الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 47 ] القول في تأويل قوله تعالى ( فاكتبوه )

قال أبو جعفر : يعني - جل ثناؤه - بقوله : " فاكتبوه " فاكتبوا الدين الذي تداينتموه إلى أجل مسمى من بيع كان ذلك أو قرض .

واختلف أهل العلم في اكتتاب الكتاب بذلك على من هو عليه ، هل هو واجب أو هو ندب .

فقال بعضهم : هو حق واجب وفرض لازم .

ذكر من قال ذلك :

6322 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا أبو زهير عن جويبر عن الضحاك في قوله : " يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه " قال : من باع إلى أجل مسمى أمر أن يكتب ، صغيرا كان أو كبيرا إلى أجل مسمى .

6323 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال حدثني حجاج عن ابن جريج قوله : " يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه " قال : فمن ادان دينا فليكتب ، ومن باع فليشهد .

6324 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن الربيع في قوله : " إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه " فكان هذا واجبا .

6325 - وحدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن الربيع بمثله وزاد فيه ، قال : ثم قامت الرخصة والسعة . قال : ( فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته وليتق الله ربه ) [ ص: 48 ] .

6326 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة قال : ذكر لنا أن أبا سليمان المرعشي ، كان رجلا صحب كعبا ، فقال ذات يوم لأصحابه : هل تعلمون مظلوما دعا ربه فلم يستجب له ؟ قالوا : وكيف يكون ذلك ؟ قال : رجل باع شيئا فلم يكتب ولم يشهد ، فلما حل ماله جحده صاحبه ، فدعا ربه ، فلم يستجب له ، لأنه قد عصى ربه .

وقال آخرون : كان اكتتاب الكتاب بالدين فرضا ، فنسخه قوله : ( فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته ) .

ذكر من قال ذلك :

6327 - حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا الثوري عن ابن شبرمة عن الشعبي قال : لا بأس إذا أمنته أن لا تكتب ولا تشهد ، لقوله : " فإن أمن بعضكم بعضا " قال ابن عيينة قال ابن شبرمة عن الشعبي : إلى هذا انتهى .

6328 - حدثنا المثنى قال : حدثنا عبد الوهاب قال : حدثنا داود عن عامر في هذه الآية : " يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه " حتى بلغ هذا المكان : " فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته " قال : رخص من ذلك ، فمن شاء أن يأتمن صاحبه فليأتمنه . [ ص: 49 ]

6329 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا هارون عن عمرو عن عاصم عن الشعبي قال : إن ائتمنه فلا يشهد عليه ولا يكتب .

6330 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال : فكانوا يرون أن هذه الآية : " فإن أمن بعضكم بعضا " نسخت ما قبلها من الكتابة والشهود ، رخصة ورحمة من الله .

6331 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال حدثني حجاج عن ابن جريج قال : قال غير عطاء : نسخت الكتاب والشهادة : " فإن أمن بعضكم بعضا " .

6332 - حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد : نسخ ذلك قوله : " فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته " قال : فلولا هذا الحرف ، لم يبح لأحد أن يدان بدين إلا بكتاب وشهداء ، أو برهن . فلما جاءت هذه نسخت هذا كله ، صار إلى الأمانة .

6333 - حدثني المثنى قال : حدثنا حجاج قال : حدثنا يزيد بن زريع عن سليمان التيمي قال : سألت الحسن قلت : كل من باع بيعا ينبغي له أن يشهد ؟ قال : ألم تر أن الله - عز وجل - يقول : " فليؤد الذي اؤتمن أمانته " ؟

6334 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا عبد الوهاب قال : حدثنا [ ص: 50 ] داود عن عامر في هذه الآية : " يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه " حتى بلغ هذا المكان : " فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته " قال : رخص في ذلك ، فمن شاء أن يأتمن صاحبه فليأتمنه .

6335 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية عن داود عن الشعبي في قوله : " فإن أمن بعضكم بعضا " قال : إن أشهدت فحزم ، وإن لم تشهد ففي حل وسعة .

6336 - حدثني يعقوب قال : حدثنا هشيم عن إسماعيل بن أبي خالد قال : قلت للشعبي : أرأيت الرجل يستدين من الرجل الشيء أحتم عليه أن يشهد ؟ قال : فقرأ إلى قوله : " فإن أمن بعضكم بعضا " قد نسخ ما كان قبله .

6337 - حدثنا عمرو بن علي قال : حدثنا محمد بن مروان العقيلي قال : حدثنا عبد الملك بن أبي نضرة ، [ عن أبيه ] ، عن أبي سعيد الخدري أنه قرأ : " يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى " إلى : " فإن أمن بعضكم بعضا " قال : هذه نسخت ما قبلها .

التالي السابق


الخدمات العلمية