أحدث بعده أم لا ؟ إن كان يستنكحه كثيرا كان على وضوئه وإن كان لا يستنكحه فليعد الوضوء ، وكذلك كل مستنكح مبتلى في الوضوء والصلاة انتهى . من الأم ، وقال في التهذيب : ولو أيقن بالوضوء ثم شك هل أحدث بعد الوضوء أم لا ؟ فليعد الوضوء بمنزلة من شك فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا فليلغ الشك إلا أن يستنكحه ذلك كثيرا فلا يلزمه إعادة شيء من وضوئه ولا صلاته ، انتهى .

                                                                                                                            ( تنبيهات الأول ) الشك مستنكح وغير مستنكح والسهو مستنكح وغير مستنكح فالشك المستنكح هو أن يعتري المصلي كثيرا بأن يشك هل زاد أو نقص ولا يتيقن شيئا يبني عليه وحكمه أنه يلهو عنه ولا إصلاح عليه ولكنه يسجد بعد السلام ، وإليه أشار بقوله أو استنكحه الشك ولها عنه والشك غير المستنكح كمن شك أصلى ثلاثا أم أربعا وحكمه واضح وإليه أشار بقوله كمتم لشك ومقتصر على شفع ، والسهو المستنكح هو الذي يعتري المصلي كثيرا وهو أنه يسهو ويتيقن أنه سها وحكمه أن يصلي ولا سجود عليه ، وإليه أشار بقوله لا إن استنكحه السهو ويصلح ، والسهو غير المستنكح هو الذي لا يعتري المصلي كثيرا وحكمه أن يصلي ويسجد حسبما سها من زيادة أو نقص وإليه أشار بقوله سن لسهو .

                                                                                                                            وإن تكرر بنقص سنة مؤكدة أو مع زيادة سجدتان قبل سلامه وبقوله وإلا فبعده ( الثاني ) قال الجزولي انظر هل هناك تحديد [ ص: 20 ] للاستنكاح حتى يقال من يشك مرتين في اليوم أو مرة في اليومين يسمى مستنكحا أم لا ؟ فقيل : أما إذا شك في اليوم مرة فهو مستنكح وإن شك مرة في السنة أو في الشهر فليس بمستنكح وإن كان يشك من يومين أو ثلاثة الشيخ والله أعلم أنه غير مستنكح ، انتهى .

                                                                                                                            وقال الشيخ يوسف بن عمر : والاستنكاح هو الدخول أي يدخله الشك كثيرا وكثرته إذا كان يطرأ له في كل وضوء أو في كل صلاة أو يطرأ له ذلك في اليوم مرتين أو مرة وإن لم يطرأ له ذلك إلا بعد يوم أو يومين أو ثلاثة فليس بمستنكح فالاستنكاح محنة وبلية ودواء ذلك الإلهاء عنه ، وإلهاؤه عنه أنه إذا قال له : ثلاثا صليت أم أربعا ؟ فيقول له : أربعا ، وإذا قال له : اثنتين صليت أو ثلاثا ؟ فإنه يقول له ثلاثا ، وإن قال له : صليت أو ما صليت ؟ فيقول له صليت ، وإن قال له : توضأت أو ما توضأت ؟ فيقول له : توضأت ، فإذا رد عليه هذه الأشياء فإنه ينتفي عنه انتهى .

                                                                                                                            ونحوه للشيخ زروق في شرح الرسالة في باب جامع في الصلاة .

                                                                                                                            ( الثالث ) سئل أبو محمد عن المستنكح يشك أبدا في الصلاة فيزيد ركعة إلغاء للشك هل زيادته توجب سجودا أو بطلانا أو لا توجب شيئا لاستنكاحه ؟ ( فأجاب ) إذا كان جاهلا يتأول الزيادة جبرا للنقص فصلاته صحيحة .

                                                                                                                            ( قلت ) فلو كان عالما ؟ قال : ليس هذا بعالم بل مقصر في العلم وحكمه ما ذكرت لك والاستنكاح تخفيف فلا ينتهي لزيادة تؤدي إلى فساد الصلاة ويسجد هذا بعد السلام .

                                                                                                                            ( قلت ) وهل لا قبل السلام ; لأنه شك في النقص ؟ فقال : لم ينقص لكنه ظن النقص ( قلت ) إن كان هذا ممن تعرض له الشكوك عموما فهو كما قال الشيخ وتقدم حكمه ، وإن كان يعرض له الشك في نقص الركعات ويتكرر منه فالصواب أن الآتي بذلك لا يقال زاد عمدا ; لأنه الواجب عليه لولا كثرة الشكوك . ولعل هذه المسألة تجري على مسألة من يتكرر منه إعادة الصلاة لكثرة العوارض من القبلة وترك الخشوع وغير ذلك وهي مسألة اختلف فيها القرويون هل ذلك محمود أو من باب التعمق في الدين ؟ انتهى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية