الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( ومنها ) : أن يمسح رأسه مرة واحدة ، ، والتثليث مكروه ، وهذا عندنا وقال الشافعي : السنة هي التثليث وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه يمسح ثلاث مرات بماء واحد ، احتج الشافعي بما روي أن عثمان بن عفان ، وعليا رضي الله عنهما حكيا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فغسلا ثلاثا ، ومسحا بالرأس ثلاثا ، ولأن هذا ركن أصلي في الوضوء فيسن فيه التثليث قياسا على الركن الآخر ، وهو الغسل ، بخلاف المسح على الخفين ; لأنه ليس [ ص: 23 ] بركن أصلي بل ثبت رخصة ، ومبنى الرخصة على الخفة .

                                                                                                                                ( ولنا ) ما روي عن معاذ رضي الله عنه أنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة ، ورأيته توضأ مرتين مرتين ، ورأيته توضأ ثلاثا ثلاثا ، وما رأيته مسح على رأسه إلا مرة واحدة ، وكذا روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه علم الناس وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسح مرة واحدة ( وأما ) حكاية عثمان ، وعلي رضي الله عنهما فالمشهور عنهما أنهما مسحا مرة واحدة ، كذا ذكر أبو داود ، في سننه أن الصحيح من حديث عثمان رضي الله عنه أنه مسح رأسه ، وأذنيه مرة واحدة ، وكذا روى عبد خير عن علي رضي الله عنه أنه توضأ في رحبة الكوفة بعد صلاة الفجر ، ومسح رأسه مرة واحدة ، ثم قال : من سره أن ينظر إلى وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فلينظر إلى وضوئي هذا .

                                                                                                                                ولو ثبت ما رواه الشافعي فهو محمول على أنه فعله بماء واحد ، وذلك سنة عندنا في رواية الحسن عن أبي حنيفة ; ولأن التثليث بالمياه الجديدة تقريب إلى الغسل فكان مخلا باسم المسح ، واعتباره بالغسل فاسد من وجهين : أحدهما : أن المسح بني على التخفيف ، والتكرار من باب التغليظ ، فلا يليق بالمسح ، بخلاف الغسل ، والثاني : أن التكرار في الغسل مفيد لحصول زيادة نظافة ، ووضاءة لا تحصل بالمرة الواحدة ، ولا يحصل ذلك بتكرار المسح ، فبطل القياس .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية