الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
290 وحدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12246أحمد بن جواس الحنفي أبو عاصم حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=11820أبو الأحوص عن شبيب بن غرقدة عن عبد الله بن شهاب الخولاني قال كنت نازلا على nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة nindex.php?page=hadith&LINKID=657445فاحتلمت في ثوبي فغمستهما في الماء فرأتني جارية nindex.php?page=showalam&ids=25لعائشة فأخبرتها فبعثت إلي عائشة فقالت nindex.php?page=treesubj&link=25645_31374_32566_32567ما حملك على ما صنعت بثوبيك قال قلت رأيت ما يرى النائم في منامه قالت هل رأيت فيهما شيئا قلت لا قالت فلو رأيت شيئا غسلته لقد رأيتني وإني لأحكه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم يابسا بظفري
فيه ( nindex.php?page=hadith&LINKID=3504510أن رجلا نزل بعائشة فأصبح يغسل ثوبه فقالت عائشة : إنما كان يجزئك إن رأيته أن تغسل مكانه فإن لم تر نضحت حوله . لقد رأيتني أفركه من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فركا فيصلي فيه ) وفي الرواية الأخرى : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=3504511كنت أفركه من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) وفي الرواية الأخرى : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=3504512أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يغسل المني ثم يخرج إلى الصلاة في ذلك الثوب ) وفي الرواية الأخرى : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=3504513أن عائشة قالت للذي احتلم في ثوبيه وغسلهما : هل رأيت فيهما شيئا ؟ قال : لا . . . قالت : فلو رأيت شيئا غسلته ، لقد رأيتني وإني لأحكه من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يابسا بظفري ) .
اختلف العلماء في nindex.php?page=treesubj&link=25294طهارة مني الآدمي ، فذهب مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة إلى نجاسته ، إلا أن أبا حنيفة قال : يكفي في تطهيره فركه إذا كان يابسا ، وهو رواية عن أحمد ، وقال مالك : لا بد من غسله رطبا ويابسا ، وقال الليث : هو نجس ولا تعاد الصلاة منه ، وقال الحسن : لا تعاد الصلاة من المني في الثوب وإن [ ص: 530 ] كان كثيرا ، وتعاد منه في الجسد إن قل ، وذهب كثيرون إلى أن المني طاهر ، روي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=37وسعد بن أبي وقاص nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة وداود وأحمد في أصح الروايتين ، وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأصحاب الحديث ، وقد غلط من أوهم أن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - تعالى - منفرد بطهارته . ودليل القائلين بالنجاسة رواية الغسل . ودليل القائلين بالطهارة رواية الفرك ، فلو كان نجسا لم يكف فركه كالدم وغيره ، قالوا : ورواية الغسل محمولة على الاستحباب والتنزه واختيار النظافة . والله أعلم .
هذا حكم مني الآدمي ، ولنا قول شاذ ضعيف : أن مني المرأة نجس دون مني الرجل ، وقول أشذ منه أن مني المرأة والرجل نجس ، والصواب أنهما طاهران ، وهل يحل nindex.php?page=treesubj&link=25294_16902_16903أكل المني الطاهر ؟ فيه وجهان أظهرهما : لا يحل لأنه مستقذر ، فهو داخل في جملة الخبائث المحرمة علينا ، وأما مني باقي الحيوانات غير الآدمي فمنها الكلب والخنزير والمتولد من أحدهما وحيوان طاهر ومنيها نجس بلا خلاف ، وما عداها من الحيوانات في منيه ثلاثة أوجه : الأصح : أنها كلها طاهرة من مأكول اللحم وغيره ، والثاني : أنها نجسة . والثالث : مني مأكول اللحم طاهر ، ومني غيره نجس . والله أعلم .
وأما ألفاظ الباب : ففيه ( nindex.php?page=showalam&ids=15800خالد بن عبد الله عن خالد عن أبي معشر ) واسمه زياد بن كليب التميمي الحنظلي الكوفي . وأما ( خالد ) الأول فهو الواسطي الطحان . وأما ( خالد ) الثاني فهو الحذاء وهو nindex.php?page=showalam&ids=15804خالد بن مهران أبو المنازل بضم الميم البصري . وفيه قولها : ( كان يجزئك ) هو بضم الياء وبالهمز . وفيه ( nindex.php?page=showalam&ids=12246أحمد بن جواس ) هو بجيم مفتوحة ثم واو مشددة ثم ألف ثم سين مهملة . وفيه ( شبيب بن غرقدة ) هو بفتح الغين [ ص: 531 ] المعجمة وإسكان الراء وفتح القاف . وفيه قولها : ( فلو رأيت شيئا غسلته ) هو استفهام إنكار حذفت منه الهمزة ، تقديره : أكنت غاسله معتقدا وهو غسله ، وكيف تفعل هذا وقد كنت أحكه من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يابسا بظفري ولو كان نجسا لم يتركه النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يكتف بحكه ، والله أعلم .
وقد استدل جماعة من العلماء بهذا الحديث على nindex.php?page=treesubj&link=91طهارة رطوبة فرج المرأة ، وفيها خلاف مشهور عندنا وعند غيرنا والأظهر طهارتها ; وتعلق المحتجون بهذا الحديث بأن قالوا الاحتلام مستحيل في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - ; لأنه من تلاعب الشيطان بالنائم ، فلا يكون المني الذي على ثوبه - صلى الله عليه وسلم - إلا من الجماع ، ويلزم من ذلك مرور المني على موضع أصاب رطوبة الفرج ، فلو كانت الرطوبة نجسة لتنجس بها المني ولما تركه في ثوبه ولما اكتفى بالفرك ، وأجاب القائلون بنجاسة رطوبة فرج المرأة بجوابين أحدهما : جواب بعضهم أنه يمتنع استحالة الاحتلام منه - صلى الله عليه وسلم - وكونها من تلاعب الشيطان بل الاحتلام منه جائز - صلى الله عليه وسلم - ، وليس هو من تلاعب الشيطان ، بل هو فيض زيادة المني يخرج في وقت ، والثاني : أنه يجوز أن يكون ذلك المني حصل بمقدمات جماع فسقط منه شيء على الثوب ، وأما المتلطخ بالرطوبة فلم يكن على الثوب . والله أعلم .