الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر غزوة أسد الختل

وفيها غزا أسد الختل ، فوجه مصعب بن عمرو الخزاعي إليها ، فسار فنزل بقرب بدر طرخان فطلب الأمان ليخرج إلى أسد ، فآمنه مصعب ، فسيره إلى أسد ، فسأله أن [ ص: 243 ] يقبل منه ألف ألف درهم ، فأبى أسد وقال : إنك دخلتها وأنت غريب من أهل الباميان ، اخرج من الختل كما دخلت . قال بدرطرخان : فأنت دخلت إلى خراسان على عشرة من الدواب ولو خرجت منها لم تحتمل على خمسمائة بعير وغير ذلك ، إني دخلت الختل شابا ، فاردد علي شبابي ، وخذ ما كسبت منها .

فغضب أسد ورده إلى مصعب ليمكنه من العود إلى حصنه ، فوصل بدرطرخان مع مولى لأسد إلى مصعب ، فأخذه سلمة بن عبيد الله ، وهو من الموالي ، وقال : إن الأمير يندم على تركه وحبسه عنده .

وأقبل أسد بالناس ، فقال لمجشر بن مزاحم : كيف أنت ؟ قال مجشر : كنت أمس أحسن حالا مني اليوم ، كان بدرطرخان في أيدينا وعرض ما عرض ، فلا الأمير قبل منه ما عرض عليه ، ولا هو شد يده عليه ، ولكنه خلى سبيله ، وأمر بإدخاله حصنه . فندم أسد عند ذلك وأرسل إلى مصعب يسأله : هل دخل بدرطرخان حصنه أم لا ؟ فجاء الرسول فوجده عند سلمة بن عبيد الله ، فحوله أسد إليه وأمر به فقطعت يده ، وقال : من هاهنا من أولياء أبي فديك - رجل من الأزد كان بدرطرخان قد قتله ؟ - فقام رجل من الأزد فقال : أنا . فقال : اضرب عنقه ، ففعل . وغلب أسد على القلعة العظمى ، وبقيت قلعة فوقها صغيرة وفيها ولده وأمواله فلم يوصل إليها . وفرق أسد العسكر في أودية الختل فملأ أيديهم من الغنائم والسبي ، وهرب أهله إلى الصين .

التالي السابق


الخدمات العلمية