الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( ولنجعلك آية للناس )

قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بذلك : ( ولنجعلك آية للناس ) أمتناك مائة عام ثم بعثناك .

وإنما أدخلت " الواو " مع اللام التي في قوله : ( ولنجعلك آية للناس ) وهو [ ص: 474 ] بمعنى " كي " لأن في دخولها في كي وأخواتها دلالة على أنها شرط لفعل بعدها بمعنى : ولنجعلك كذا وكذا فعلنا ذلك . ولو لم تكن قبل " اللام " أعني " لام " كي " واو " كانت " اللام " شرطا للفعل الذي قبلها ، وكان يكون معناه : وانظر إلى حمارك ، لنجعلك آية للناس .

وإنما عنى بقوله : ( ولنجعلك آية ) ولنجعلك حجة على من جهل قدرتي ، وشك في عظمتي ، وأنا القادر على فعل ما أشاء من إماتة وإحياء ، وإنشاء ، وإنعام وإذلال ، وإقتار وإغناء ، بيدي ذلك كله ، لا يملكه أحد دوني ، ولا يقدر عليه غيري .

وكان بعض أهل التأويل يقول : كان آية للناس ؛ بأنه جاء بعد مائة عام إلى ولده وولد ولده ، شابا وهم شيوخ .

ذكر من قال ذلك :

5946 - حدثني المثنى قال : أخبرنا إسحاق قال : حدثنا قبيصة بن عقبة ، عن سفيان قال : سمعت الأعمش يقول : ( ولنجعلك آية للناس ) قال : جاء شابا وولده شيوخ .

وقال آخرون : معنى ذلك أنه جاء وقد هلك من يعرفه ، فكان آية لمن قدم عليه من قومه .

ذكر من قال ذلك :

5947 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي قال : رجع إلى أهله ، فوجد داره قد بيعت وبنيت ، وهلك من كان يعرفه ، [ ص: 475 ] فقال : اخرجوا من داري قالوا : ومن أنت ؟ قال : أنا عزير ! قالوا : أليس قد هلك عزير منذ كذا وكذا ! ! قال : فإن عزيرا أنا هو ، كان من حالي وكان ، فلما عرفوا ذلك ، خرجوا له من الدار ودفعوها إليه .

قال أبو جعفر : والذي هو أولى بتأويل الآية من القول أن يقال : إن الله - تعالى ذكره - أخبر أنه جعل الذي وصف صفته في هذه الآية حجة للناس ، فكان ذلك حجة على من عرفه من ولده وقومه ممن علم موته ، وإحياء الله إياه بعد مماته ، وعلى من بعث إليه منهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية