[ ص: 299 ] فصل
قد ذكرنا في
nindex.php?page=treesubj&link=28741الإبانة عن معجز القرآن وجيزا من القول ، رجونا أن يكفي ، وأملنا أن يقنع . والكلام في أوصافه - إن استقصي - بعيد الأطراف ، واسع الأكناف ؛ لعلو شأنه ، وشريف مكانه .
والذي سطرناه في الكتاب ، وإن كان موجزا ، وما أملينا فيه ، وإن كان خفيفا - فإنه ينبه على الطريقة ، ويدل على الوجه ، ويهدي إلى الحجة .
ومتى عظم محل الشيء فقد يكون الإسهاب فيه عيا ، والإكثار في وصفه تقصيرا .
وقد قال الحكيم وقد سئل عن البليغ : متى يكون عييا ؟ فقال : متى وصف هوى أو حبيبا .
وضل أعرابي في سفر له ليلا ، وطلع القمر فاهتدى به ، فقال : ما أقول لك ؟ أقول : رفعك الله ؟ وقد رفعك ، أم أقول : نورك الله ؟ وقد نورك ، أم أقول : جملك الله ؟ وقد جملك !
ولولا أن العقول تختلف ، والأفهام تتباين ، والمعارف تتفاضل - لم نحتج إلى ما تكلفنا ، ولكن الناس يتفاوتون في المعرفة ، ولو اتفقوا فيها لم يجز أن يتفقوا في معرفة هذا الفن ، أو يجتمعوا في الهداية إلى هذا العلم ؛ لاتصاله بأسباب خفية وتعلقه بعلوم غامضة الغور ، عميقة القعر ، كثيرة المذاهب ، قليلة الطلاب ، ضعيفة الأصحاب ، وبحسب تأتي مواقعه تقع الأفهام دونه ، وعلى قدر لطف مسالكه يكون القصور عنه .
أنشدني
أبو القاسم الزعفراني ، قال : أنشدني
nindex.php?page=showalam&ids=15155المتنبي لنفسه القطعة التي يقول فيها :
[ ص: 300 ] وكم من عائب قولا صحيحا وآفته من الفهم السقيم ولكن تأخذ الآذان منه
على قدر القرائح والعلوم
وأنشدني
nindex.php?page=showalam&ids=14785الحسن بن عبد الله ، قال : أنشدنا بعض مشايخنا
nindex.php?page=showalam&ids=13823للبحتري :
أهز بالشعر أقواما ذوي سنة لو أنهم ضربوا بالسيف ما شعروا
علي نحت القوافي من مقاطعها وما علي لهم أن تفهم البقر
فإذا كان نقد الكلام كله صعبا ، وتمييزه شديدا ، والوقوع على اختلاف فنونه متعذرا ؛ وهذا في كلام الآدميين - فما ظنك بكلام رب العالمين ؟ ! * * *
قد أبنا لك أن من قدر أن البلاغة في عشرة أوجه من الكلام ، لا يعرف من البلاغة إلا القليل ، ولا يفطن منها إلا لليسير .
ومن زعم أن البديع يقتصر على ما ذكرناه من قبل عنهم في الشعر ، فهو متطرف .
بلى ، إن كانوا يقولون : إن هذه من وجوه البلاغة وغرر البديع وأصول اللطيف ، وإن ما يجري مجرى ذلك ويشاكله ملحق بالأصل ، ومردود على القاعدة - فهذا قريب .
وقد بينا في نظم القرآن : أن الجملة تشتمل على بلاغة منفردة ، والأسلوب يختص بمعنى آخر من الشرف .
ثم الفواتح والخواتم ، والمبادئ والمثاني ، والطوالع والمقاطع ، والوسائط والفواصل .
[ ص: 301 ] ثم الكلام في نظم السور والآيات ، ثم في تفاصيل التفاصيل ، ثم في الكثير والقليل .
ثم الكلام الموشح والمرصع ، والمفصل والمصرع ، والمجنس والموشع ، والمحلى والمكلل ، والمطوق والمتوج ، والموزون والخارج عن الوزن ، والمعتدل في النظم والمتشابه فيه .
ثم الخروج من فصل إلى فصل ، ووصل إلى وصل ، ومعنى إلى معنى ، ومعنى في معنى ؛ والجمع بين المؤتلف والمختلف ، والمتفق والمتسق .
وكثرة التصرف ، وسلامة القول في ذلك كله من التعسف ، وخروجه عن التعمق والتشدق ، وبعده عن التعمل والتكلف ، والألفاظ المفردة ، والإبداع في الحروف والأدوات ، كالإبداع في المعاني والكلمات . والبسط والقبض ، والبناء والنقض ، والاختصار والشرح ، والتشبيه والوصف .
وتمييز الابتداع من الاتباع ، كتميز المطبوع عن المصنوع ، والقول الواقع عن غير تكلف ولا تعمل .
* * *
وأنت تتبين في كل ما تصرف فيه من الأنواع أنه على سمت شريف ، ومرقب منيف ، يبهر إذا أخذ في النوع الربي ، والأمر الشرعي ، والكلام الإلهي ، الدال على أنه يصدر عن عزة الملكوت ، وشرف الجبروت ، وما لا يبلغ الوهم مواقعه : من حكمة وأحكام ، واحتجاج وتقرير ، واستشهاد وتقريع ، وإعذار وإنذار ، وتبشير وتحذير ، وتنبيه وتلويح ، وإشباع وتصريح ، وإشارة ودلالة ، وتعليم أخلاق زكية ، وأسباب رضية ، وسياسات
[ ص: 302 ] جامعة ، ومواعظ نافعة ، وأوامر صادعة ، وقصص مفيدة ، وثناء على الله - عز وجل - بما هو أهله ، وأوصاف كما يستحقه ، وتحميد كما يستوجبه ، وأخبار عن كائنات في التأتي صدقت ، وأحاديث عن المؤتنف تحققت ، ونواه زاجرة عن القبائح والفواحش ، وإباحة الطيبات ، وتحريم المضار والخبائث ، وحث على الجميل والإحسان .
تجد فيه الحكمة وفصل الخطاب ، مجلوة عليك في منظر بهيج ، ونظم أنيق ، ومعرض رشيق ، غير معتاص على الأسماع ولا متلو على الأفهام ، ولا مستكره في اللفظ ، ولا مستوحش في المنظر . غريب في الجنس غير غريب في القبيل ، ممتلئ ماء ونضارة ، ولطفا وغضارة ، يسري في القلب كما يسري السرور ، ويمر إلى مواقعه كما يمر السهم ، ويضيء كما يضيء الفجر ، ويزخر كما يزخر البحر ، طموح العباب ، جموح على المتناول المنتاب ، كالروح في البدن ، والنور المستطير في الأفق ، والغيث الشامل ، والضياء الباهر
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=42لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد .
من توهم أن الشعر يلحظ شأوه بان ضلاله ، ووضح جهله ، إذ الشعر سمت قد تناولته الألسن ، وتداولته القلوب ، وانثالت عليه الهواجس ، وضرب الشيطان فيه بسهمه ، وأخذ منه بحظه . وما دونه من كلامهم فهو أدنى محلا ، وأقرب مأخذا ، وأسهل مطلبا ، ولذلك قالوا : فلان مفحم ، فأخرجوه مخرج العيب ، كما قالوا : فلان عيي ، فأوردوه مورد النقص .
* * *
nindex.php?page=treesubj&link=28741_18626والقرآن كتاب دل على صدق متحمله ، ورسالة دلت على صحة قول المرسل بها ، وبرهان شهد له برهان الأنبياء المتقدمين ، وبينة على طريقة من
[ ص: 303 ] سلف من الأولين . حيرهم فيه ، إذ كان من جنس القول الذي زعموا أنهم أدركوا فيه النهاية ، وبلغوا فيه الغاية ؛ فعرفوا عجزهم ، كما عرف قوم
عيسى نقصانهم فيما قدروا من بلوغ أقصى الممكن في العلاج ، والوصول إلى أعلى مراتب الطب ، فجاءهم بما بهرهم : من إحياء الموتى ، وإبراء الأكمه والأبرص ، وكما أتى
موسى بالعصا التي تلقفت ما دققوا فيه من سحرهم ، وأتت على ما أجمعوا عليه من أمرهم ، وكما سخر
لسليمان الريح والطير والجن . حين كانوا يولعون به من فائق الصنعة ، وبدائع اللطف . ثم كانت هذه المعجزة مما يقف عليها الأول والآخر وقوفا واحدا ، ويبقى حكمها إلى يوم القيامة .
* * *
انظر - وفقك الله لما هديناك إليه - ، وفكر في الذي دللناك عليه ؛ فالحق منهج واضح ، والدين ميزان راجح ؛ والجهل لا يزيد إلا عمى ، ولا يورث إلا ندما .
قال الله - عز وجل - :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=9قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=26يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا .
وعلى حسب ما آتى من الفضل ، وأعطى من الكمال والعقل - تقع الهداية والتبيين ؛ فإن الأمور تتم بأسبابها ، وتحصل بآلتها ، ومن سلبه
[ ص: 304 ] التوفيق ، وحرمه الإرشاد والتسديد -
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=31فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق ،
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=98لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا .
فاحمد الله على ما رزقك من الفهم إن فهمت ،
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=114وقل رب زدني علما ، إن أنت علمت ،
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=97وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=98وأعوذ بك رب أن يحضرون .
وإن ارتبت فيما بيناه فازدد في تعلم الصنعة ، وتقدم في المعرفة ، فسيقع بك على الطريق الأرشد ، وسيقف بك على الوجه الأحمد ؛ فإنك إذا فعلت ذلك أحطت علما ، وتيقنت فهما .
ولا يوسوس إليك الشيطان بأنه قد كان ممن هو أعلم منك بالعربية ، وأدرب منك في الفصاحة ؛ أقوام وأي أقوام ، ورجال وأي رجال ، فكذبوا وارتابوا ؛ لأن القوم لم يذهبوا عن الإعجاز ، ولكن اختلفت أحوالهم ؛ فكانوا بين جاهل وجاحد ، وبين كافر نعمة وحاسد ؛ وبين ذاهب عن طريق الاستدلال بالمعجزات ، وحائد عن النظر في الدلالات ، وناقص في باب البحث ، ومختل الآلة في وجه الفحص ، ومستهين بأمر الأديان ، وغاو تحت حبالة الشيطان ، ومقذوف بخذلان الرحمن . وأسباب الخذلان والجهالة كثيرة ، ودرجات الحرمان مختلفة .
وهلا جعلت بإزاء الكفرة ، مثل "
لبيد بن ربيعة العامري " في حسن
[ ص: 305 ] إسلامه ، و
" كعب بن زهير " في صدق إيمانه ، و
nindex.php?page=showalam&ids=144 " حسان بن ثابت " وغيرهم : من الشعراء والخطباء الذين أسلموا ؟
على أن الصدر الأول ما فيهم إلا نجم زاهر ، أو بحر زاخر .
وقد بينا : أن لا اعتصام إلا بهداية الله ، ولا توفيق إلا بنعمة الله ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .
فتأمل ما عرفناك في كتابنا ، وفرغ له قلبك ، واجمع عليه لبك ؛ ثم اعتصم بالله يهدك ، وتوكل عليه يعنك ويجرك ، واسترشده يرشدك ؛ وهو حسبي وحسبك ، ونعم الوكيل .
[ ص: 299 ] فَصْلٌ
قَدْ ذَكَرْنَا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28741الْإِبَانَةِ عَنْ مُعْجِزِ الْقُرْآنِ وَجِيزًا مِنَ الْقَوْلِ ، رَجَوْنَا أَنْ يَكْفِيَ ، وَأَمَّلْنَا أَنْ يُقْنِعَ . وَالْكَلَامُ فِي أَوْصَافِهِ - إِنِ اسْتُقْصِيَ - بَعِيدُ الْأَطْرَافِ ، وَاسِعُ الْأَكْنَافِ ؛ لِعُلُوِّ شَأْنِهِ ، وَشَرِيفِ مَكَانِهِ .
وَالَّذِي سَطَّرْنَاهُ فِي الْكِتَابِ ، وَإِنْ كَانَ مُوجَزًا ، وَمَا أَمْلَيْنَا فِيهِ ، وَإِنْ كَانَ خَفِيفًا - فَإِنَّهُ يُنَبِّهُ عَلَى الطَّرِيقَةِ ، وَيَدُلُّ عَلَى الْوَجْهِ ، وَيَهْدِي إِلَى الْحُجَّةِ .
وَمَتَى عَظُمَ مَحَلُّ الشَّيْءِ فَقَدْ يَكُونُ الْإِسْهَابُ فِيهِ عِيًّا ، وَالْإِكْثَارُ فِي وَصْفِهِ تَقْصِيرًا .
وَقَدْ قَالَ الْحَكِيمُ وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الْبَلِيغِ : مَتَى يَكُونُ عَيِيًّا ؟ فَقَالَ : مَتَى وَصَفَ هَوًى أَوْ حَبِيبًا .
وَضَلَّ أَعْرَابِيٌّ فِي سَفَرٍ لَهُ لَيْلًا ، وَطَلَعَ الْقَمَرُ فَاهْتَدَى بِهِ ، فَقَالَ : مَا أَقُولُ لَكَ ؟ أَقُولُ : رَفَعَكَ اللَّهُ ؟ وَقَدْ رَفَعَكَ ، أَمْ أَقُولُ : نَوَّرَكَ اللَّهُ ؟ وَقَدْ نَوَّرَكَ ، أَمْ أَقُولُ : جَمَّلَكَ اللَّهُ ؟ وَقَدْ جَمَّلَكَ !
وَلَوْلَا أَنَّ الْعُقُولَ تَخْتَلِفُ ، وَالْأَفْهَامَ تَتَبَايَنُ ، وَالْمَعَارِفَ تَتَفَاضَلُ - لَمْ نَحْتَجْ إِلَى مَا تَكَلَّفْنَا ، وَلَكِنَّ النَّاسَ يَتَفَاوَتُونَ فِي الْمَعْرِفَةِ ، وَلَوِ اتَّفَقُوا فِيهَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَّفِقُوا فِي مَعْرِفَةِ هَذَا الْفَنِّ ، أَوْ يَجْتَمِعُوا فِي الْهِدَايَةِ إِلَى هَذَا الْعِلْمِ ؛ لِاتِّصَالِهِ بِأَسْبَابٍ خَفِيَّةٍ وَتَعَلُّقِهِ بِعُلُومٍ غَامِضَةِ الْغَوْرِ ، عَمِيقَةِ الْقَعْرِ ، كَثِيرَةِ الْمَذَاهِبِ ، قَلِيلَةِ الطُّلَّابِ ، ضَعِيفَةِ الْأَصْحَابِ ، وَبِحَسَبِ تَأَتِّي مَوَاقِعِهِ تَقَعُ الْأَفْهَامُ دُونَهُ ، وَعَلَى قَدْرِ لُطْفِ مَسَالِكِهِ يَكُونُ الْقُصُورُ عَنْهُ .
أَنْشَدَنِي
أَبُو الْقَاسِمِ الزَّعْفَرَانِيُّ ، قَالَ : أَنْشَدَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=15155الْمُتَنَبِّي لِنَفْسِهِ الْقِطْعَةَ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا :
[ ص: 300 ] وَكَمْ مِنْ عَائِبٍ قَوْلًا صَحِيحًا وَآفَتُهُ مِنَ الْفَهْمِ السَّقِيمِ وَلَكِنْ تَأْخُذُ الْآذَانُ مِنْهُ
عَلَى قَدْرِ الْقَرَائِحِ وَالْعُلُومِ
وَأَنْشَدَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=14785الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : أَنْشَدَنَا بَعْضُ مَشَايِخِنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13823لِلْبُحْتُرِيِّ :
أَهُزُّ بِالشِّعْرِ أَقْوَامًا ذَوِي سِنَةٍ لَوْ أَنَّهُمْ ضُرِبُوا بِالسَّيْفِ مَا شَعَرُوا
عَلَيَّ نَحْتُ الْقَوَافِي مِنْ مَقَاطِعِهَا وَمَا عَلَيَّ لَهُمْ أَنْ تَفْهَمَ الْبَقْرُ
فَإِذَا كَانَ نَقْدُ الْكَلَامِ كُلِّهِ صَعْبًا ، وَتَمْيِيزُهُ شَدِيدًا ، وَالْوُقُوعُ عَلَى اخْتِلَافِ فُنُونِهِ مُتَعَذِّرًا ؛ وَهَذَا فِي كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ - فَمَا ظَنُّكَ بِكَلَامِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ؟ ! * * *
قَدْ أَبَنَّا لَكَ أَنَّ مَنْ قَدَّرَ أَنَّ الْبَلَاغَةَ فِي عَشْرَةِ أَوْجُهٍ مِنَ الْكَلَامِ ، لَا يَعْرِفُ مِنَ الْبَلَاغَةِ إِلَّا الْقَلِيلَ ، وَلَا يَفْطَنُ مِنْهَا إِلَّا لِلْيَسِيرِ .
وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْبَدِيعَ يَقْتَصِرُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ قَبْلُ عَنْهُمْ فِي الشِّعْرِ ، فَهُوَ مُتَطَرِّفٌ .
بَلَى ، إِنْ كَانُوا يَقُولُونَ : إِنَّ هَذِهِ مِنْ وُجُوهِ الْبَلَاغَةِ وَغُرَرِ الْبَدِيعِ وَأُصُولِ اللَّطِيفِ ، وَإِنَّ مَا يَجْرِي مَجْرَى ذَلِكَ وَيُشَاكِلُهُ مُلْحَقٌ بِالْأَصْلِ ، وَمَرْدُودٌ عَلَى الْقَاعِدَةِ - فَهَذَا قَرِيبٌ .
وَقَدْ بَيَّنَّا فِي نَظْمِ الْقُرْآنِ : أَنَّ اَلْجُمْلَةَ تَشْتَمِلُ عَلَى بَلَاغَةٍ مُنْفَرِدَةٍ ، وَالْأُسْلُوبُ يَخْتَصُّ بِمَعْنًى آخَرَ مِنَ الشَّرَفِ .
ثُمَّ الْفَوَاتِحُ وَالْخَوَاتِمُ ، وَالْمَبَادِئُ وَالْمَثَانِي ، وَالطَّوَالِعُ وَالْمَقَاطِعُ ، وَالْوَسَائِطُ وَالْفَوَاصِلُ .
[ ص: 301 ] ثُمَّ الْكَلَامُ فِي نَظْمِ السُّوَرِ وَالْآيَاتِ ، ثُمَّ فِي تَفَاصِيلِ التَّفَاصِيلِ ، ثُمَّ فِي الْكَثِيرِ وَالْقَلِيلِ .
ثُمَّ الْكَلَامُ الْمُوَشَّحُ وَالْمُرَصَّعُ ، وَالْمُفَصَّلُ وَالْمُصَرَّعُ ، وَالْمُجَنَّسُ وَالْمُوَشَّعُ ، وَالْمُحَلَّى وَالْمُكَلَّلُ ، وَالْمُطَوَّقُ وَالْمُتَوَّجُ ، وَالْمَوْزُونُ وَالْخَارِجُ عَنِ الْوَزْنِ ، وَالْمُعْتَدِلُ فِي النَّظْمِ وَالْمُتَشَابِهُ فِيهِ .
ثُمَّ الْخُرُوجُ مِنْ فَصْلٍ إِلَى فَصْلٍ ، وَوَصْلٍ إِلَى وَصْلٍ ، وَمَعْنًى إِلَى مَعْنًى ، وَمَعْنًى فِي مَعْنًى ؛ وَالْجُمَعُ بَيْنَ الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ ، وَالْمُتَّفَقِ وَالْمُتَّسِقِ .
وَكَثْرَةُ التَّصَرُّفِ ، وَسَلَامَةُ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مِنَ التَّعَسُّفِ ، وَخُرُوجُهُ عَنِ التَّعَمُّقِ وَالتَّشَدُّقِ ، وَبُعْدُهُ عَنِ التَّعَمُّلِ وَالتَّكَلُّفِ ، وَالْأَلْفَاظُ الْمُفْرَدَةُ ، وَالْإِبْدَاعُ فِي الْحُرُوفِ وَالْأَدَوَاتِ ، كَالْإِبْدَاعِ فِي الْمَعَانِي وَالْكَلِمَاتِ . وَالْبَسْطُ وَالْقَبْضُ ، وَالْبِنَاءُ وَالنَّقْضُ ، وَالِاخْتِصَارُ وَالشَّرْحُ ، وَالتَّشْبِيهُ وَالْوَصْفُ .
وَتَمْيِيزُ الِابْتِدَاعِ مِنَ الِاتِّبَاعِ ، كَتَمَيُّزِ الْمَطْبُوعِ عَنِ الْمَصْنُوعِ ، وَالْقَوْلُ الْوَاقِعُ عَنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ وَلَا تَعَمُّلٍ .
* * *
وَأَنْتَ تَتَبَيَّنُ فِي كُلِّ مَا تَصَرَّفَ فِيهِ مِنَ الْأَنْوَاعِ أَنَّهُ عَلَى سَمْتٍ شَرِيفٍ ، وَمَرْقَبٍ مُنِيفٍ ، يُبْهِرُ إِذَا أَخَذَ فِي النَّوْعِ الرَّبِّيِّ ، وَالْأَمْرِ الشَّرْعِيِّ ، وَالْكَلَامِ الْإِلَهِيِّ ، الدَّالِّ عَلَى أَنَّهُ يَصْدُرُ عَنْ عَزَّةِ الْمَلَكُوتِ ، وَشَرَفِ الْجَبَرُوتِ ، وَمَا لَا يَبْلُغُ الْوَهْمُ مَوَاقِعَهُ : مِنْ حِكْمَةٍ وَأَحْكَامٍ ، وَاحْتِجَاجٍ وَتَقْرِيرٍ ، وَاسْتِشْهَادٍ وَتَقْرِيعٍ ، وَإِعْذَارٍ وَإِنْذَارٍ ، وَتَبْشِيرٍ وَتَحْذِيرٍ ، وَتَنْبِيهٍ وَتَلْوِيحٍ ، وَإِشْبَاعٍ وَتَصْرِيحٍ ، وَإِشَارَةٍ وَدَلَالَةٍ ، وَتَعْلِيمِ أَخْلَاقٍ زَكِيَّةٍ ، وَأَسْبَابٍ رَضِيَّةٍ ، وَسِيَاسَاتٍ
[ ص: 302 ] جَامِعَةٍ ، وَمَوَاعِظَ نَافِعَةٍ ، وَأَوَامِرَ صَادِعَةٍ ، وَقَصَصٍ مُفِيدَةٍ ، وَثَنَاءٍ عَلَى اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ، وَأَوْصَافٍ كَمَا يَسْتَحِقُّهُ ، وَتَحْمِيدٍ كَمَا يَسْتَوْجِبُهُ ، وَأَخْبَارٍ عَنْ كَائِنَاتٍ فِي التَّأَتِّي صَدَقَتْ ، وَأَحَادِيثَ عَنِ الْمُؤْتَنَفِ تَحَقَّقَتْ ، وَنَوَاهٍ زَاجِرَةٍ عَنِ الْقَبَائِحِ وَالْفَوَاحِشِ ، وَإِبَاحَةِ الطَّيِّبَاتِ ، وَتَحْرِيمِ الْمَضَارِّ وَالْخَبَائِثِ ، وَحَثٍّ عَلَى الْجَمِيلِ وَالْإِحْسَانِ .
تَجِدُ فِيهِ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ ، مَجْلُوَّةً عَلَيْكَ فِي مَنْظَرٍ بَهِيجٍ ، وَنَظْمٍ أَنِيقٍ ، وَمَعْرِضٍ رَشِيقٍ ، غَيْرَ مُعْتَاصٍ عَلَى الْأَسْمَاعِ وَلَا مُتَلَوٍّ عَلَى الْأَفْهَامِ ، وَلَا مُسْتَكْرَهٍ فِي اللَّفْظِ ، وَلَا مُسْتَوْحَشٍ فِي الْمَنْظَرِ . غَرِيبٌ فِي الْجِنْسِ غَيْرُ غَرِيبٍ فِي الْقَبِيلِ ، مُمْتَلِئٌ مَاءً وَنَضَارَةً ، وَلُطْفًا وَغَضَارَةً ، يَسْرِي فِي الْقَلْبِ كَمَا يَسْرِي السُّرُورُ ، وَيَمُرُّ إِلَى مَوَاقِعِهِ كَمَا يَمُرُّ السَّهْمُ ، وَيُضِيءُ كَمَا يُضِيءُ الْفَجْرُ ، وَيَزْخَرُ كَمَا يَزْخَرُ الْبَحْرُ ، طَمُوحُ الْعُبَابِ ، جَمُوحٌ عَلَى الْمُتَنَاوِلِ الْمُنْتَابِ ، كَالرُّوحِ فِي الْبَدَنِ ، وَالنُّورِ الْمُسْتَطِيرِ فِي الْأُفُقِ ، وَالْغَيْثِ الشَّامِلِ ، وَالضِّيَاءِ الْبَاهِرِ
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=42لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ .
مَنْ تَوَهَّمَ أَنَّ الشِّعْرَ يَلْحَظُ شَأْوَهُ بَانَ ضَلَالُهُ ، وَوَضَحَ جَهْلُهُ ، إِذِ الشِّعْرُ سَمْتٌ قَدْ تَنَاوَلَتْهُ الْأَلْسُنُ ، وَتَدَاوَلَتْهُ الْقُلُوبُ ، وَانْثَالَتْ عَلَيْهِ الْهَوَاجِسُ ، وَضَرَبَ الشَّيْطَانُ فِيهِ بِسَهْمِهِ ، وَأَخَذَ مِنْهُ بِحَظِّهِ . وَمَا دُونَهُ مِنْ كَلَامِهِمْ فَهُوَ أَدْنَى مَحَلًّا ، وَأَقْرَبُ مَأْخَذًا ، وَأَسْهَلُ مَطْلَبًا ، وَلِذَلِكَ قَالُوا : فُلَانٌ مُفْحَمٌ ، فَأَخْرَجُوهُ مَخْرَجَ الْعَيْبِ ، كَمَا قَالُوا : فُلَانٌ عَيِيٌّ ، فَأَوْرَدُوهُ مَوْرِدَ النَّقْصِ .
* * *
nindex.php?page=treesubj&link=28741_18626وَالْقُرْآنُ كِتَابٌ دَلَّ عَلَى صِدْقِ مُتَحَمِّلِهِ ، وَرِسَالَةٌ دَلَّتْ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ الْمُرْسَلِ بِهَا ، وَبُرْهَانٌ شَهِدَ لَهُ بُرْهَانُ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ ، وَبَيِّنَةٌ عَلَى طَرِيقَةِ مَنْ
[ ص: 303 ] سَلَفَ مِنَ الْأَوَّلِينَ . حَيَّرَهُمْ فِيهِ ، إِذْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْقَوْلِ الَّذِي زَعَمُوا أَنَّهُمْ أَدْرَكُوا فِيهِ النِّهَايَةَ ، وَبَلَغُوا فِيهِ الْغَايَةَ ؛ فَعَرَفُوا عَجْزَهُمْ ، كَمَا عَرَفَ قَوْمُ
عِيسَى نُقْصَانَهُمْ فِيمَا قَدَّرُوا مِنْ بُلُوغِ أَقْصَى الْمُمْكِنِ فِي الْعِلَاجِ ، وَالْوُصُولِ إِلَى أَعْلَى مَرَاتِبِ الطِّبِّ ، فَجَاءَهُمْ بِمَا بَهَرَهُمْ : مِنْ إِحْيَاءِ الْمَوْتَى ، وَإِبْرَاءِ الْأَكْمَهِ وَالْأَبْرَصِ ، وَكَمَا أَتَى
مُوسَى بِالْعَصَا الَّتِي تَلَقَّفَتْ مَا دَقَّقُوا فِيهِ مِنْ سِحْرِهِمْ ، وَأَتَتْ عَلَى مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِهِمْ ، وَكَمَا سَخَّرَ
لِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ وَالطَّيْرَ وَالْجِنَّ . حِينَ كَانُوا يَوْلَعُونَ بِهِ مِنْ فَائِقِ الصَّنْعَةِ ، وَبَدَائِعِ اللُّطْفِ . ثُمَّ كَانَتْ هَذِهِ الْمُعْجِزَةُ مِمَّا يَقِفُ عَلَيْهَا الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وُقُوفًا وَاحِدًا ، وَيَبْقَى حُكْمُهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .
* * *
انْظُرْ - وَفَّقَكَ اللَّهُ لِمَا هَدَيْنَاكَ إِلَيْهِ - ، وَفَكِّرْ فِي الَّذِي دَلَلْنَاكَ عَلَيْهِ ؛ فَالْحَقُّ مَنْهَجٌ وَاضِحٌ ، وَالدِّينُ مِيزَانٌ رَاجِحٌ ؛ وَالْجَهْلُ لَا يَزِيدُ إِلَّا عَمًى ، وَلَا يُورِثُ إِلَّا نَدَمًا .
قَالَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=9قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مِنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=26يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا .
وَعَلَى حَسَبِ مَا آتَى مِنَ الْفَضْلِ ، وَأَعْطَى مِنَ الْكَمَالِ وَالْعَقْلِ - تَقَعُ الْهِدَايَةُ وَالتَّبْيِينُ ؛ فَإِنَّ الْأُمُورَ تَتِمُّ بِأَسْبَابِهَا ، وَتَحْصُلُ بِآلَتِهَا ، وَمَنْ سَلَبَهُ
[ ص: 304 ] التَّوْفِيقَ ، وَحَرَمَهُ الْإِرْشَادَ وَالتَّسْدِيدَ -
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=31فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=98لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلا .
فَاحْمَدِ اللَّهَ عَلَى مَا رَزَقَكَ مِنَ الْفَهْمِ إِنْ فَهِمْتَ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=114وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ، إِنْ أَنْتَ عَلِمْتَ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=97وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=98وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ .
وَإِنِ ارْتَبْتَ فِيمَا بَيَّنَّاهُ فَازْدَدْ فِي تَعَلُّمِ الصَّنْعَةِ ، وَتَقَدَّمْ فِي الْمَعْرِفَةِ ، فَسَيَقَعُ بِكَ عَلَى الطَّرِيقِ الْأَرْشَدِ ، وَسَيَقِفُ بِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْأَحْمَدِ ؛ فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ أَحَطْتَ عِلْمًا ، وَتَيَقَّنْتَ فَهْمًا .
وَلَا يُوَسْوِسْ إِلَيْكَ الشَّيْطَانُ بِأَنَّهُ قَدْ كَانَ مِمَّنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ بِالْعَرَبِيَّةِ ، وَأَدْرَبُ مِنْكَ فِي الْفَصَاحَةِ ؛ أَقْوَامٌ وَأَيُّ أَقْوَامٍ ، وَرِجَالٌ وَأَيُّ رِجَالٍ ، فَكَذَّبُوا وَارْتَابُوا ؛ لِأَنَّ الْقَوْمَ لَمْ يَذْهَبُوا عَنِ الْإِعْجَازِ ، وَلَكِنِ اخْتَلَفَتْ أَحْوَالُهُمْ ؛ فَكَانُوا بَيْنَ جَاهِلٍ وَجَاحِدٍ ، وَبَيْنَ كَافِرِ نِعْمَةٍ وَحَاسِدٍ ؛ وَبَيْنَ ذَاهِبٍ عَنْ طَرِيقِ الِاسْتِدْلَالِ بِالْمُعْجِزَاتِ ، وَحَائِدٍ عَنِ النَّظَرِ فِي الدَّلَالَاتِ ، وَنَاقِصٍ فِي بَابِ الْبَحْثِ ، وَمُخْتَلِّ الْآلَةِ فِي وَجْهِ الْفَحْصِ ، وَمُسْتَهِينٍ بِأَمْرِ الْأَدْيَانِ ، وَغَاوٍ تَحْتَ حُبَالَةِ الشَّيْطَانِ ، وَمَقْذُوفٍ بِخِذْلَانِ الرَّحْمَنِ . وَأَسْبَابُ الْخِذْلَانِ وَالْجَهَالَةِ كَثِيرَةٌ ، وَدَرَجَاتُ الْحِرْمَانِ مُخْتَلِفَةٌ .
وَهَلَّا جَعَلْتَ بِإِزَاءِ الْكَفَرَةِ ، مِثْلَ "
لَبِيدِ بْنِ رَبِيعَةَ الْعَامِرِيِّ " فِي حُسْنِ
[ ص: 305 ] إِسْلَامِهِ ، وَ
" كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ " فِي صِدْقِ إِيمَانِهِ ، وَ
nindex.php?page=showalam&ids=144 " حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ " وَغَيْرِهِمْ : مِنَ الشُّعَرَاءِ وَالْخُطَبَاءِ الَّذِينَ أَسْلَمُوا ؟
عَلَى أَنَّ الصَّدْرَ الْأَوَّلَ مَا فِيهِمْ إِلَّا نَجْمٌ زَاهِرٌ ، أَوْ بَحْرٌ زَاخِرٌ .
وَقَدْ بَيَّنَّا : أَنْ لَا اعْتِصَامَ إِلَّا بِهِدَايَةِ اللَّهِ ، وَلَا تَوْفِيقَ إِلَّا بِنِعْمَةِ اللَّهِ ، وَذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ .
فَتَأَمَّلْ مَا عَرَّفْنَاكَ فِي كِتَابِنَا ، وَفَرِّغْ لَهُ قَلْبَكَ ، وَاجْمَعْ عَلَيْهِ لُبَّكَ ؛ ثُمَّ اعْتَصِمْ بِاللَّهِ يَهْدِكَ ، وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ يُعِنْكَ وَيُجِرْكَ ، وَاسْتَرْشِدْهُ يُرْشِدْكَ ؛ وَهُوَ حَسْبِي وَحَسْبُكَ ، وَنِعْمَ الْوَكِيلُ .