الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى )

قال أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله : " إذا تداينتم " يعني : إذا تبايعتم بدين ، أو اشتريتم به ، أو تعاطيتم أو أخذتم به " إلى أجل مسمى " يقول : إلى وقت معلوم وقتموه بينكم . وقد يدخل في ذلك القرض والسلم ، وكل ما جاز [ فيه ] السلم مسمى أجل بيعه يصير دينا على بائع ما أسلم إليه فيه . ويحتمل بيع الحاضر الجائز بيعه من الأملاك بالأثمان المؤجلة . كل ذلك من الديون المؤجلة إلى أجل مسمى ، إذا كانت آجالها معلومة بحد موقوف عليه .

وكان ابن عباس يقول نزلت هذه الآية في السلم خاصة .

ذكر الرواية عنه بذلك :

6317 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا يحيى بن عيسى الرملي عن سفيان عن ابن أبي نجيح قال قال ابن عباس في : " يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى " قال : السلم في الحنطة ، في كيل معلوم إلى أجل معلوم . [ ص: 44 ]

6318 - حدثني محمد بن عبد الله المخرمي قال : حدثنا يحيى بن الصامت قال : حدثنا ابن المبارك عن سفيان عن أبي حيان عن ابن أبي نجيح عن ابن عباس : " يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين " قال : نزلت في السلم ، في كيل معلوم إلى أجل معلوم .

6319 - حدثنا علي بن سهل قال : حدثنا زيد بن أبي الزرقاء عن سفيان عن أبي حيان عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية : " إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه " في السلم ، في الحنطة ، في كيل معلوم إلى أجل معلوم .

6320 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا محمد بن محبب قال : حدثنا سفيان عن [ ص: 45 ] أبي حيان التيمي عن رجل ، عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية : " يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى " في السلف في الحنطة ، في كيل معلوم إلى أجل معلوم .

6321 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا معاذ بن هشام قال حدثني أبي ، عن قتادة عن أبي حسان عن ابن عباس قال : أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى أن الله - عز وجل - قد أحله وأذن فيه . ويتلو هذه الآية : " إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى " [ ص: 46 ]

قال أبو جعفر : فإن قال قائل : وما وجه قوله : " بدين " وقد دل بقوله : " إذا تداينتم " عليه ؟ وهل تكون مداينة بغير دين ، فاحتيج إلى أن يقال " بدين " ؟ قيل : إن العرب لما كان مقولا عندها : " تداينا " بمعنى تجازينا ، وبمعنى : تعاطينا الأخذ والإعطاء بدين أبان الله بقوله : " بدين " المعنى الذي قصد تعريف من سمع قوله : " تداينتم " حكمه ، وأعلمهم أنه حكم الدين دون حكم المجازاة .

وقد زعم بعضهم أن ذلك تأكيد كقوله : ( فسجد الملائكة كلهم أجمعون ) [ سورة الحجر : 30\ سورة ص : 73 ] ، ولا معنى لما قال من ذلك في هذا الموضع .

التالي السابق


الخدمات العلمية