الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون

                                                                                                                                                                                                                                      89 - لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم اللغو في اليمين: الساقط الذي لا يتعلق به حكم، وهو أن يحلف على شيء يرى أنه كذلك وليس كما ظن، وكانوا حلفوا على تحريم الطيبات على ظن أنه قربة، فلما نزلت الآية قالوا: فكيف بأيماننا؟ فنزلت. وعند الشافعي رحمه الله: ما يجري على اللسان بلا قصد ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان أي: بتعقيدكم الأيمان، [ ص: 472 ] وهو توثيقها. وبالتخفيف: كوفي غير حفص. والعقد: العزم على الوطء، وذا لا يتصور في الماضي، فلا كفارة في الغموس، وعند الشافعي رحمه الله: القصد بالقلب، ويمين الغموس مقصودة، فكانت معقودة، فكانت الكفارة فيها مشروعة. والمعنى: ولكن يؤاخذكم بما عقدتم إذا حنثتم، فحذف وقت المؤاخذة; لأنه كان معلوما عندهم. أو بنكث ما عقدتم، فحذف المضاف فكفارته أي: فكفارة نكثه، أو فكفارة معقود الأيمان والكفارة الفعلة التي من شأنها أن تكفر الخطيئة، أي: تسترها إطعام عشرة مساكين هو أن يغديهم ويعشيهم، ويجوز أن يعطيهم بطريق التمليك، وهو لكل أحد نصف صاع من بر، أو صاع من شعير، أو صاع من تمر. وعند الشافعي رحمه الله: مد لكل مسكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أي: غداء وعشاء من بر: إذ الأوسع، ثلاث مرات مع الإدام، والأدنى: مرة من تمر، أو شعير أو كسوتهم عطف على "إطعام" أو على محل من أوسط ووجهه أن من أوسط بدل من "إطعام" والبدل هو المقصود في الكلام، وهو ثوب يغطي العورة، وعن ابن عمر رضي الله عنهما: إزار، أو قميص، أو رداء. أو تحرير رقبة مؤمنة، أو كافرة لإطلاق النص، وشرط الشافعي رحمه الله الإيمان حملا للمطلق على المقيد في كفارة القتل. ومعنى "أو" التخيير، وإيجاب إحدى الكفارات الثلاث فمن لم يجد إحداها فصيام ثلاثة أيام متتابعة; لقراءة أبي وابن مسعود كذلك ذلك المذكور، كفارة أيمانكم إذا حلفتم وحنثتم، فترك ذكر الحنث لوقوع العلم بأن الكفارة لا تجب بنفس الحلف، ولذا لم يجز التكفير قبل الحنث واحفظوا أيمانكم فبروا فيها، ولا تحنثوا إذا لم يكن الحنث خيرا، أو ولا تحلفوا أصلا [ ص: 473 ] كذلك مثل ذلك البيان يبين الله لكم آياته أعلام شريعته، وأحكامه لعلكم تشكرون نعمته فيما يعلمكم، ويسهل عليكم المخرج منه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية