الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر استعمال سعيد خذينة على خراسان لمسلمة

استعمل مسلمة على خراسان سعيد بن عبد العزيز بن الحارث بن الحكم بن أبي العاص بن أمية ، وهو الذي يقال له سعيد خذينة ، وإنما لقب بذلك لأنه كان رجلا لينا متنعما ، فدخل عليه ملك أبغر وسعيد في ثياب مصبغة ، وحوله مرافق مصبغة ، فلما خرج من عنده قالوا : كيف رأيت الأمير ؟ قال : خذينة ، فلقب خذينة ، وخذينة هي الدهقانة ربة البيت .

وكان سعيد تزوج ابنة مسلمة ، فلهذا استعمله على خراسان . فلما استعمل مسلمة سعيدا على خراسان ، سار إليها ، فاستعمل شعبة بن ظهير النهشلي على سمرقند ، فسار إليها ، فقدم الصغد ، وكان أهلها كفروا في ولاية عبد الرحمن بن نعيم ، ثم عادوا إلى الصلح ، فخطب شعبة أهل الصغد ، ووبخ سكانها من العرب وغيرهم بالجبن ، وقال : ما أرى فيكم جريحا ، ولا أسمع أنة . فاعتذروا إليه بأن جبنوا أميرهم علباء بن حبيب العبدي .

وأخذ سعيد عمال عبد الرحمن بن عبد الله الذين ولوا أيام عمر بن عبد العزيز ، فحبسهم ثم أطلقهم ، ثم رفع إلى سعيد أن جهم بن زحر الجعفي ، وعبد العزيز بن عمرو بن الحجاج الزبيدي ، والمنتجع بن عبد الرحمن الأزدي ، ولوا ليزيد بن المهلب في [ ص: 139 ] ثمانية نفر وعندهم أموال قد اختانوها [ من فيء المسلمين . فأرسل إليهم ] فحبسهم بقهندز مرو ، وحمل جهم بن زحر على حمار وأطاف به ، فضربه مائتي سوط ، وأمر به وبالثمانية الذين حبسوا معه فسلموا إلى ورقاء بن نصر الباهلي فاستعفاه ، فأعفاه ، فسلمهم إلى عبد الحميد بن دثار ، وعبد الملك بن دثار ، والزبير بن نشيط مولى باهلة ، فقتلوا في العذاب جهم بن زحر ، وعبد العزيز ، والمنتجع ، وعذبوا القعقاع وقوما حتى أشفوا على الموت ، فلم يزالوا في السجن حتى غزاهم الترك والصغد ، فأمر سعيد بإخراجهم ، وكان يقول : قبح الله الزبير ، فإنه قتل جهما !

التالي السابق


الخدمات العلمية