الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4100 - وعن جابر - رضي الله عنهما - قال : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتل الكلاب ، حتى إن المرأة تقدم من البادية بكلبها فنقتله ، ثم نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتلها ، وقال : " عليكم بالأسود البهيم ذي النقطتين فإنه شيطان " . رواه مسلم .

التالي السابق


4100 - ( وعن جابر - رضي الله عنهما - قال : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتل الكلاب ) أي : كلاب المدينة ( حتى إن المرأة ) : بكسر إن ، والمراد بالمرأة الجنس ، والمعنى أن المرأة ( تقدم ) : بفتح الدال أي : تجيء ( من البادية بكلبها فنقتله ) : بالنون أي : نحن ، وفي نسخة بالتاء أي : هي بنفسها . قال الطيبي : حتى هي الداخلة على الجملة وهي غاية المحذوف أي : أمرنا بقتل الكلاب فقتلنا ولم ندع في المدينة كلبا إلا قتلناه ، حتى نقتل كلب المرأة من أهل البادية ، وكذا نص في حديث آخر . ( ثم نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتلها ) أي : عن قتل الكلاب بعمومها ( وقال : عليكم بالأسود ) أي : بقتله ( البهيم ) أي : الذي لا بياض فيه ( ذي النقطتين ) أي : الذي فوق عينيه نقطتان بيضاوان فإنه شيطان ) : قال القاضي أبو ليلى ، فإن قيل : ما معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - في الكلب الأسود : ( إنه شيطان ) ومعلوم أنه مولود من كلب ، وكذلك قوله في الإبل إنها جن وهو مولودة من النوق ؟ فالجواب : أنه إنما قال ذلك على طريق التشبيه لهما بالشيطان والجن ، لأن الكلب الأسود شر الكلاب وأقلها نفعا ، والإبل شبه الجن في صعوبتها وصاتها . وفي شرح السنة : قيل في تخصيص كلاب المدينة بالقتل من حيث إن المدينة كانت مهبط الملائكة بالوحي ، وهم لا يدخلون بيتا فيه كلب ، وجعل الكلب الأسود البهيم شيطانا لخبثه ، فإنه أضر الكلاب وأعقرها ، والكلب أسرع إليه منه إلى جميعها ، وهي مع هذا أقلها نفعا ، وأسوؤها حراسة ، وأبعدها من الصيد ، وأكثرها نعاسا ، وحكي عن أحمد وإسحاق أنهما قالا : يحل صيد الكلب الأسود . وقال النووي : أجمعوا على قتل العقور ، واختلفوا فيما لا ضرر فيه . قال إمام الحرمين : أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتلها كلها ، ثم نسخ ذلك إلا الأسود البهيم ، ثم استقر الشرع على النهي عن قتل جميع الكلاب حيث لا ضرر فيها حتى الأسود البهيم اهـ . وهو يحتاج إلى زيادة بيان وإفادة برهان . ( رواه مسلم ) .




الخدمات العلمية