الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة الرابعة : في التحكيم من اليهود : قال ابن القاسم : إذا جاء الأساقفة والزانيان فالحاكم مخير إن شاء حكم أو لا ؟ لأن إنفاذ الحكم حق الأساقفة . وقال غيره : إذا حكم الزانيان الإمام جاز إنفاذه الحكم ، ولا يلتفت إلى الأساقفة ; وهو الأصح ; لأن مسلمين لو حكما بينهما رجلا لنفذ [ حكمه ] ولم يعتبر رضا [ ص: 124 ] الحاكم ; فالكتابيون بذلك أولى ، إذ الحكم ليس بحق للحاكم على الناس ، وإنما هو حق للناس عليه .

                                                                                                                                                                                                              وقال عيسى ، عن ابن القاسم : لم يكونوا أهل ذمة ، إنما كانوا أهل حرب ، وهذا الذي قاله عيسى عنه إنما نزع به لما رواه الطبري وغيره { أن الزانيين كانا من أهل خيبر أو فدك ، وكانوا حربا لرسول الله صلى الله عليه وسلم واسم المرأة الزانية يسرة ، وكانوا بعثوا إلى يهود المدينة يقولون لهم : اسألوا محمدا عن هذا ، فإن أفتاكم بغير الرجم فخذوه منه واقبلوه ، وإن أفتى به فاحذروه ، وهذه فتنة أرادها الله فيهم فنفذت ، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه ، فقال لهم : من أعلم يهود فيكم ؟ قالوا : ابن صوريا . فأرسل إليه في فدك ، فجاء فنشده الله ، فانتشد له وصدقه بالرجم كما تقدم ، وقال له : والله يا محمد ، إنهم ليعلمون أنك رسول الله ، ثم طبع الله على قلبه ، فبقي على كفره . } وهذا لو كان صحيحا لكان مجيئهم بالزانيين وسؤالهم عهدا وأمانا ، وإن لم يكن عهد ذمة ودار لكان لهم حكم الكف عنهم والعدل فيهم ، فلا حجة لرواية عيسى في هذا ، وعنهم أخبر الله سبحانه وتعالى بقوله : { سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك } .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية