الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن نافع مولى عبد الله بن عمر أنه قال شهدت الأضحى والفطر مع أبي هريرة فكبر في الركعة الأولى سبع تكبيرات قبل القراءة وفي الآخرة خمس تكبيرات قبل القراءة قال مالك وهو الأمر عندنا قال مالك في رجل وجد الناس قد انصرفوا من الصلاة يوم العيد إنه لا يرى عليه صلاة في المصلى ولا في بيته وإنه إن صلى في المصلى أو في بيته لم أر بذلك بأسا ويكبر سبعا في الأولى قبل القراءة وخمسا في الثانية قبل القراءة

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          434 436 - ( مالك ، عن نافع مولى عبد الله بن عمر أنه قال : شهدت الأضحى والفطر مع أبي في الركعة الأولى سبع تكبيرات قبل القراءة ، وفي الآخرة خمس تكبيرات قبل القراءة ) وهذا لا يكون رأيا لا توقيفا يجب التسليم له ، وقد جاء ذلك عنه - صلى الله عليه وسلم - من طرق حسان ، وبه قال مالك والشافعي إلا أن مالكا عد في الأولى تكبيرة الإحرام .

                                                                                                          وقال الشافعي سواها والفقهاء على أن الخمس في الثانية غير تكبيرة القيام ، قاله ابن عبد البر .

                                                                                                          ( قال مالك : وهو الأمر عندنا ) بالمدينة .

                                                                                                          وروى أحمد وأبو داود ، عن عبد الله بن عمرو بن العاصي مرفوعا : " التكبير في الفطر سبع في الأولى وخمس في الآخرة ، والقراءة بعدهما كلتيهما " قال الترمذي في العلل : سألت عنه محمدا يعني البخاري ، فقال : صحيح .

                                                                                                          وفي الترمذي : " أنه - صلى الله عليه وسلم - كبر بعد القراءة " وبه أخذ أبو حنيفة لكن في إسناده كذب ، ولذا قال ابن دحية : هو أقبح حديث في جامع الترمذي .

                                                                                                          قال بعض العلماء : حكمة هذا العدد أنه لما كان للوترية أثر عظيم في التذكير بالوتر الصمد الواحد الأحد ، وكان للسبعة منها مدخل عظيم في الشرع جعل تكبير صلاة العيد وترا وجعل سبعا في الأولى لذلك ، وتذكيرا بأعمال الحج السبعة من الطواف والسعي والجمار تشويقا إليها ؛ لأن النظر إلى العيد الأكبر أكثر ، وتذكيرا بخالق هذا الوجود بالتفكر في أفعاله المعروفة من خلق السماوات السبع والأرضين السبع وما فيها من الأيام السبع ؛ لأنه خلقهما في ستة أيام وخلق آدم في السابع يوم الجمعة ، ولما جرت عادة الشارع بالرفق بهذه الأمة ، ومنه تخفيف الثانية عن الأولى ، وكانت الخمسة أقرب وترا إلى السبعة من دونها جعل تكبير الثانية خمسا لذلك .

                                                                                                          وقال ابن زرقون : قال بعض أصحابنا : حكمة زيادة التكبير إحدى عشرة أنها عدد تكبير ركعتين فكأنه استدراك فضيلة أربع ركعات كما استدرك فضيلة أربع ركعات في صلاة الكسوف بالركوع الزائد فيها .

                                                                                                          [ ص: 620 ] قلت : واستدراك ذلك في الجمعة بالخطبة ، ولذا جعلت خطبتين مقام ركعتين .

                                                                                                          ولا يقال : هلا جعلت الخطبة في العيد لاستدراك ذلك ؟ لأن الخطبة ليست بشرط في صحة صلاته كما هي شرط في صلاة الجمعة ، انتهى .

                                                                                                          ( قال مالك في رجل وجد الناس قد انصرفوا من الصلاة يوم العيد أنه لا يرى عليه صلاة في المصلى ولا في بيته ) لأن صلاة العيد سنة للجماعة الرجال الأحرار ، فمن فاتته تلك السنة لم يلزمه صلاتها قاله ابن عبد البر .

                                                                                                          ( وأنه إن صلى في المصلى أو في بيته لم أر بذلك بأسا ) أي : يجوز خلافا لجماعة قالوا : لا تصلى إذا فاتت ( ويكبر سبعا ) بالإحرام ( في الأولى قبل القراءة وخمسا ) غير تكبيرة القيام ( في الثانية قبل القراءة ) على سنتها جماعة خلافا لقول النووي وأحمد : إن صلاها وحده صلى أربعا ، وسلفهما قول ابن مسعود : من فاتته العيد مع الإمام صلى أربعا ؛ رواه سعيد بن منصور .

                                                                                                          قال الزين بن المنير : كأنهم قاسوها على الجمعة لكن الفرق ظاهر ؛ لأن من فاتته الجمعة يعود لفرضه من الظهر بخلاف العيد ، وخيره أبو حنيفة بين الفعل والترك وبين الثنتين والأربع .




                                                                                                          الخدمات العلمية